بالرغم من تنامي المخاوف من حصول تراجع من أجل التسوية الكلية لملفات المعتقلين على ذمة قانون مكافحة الإرهاب من غير المتورطين طبعا في جرائم الدم، ورغم توقف آلية العفو الملكي التي استفاد منها السياسيون الخمس الذين كانوا معتقلين على خلفية ملف ما بات يعرف ب "خلية بلعيرج"، و العفو على محمد الفيزازي، عبد الكريم الشاذلي منذ سنة تقريبا(14/4/2011 )، وفي ظل أوضاع مزرية للسجون، والأحداث الأخيرة التي عرفها سجن سلا يومي 16 و17 ماي 2011، اتخذت الدولة قرارا وصف بالشجاع حين أقدمت على إطلاق سراح المشايخ الثلاث(محمد رفيقي أبو حفص، حسن الكتاني، عمر الحدوشي)، ضمن العفو الملكي بمناسبة ذكرى المولد النبوي. العفو الأخير ترك بعض التفاؤل لدى البعض على اعتبار أن هذه الخطوة قد تقطع مع حالة التردد في معالجة ملفات "السلفية الجهادية"في ظل المد الحقوقي و الديمقراطي الذي تنشده البلاد، فيما ترك خبيبة أمل لدى فئة عريضة كانت تتوقع أن يحتويها هذا العفو أو على الأقل تخفيض العقوبات المحكوم بها عليهم. بين هؤلاء آثرنا أن نساءل متتبعي هذا الملف حول الآليات الممكنة لطي ملف "السلفية الجهادية" في ظل الانفراج السياسي الذي يعرفه المغرب، وتعزيز الثقة في أوراش الإصلاح المفتوحة. مقاربة تصالحية لاشك أن العفو الأخير الذي شمل ما تبقى من الشيوخ الذين كانوا معتقلين على خلفية ملف"السلفية الجهادية" بادرة جيدة من دولة اتخذت مسار الديمقراطية عنوانا لها، إلا أن هذه الخطوة تظل عقيمة في ظل صمت الدولة عما يحدث داخل السجون من تغييب ربط المسؤولية بالمحاسبة وفي ظل تغييب المقاربة الحقوقية داخل السجون موازاة مع المقاربة الأمنية التي تنهجها. في ظل خطوة العفو الأخير، لازال المعتقلون الذين يتراوح عددهم تقريبا اليوم، ما بين 800 و900 يعيشون أوضاعا صعبة سيما بسجن سلا2 وسجن تولال بمكناس، أوضاع تصفها التقارير الحقوقية، وعائلاتهم بالمزرية، وهو طرح يعكس أن الدولة غير متجانسة في تعاطيها مع هذا الملف الذي قيل فيه الكثير وطنيا ودوليا. لا يكفي العفو، بل المفترض حسب المتتبعين للملف أن تنهج الدولة مقاربات موازية من قبيل الحوار و التواصل عن قرب، والقطع مع المقاربة الأمنية كشكل وحيد للحد من المد "الإرهابي"، وللقطع مع استغلال بعض الشباب في نشر بعض الأطروحات الفكرية المتطرفة. وفي ظل حراك مجتمعي متواصل من المفترض ان تدعم الدولة المقاربة التصالحية، بإشراك كل الفعاليات الحقوقية و العلماء والشيوخ الخمس الذين تم العفو عنهم أخيرا في فتح هذا الملف، مع مراعاة أننا في المغرب لا يمكن الحديث عن "مراجعات" بسبب الاستثناء الملف المغربي الذي انتفت فيه وجود حركات قائمة بذاتها، ففي المغرب نتحدث عن أشخاص تم اعتقالهم من أجل بعض الأفكار، وليسوا بجماعات مهيكلة لا قبلا ولا الآن، وبالتالي فلا يمكن الحديث بالمغرب عن مراجعات كما هو الشأن بمراجعات الجماعة الإسلامية المصرية، أو بالمراجعات الجزئية للدكتور فضل فقيه تنظيم الجهاد المصري أو مراجعات الجماعة المقاتلة الليبية..-وهو طرح يرفضه أيضا المعتقلون على ذمة هذا الملف على اعتبار أنهم مظلومون-، بقدر ما يمكن الحديث بالمغرب عن المصالحة والحوار الفعال لتسوية الوضع. حلول في انتظار الطي ترى اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الاسلاميين أن تفعيل اتفاق 25 مارس 2011 الذي تم بين ممثلين عن المعتقلين على خلفية قانون الإرهاب، وممثلين عن الدولة، وممثلين عن منتدى الكرامة داخل السجن المحلي بسلا يعد حلا شاملا لهذا الملف. ويهدف الاتفاق الذي تعتبره اللجنة وسيلة ناجعة لبداية الانفراج، وحل مرضي ومعقول لكل من الدولة والمعتقلين، كما ترى أن تفعيل مسطرة العفو الشامل كحل جذري، ونهائي لملف عرف كل أشكال المخالفات والتجاوزات الإنسانية والقانونية خصوصا تعبير عن إرادة صادقة لطي هذا الملف، وكعربون من حكومة عبد الإله بنكيران لطي صفحة انتهاكات ما بعد سنوات الجمر والرصاص والدخول في عهد إرساء معالم مجتمع تسوده العدالة والحرية ويعيش مواطنيه بأمن وكرامة. وتنص بنود اتفاقية 25 مارس 2011 إلى: 1 -تسريع الأحكام و البت في القضايا الرائجة أمام المجلس الأعلى ومحاكم الإستئناف في أفق شهر. 2 -مراجعة كل الملفات القابلة للمراجعة و التي استنفذت كل وسائل الطعون. 3 - معالجة القضايا العالقة معالجة عادلة و في أقرب الآجال. 4 - تفعيل مسطرة العفو عند أول مناسبة وطنية. للإطلاع على الملف اضغط هنا