تم أخيرا التوقيع على قرار وزاري مشترك يتعلق بالمصادقة على الاتفاقية المبرمة بين وزارة العدل و الحريات، وصندوق الإيداع والتدبير، لتسيير عملية "صندوق التكافل العائلي"، ووقع على هذا القرار المشترك كل من وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، ووزير الاقتصاد المالية نزار بركة. و حدد سقف الاستفادة من صندوق التكافل العائلي في مبلغ 350 درهم عن كل شهر لكل مستفيد بالنسبة للأم المعوزة المطلقة، ومستحقي النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية على أن لايتعدى مجموع المخصصات المالية لأفراد الأسرة الواحدة 1050 درهم. إحداث هذا الصندوق ورد ذكره في الخطاب الملكي ليوم 29 يناير 2003 بمناسبة افتتاح السنة القضائية، إذ دعا فيه الملك محمد السادس إلى دراسة متأنية للمشروع ليكون بمثابة مؤسسة رائدة تتكفل ببعض الشرائح الاجتماعية التي تعيش ظروفا صعبة، ولاسيما الأمهات والأطفال القاصرين الذين لا يتم الإنفاق عليهم، و تم تأصيل هذه الدعوة تشريعيا من خلال تضمن الظهير الشريف 22.04 .1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424(3فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 03.70 بمثابة مدونة الأسرة مقتضى ينص على ضرورة إنشاء صندوق للتكافل العائلي وأن قانون تنظيمي سيصدر لكي ينظم أحكامه ومساطره. وقد جاءت هذه الخطوة كتتمة لمسلسل من الإجراءات التي قام بها المغرب في اتجاه تحقيق سياسة اجتماعية مبنية على التكافل الاجتماعي، ومحاربة الفقر والهشاشة، وماينتج عن ذلك من ظواهر اجتماعية جد سلبية..من بينها تراكم الملفات المتعلقة بالنفقة، وتماطل في التنفيد ناهيك عن توايد عدد الشكايات المتعلقة بامتناع الالزوج عن الأداء. المحامي خالد الإدريسي يناقش في الملف الحالي كيفية الاستفادة من الصندوق، الفئة المعنية، وأهم الانتقادات الموجهة إليه. مساطر الاستفادة في تعليق له، أكد خالد الإدريسي، محامي بهيئة الرباط، أنه بالرغم من أن هذا المقتضى القانوني بقي حبرا على ورق منذ دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، إلا أن قانون المالية لسنة 2011 كان حاسما في مادته 16 المكررة، وأكد على إحداث حساب خصوصي تحت إسم صندوق التكافل العائلي، وبناءا عليه صدر الظهير الشريف رقم 191. 10. 1 الصادر بتاريخ 7 محرم 1432(13دسمبر 2010) بتنفيد القانون رقم 10. 41 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الإستفادة من صندوق التكافل العائلي، هذا القانون الأخير نص في مادته الثانية على شروط الاستفادة من المخصصات المالية لهذا الصندوق في حالة تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة أو تعذر التنفيذ لعسر المحكوم عليه أوغيابه، أوعدم العثور عليه. كما أن من الشروط أيضا إثبات الأم المطلقة عوزها، والأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية. وقد أفرد هذا القانون مجموعة من الإجراءات والمساطر سواء تعلق الأمر بالطلب الذي يتوجب أن يوجه إلى رئيس المحكمة الإبتدائية المصدرة للمقرر القضائي أو المكلفة بالتنفيذ أو من ينوب عنه المادة( 4 و7 و8 و9 و10 و11 و12 ) أو بأجل تقديم الطلب الذي حصره المشرع في ضرورة انصرام شهرين على تأخر التنفيذ (المادة 5)، أومرفقات الطلب التي سيحددها نص تنظيمي المادة16، أو المتابعات الجنائية في حالة الحصول على مخصصات مالية غير مستحقة (المادة 13)، وأيضا أحال هذا القانون على المادة 14 من القانون المتعلق بتحصيل الديون العمومية فيما يتعلق باسترجاع الهيئة المختصة من الملزم بالنفقة المخصصات المالية المؤاداة. وأضاف الإدريسي، أنه من المعلوم أن قانون المالية الذي أحدث الحساب الخصوصي للخزينة، والمسمى بصندوق التكافل العائلي قد جعل وزير العدل هو الآمر بقبض موارده وصرف نفقاته، ويتضمن هذا الحساب جانب دائن، يتعلق الأمر بالمخصصات التالية:20 في المائة من حصيلة الرسوم القضائية، حصيلة استرجاع التسبيقات المدفوعة من الحساب بدون حق مع احتمال زيادة الاداءات، استرجاع المبالغ المدفوعة من الحساب بدون حق مع احتمال زيادة الجزاءات، الموارد الممكن رصدها لفائدة الحساب بموجب تشريع أو تنظيم 5) الهبات والوصايا، الموارد المختلفة، بينما الجانب المدين لهذا الحساب يتكون بالأساس من المبالغ المدفوعة كتسبيق من أجل النفقة لفائدة الأم المعوزة المطلقة، وأبنائها الواجبة لهم بعد حل ميثاق الزوجية وذلك وفق الشروط المحدد في القانون رقم 03-70 المشار إليه أعلاه . أحكام الاستفادة مما لا شك فيه أن إيجابيات صندوق التكافل العائلي، سيما وأنه يمثل حماية حقيقية لمصالح فئة عريضة من المجتمع "الأمهات والأطفال ضحايا مساطر انحلال ميثاق الزوجية"، إلا أن هناك مجموعة من الملاحظات التي قد تنقص من إيجابيات هذه المؤسسة، ويتعلق الأمر حسب الأستاذ خالد الإدرسي إما بأحكام الاستفادة منه فيما يتعلق بالأشخاص، أوفيما يتعلق بموارد هذا الصندوق، والمساطر أو الإجراءات الخاصة به، فعلى مستوى الفئات المستفيدة نجد أن القانون ضيق من نطاق المستفيدين وحصره في الأمهات و الأبناء الموجودين في حالة عوز بعد الطلاق أوالتطليق، ولكن الملاحظ أن هناك عدة فئات كان يمكن أن تستفيد من المخصصات المالية التي يمنحها هذا الصندوق مادام أنه جاء بالأساس من أجل تحقيق التكافل العائلي والمجتمعي، وأظن على أن المرأة و الأبناء الموجودين في حالة عوز قبل إنتهاء مسطرة انحلال ميثاق الزوجية كيفما كان نوعها يجب أن يستفيدوا من منح هذا الصندوق خاصة وأن المسطرة تنتابها العديد من الأحيان عراقيل كطول المدة أومشاكل في التبليغ أو ماشابه، سيما وأن العديد من المساطر لاتستغرق فقط شهورا، وإنما يمتد الأمر إلى سنوات، وأيضا من الأشخاص الذين حرمهم القانون المحدث لهذا الصندوق رغم أحقيتهم بمخصصاته هم فئة الأطفال اليتامى فلا فرق بين الأطفال ضحية الطلاق والأطفال اليتامى اللذين يستحقون إلتفاتة مجتمعية، وتكافلا لمساعدتهم على العيش في كرامة، لذلك كان على المشرع أن يدمج هذه الفئة التي تعاني من الفقر في غالب الأحوال. وفيما يتعلق بإثبات حالة العوز-يقول الأستاذ الإدريسي- فإن الأمر يتطلب مجرد شهادة إدارية صادرة عن السلطات المحلية، مما سيفتح الباب على مصراعيه للتحايل والرشوة. موارد الصندوق وفيما يتعلق بالجانب الدائن للصندوق أوالموارد التي سيتم الاعتماد عليها من أجل جمع الأموال التي ستخصص للمستفيدين، يرى الأستاذ الإدريسي، أنها غير كافية، وبالتالي كان من الممكن اللجوء إلى موارد أخرى من أجل أن يكون هذا الصندوق مليء الذمة، ولا يحدث له عجز قد يؤدي إلى حرمان هذه الفئات من خدماته في المستقبل، وعلى سبيل المثال لا الحصر كان يمكن أن تكون من بين موارد الصندوق بعض الرسوم والضرائب التي يمكن أن تفرض على المشروبات الكحولية، وعلى التبغ وهذا المورد لوحده سيضمن سيولة مهمة لهذا الصندوق يستطيع من خلاله أن يؤدي مهامه بشكل فعال ومستمر. وفي تعليق له على المسطرة المتعلقة بالاستفادة من الصندوق، أكد الأستاذ الإدريسي، أنه بالتأمل في مواد القانون 03-70 يتبين أن المسطرة يطبعها الكثير من التعقيد، ولا تتميز بالسلاسة اللازمة وبالسرعة المتطلبة من أجل تحقيق استفادة المستفيدين بشكل سريع ،فالمسطرة المتبعة أمام رئيس المحكمة الابتدائية من حيث شكلياتها، وإجراءاتها تبقى منطبعة بكثير من التعقيدات التي قد تفرغ الإيجابيات التي جاء بها هذا القانون من محتواها.