يتابع الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة أحداث مونديال 2002لكرة القدم بمزيج من الروح الرياضية والقلق على مستقبل الرياضة الفلسطينية، والترحم على شهدائها. ففي حين تزخر مدن كل من اليابان وكوريا بالسياح والمتفرجين ومشجعي كرة القدم، تزدحم المدن الفلسطينية بالآليات العسكرية الإسرائيلية والجنود النظاميين والاحتياط، وتمتلئ الملاعب بالمعتقلين معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي. ولم يسلم اللاعبون والمنشآت الرياضية الفلسطينية من اعتداءات قوات الاحتلال، فقد استشهد عشرات اللاعبين الفلسطينيين، وجرح المئات منهم. كما تم تدمير عدد كبير من المنشئات الرياضية. ورغم أن بعض الصحف المحلية خصصت ملاحق للمونديال إلا أن التطورات الداخلية تحظى باهتمام ومتابعة الفلسطينيين أكثر من غيرها. تاريخ الرياضة الفلسطينية رغم قدم بدء الرياضة الفلسطينية، إلا أن تاريخها الحديث بدأ الاهتمام به مع قدوم السلطة الفلسطينية التي أقامت حوالي 35 منشأة رياضية كبيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما تم تكوين الاتحادات والأندية الرياضية، وتأسست وزارة فلسطينية خاصة بالشباب والرياضة. وفي مرحلتها الأولى بدأت الأندية الفلسطينية بشكل رسمي منذ عام 1927 مبتدئة بالقدس ويافا وحيفا، ثم امتدت لباقي المدن الفلسطينية، وتم تشكيل اللجنة الأولمبية الفلسطينية قبل عام 1934م. وكانت فلسطين أول الدول العربية التي تشارك في تصفيات كأس العالم وذلك عام 1934، ومنذ ذلك الوقت غابت عن المشاركات الرسمية سواء على الصعيد الدولي أو الآسيوي كروياً، باستثناء بعض المشاركات في بعض الألعاب ولكن فقط على الصعيد الآسيوي. وابتدأت المرحلة الثانية منذ حلت النكبة عام 1948م ولجأ من تبقى من الفلسطينيين تحت الإدارة المصرية والأردنية، وتجمد الوضع في بداية هذه الفترة حيث استعملت المدارس والاندية وحتى أماكن العبادة لايواء من اضطرتهم ظروفهم للجوء. أما المرحلة الثالثة فهي التي رافقت قيام منظمة التحرير الفلسطينية وسعيها لتشكيل هياكلها الرسمية والشعبية، وقد ابتدأت فعلاً في عام 1968حينما تشكل جهاز رياضي تابع لدائرة التنظيم الشعبي. وفي المرحلة الرابعة تم عام 1994م، ومنذ دخول السلطة الوطنية الفلسطينية تشكيل وزارة للشباب والرياضة، وقامت الوزارة بتشكيل الاتحادات الرياضية في جميع الألعاب، وكانت المشاركة الفلسطينية في أولمبياد اتلانتا وسيدني عامي 96 و2000، والمشاركة في الدورة العربية في لبنان 97 ودورة الحسين في الأردن 99.. وغيرها. شهداء الحركة الرياضية لم تقتصر مشاركة الرياضيين الفلسطينيين على المجالات الرياضية، بل تعدوا ذلك إلى المشاركة في انتفاضة الأقصى، وتنفيذ العديد من العمليات الفدائية الاستشهادية. فقد قدمت الحركة الرياضية أكثر 112 شهيدا من خيرة أبنائها منذ بدء انتفاضة الأقصى وحدها؛ لينضموا إلى مئات أخرى قدمتها في الانتفاضة الأولى، كما أصيب منهم حوالي 2200 بإصابات مختلفة تسبب بعضها في إعاقات وعاهات مستديمة، تحولوا بعدها للعب في رياضات المعاقين. ومن أبرز هؤلاء الشهداء: الحكم الدولي كمال سالم الذي استشهد وهو يسعف أحد الجرحى في مخيم طولكرم، والشهيد طارق القطو لاعب ثقافي طولكرم والمنتخب الفلسطيني لكرة القدم الذي اخترقت جسده 50 رصاصة خلال تصديه لقوات الاحتلال الإسرائيلي، والشهيد ماجد رضوان حارس مرمى مؤسسة شباب البيرة الذي اخترقت جسده أيضاً 55 رصاصة بعد ان لبى نداء عائلة تستغيث لنجدتها من اعتداءات قوات الاحتلال، والشهيد جميل الصباغ مدرب منتخب كرة اليد الفلسطينية، وبطل فلسطين في كمال الأجسام عزام مزهر، ولاعب أهلي الخليل شاكر حسونة وغيرهم من الشهداء. أما عدد المعتقلين الرياضيين الفلسطينيين فقد وصل إلى 1335 معتقلاً في آخر إحصائية حتى 30/3/2002، وقد تضاعف هذا العدد بعد سلسلة الاجتياحات للمدن الفلسطينية. وقد حكم على البعض منهم بالسجن المؤبد وآخرون تراوحت أحكامهم بين 5 15 عاماً. واعتقل عدد منهم على المعابر أثناء سفرهم لتمثيل فلسطين في البطولات العربية والدولية. وتكريما لتضحيات الرياضيين الشهداء أقامت وزارة الشباب والرياضة نصبا تذكارية في عدة مناطق، وقررت إعداد كتاب شامل ومنقح لشهداء الحركة الرياضية الفلسطينية. استهداف المنشآت الرياضية لم يكتف جيش الاحتلال باستهداف الرياضيين فحسب، بل استهدف في عدوانه بالدبابات والطائرات المنشآت والمباني الرياضية، وهو ما تسبب في تدمير ما يقرب من 11 منشأة رياضية، وتوقف النشاط الرياضي في عدد كبير منها. ولعب الاحتلال دورا كبيرا في تعطيل المسيرة الرياضية من خلال قطع أوصال الوطن الفلسطيني وهو ما شكل عائقا أمام لقاء الفرق الرياضية في ظل صعوبة تنقل اللاعبين بين محافظات الوطن، والعديد من البطولات الوطنية تحولت إلى بطولات محلية داخل كل محافظة على حدة نظرا لاستمرار الحصار والعدوان. ولكن بالرغم من الصعوبات التي واجهت الرياضة الفلسطينية من فقدانها للعديد من أبطالها وتدمير لمنشآتها فإنها لا تزال مثالا للتحدي والصمود أمام كل ما تقوم به القوات الإسرائيلية من اعتداءات لتجسد من جديد رمزا من رموز المقاومة الفلسطينية. الإعلام الإسرائيلي في ظل غياب استراتيجية إعلامية عربية يسعى الاحتلال إلى بث سمومه بين الجمهور العربي عبر قنواته التلفزيونية. وأعلنت إسرائيل مؤخرا أنها تتبنى خطة إعلامية رياضية تشمل تقوية بث إرسال القناة الثانية الإسرائيلية لتشمل تغطيتها جميع دول الطوق: سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر، وبعض الدول الخليجية. وذلك عن طريق بث هذه القناة لبطولة كأس العالم، بهدف بث أفكار تخدم أهداف الاحتلال. جدير ذكره أن القناة الثانية ملك حكومي لدولة الاحتلال. البخاري: مونديال السيدات ومن جانبه أكد أحمد البخاري مدير الشبكة الرياضية في فلسطين (بال سبورت) ل(التجديد) أن أغلب الشعب الفلسطيني لا يتابع أخبار المونديال لعدة أسباب. وأضاف: من هذه الأسباب أن الانتفاضة والوضع الفلسطيني الراهن الذي يغلب عليه القتل والاعتقالات لا يسمح بمتابعة غيره، كما أن النفسيات الفلسطينية لا مجال فيها لمتابعة الأخبار الرياضية. وهناك فرق الوقت بيننا وبن اليابان، فلا يسمح لقطاعي الموظفين والعاملين بالمتابعة، فمثلا مباراة تونس وروسيا كانت في التاسعة والنصف صباحا بتوقيت فلسطين، وهذا يدفعني لتسمية المونديال بأنه"مونديال السيدات"، لأن يتابعن المونديال وجودهن في البيوت.كما أن توقيت المباريات جاء في فترة الامتحانات لطلبة المدارس والجامعات، وأخيرا الوضع المالي للفلسطينيين لا يسمح بشراء الأجهزة اللاقطة المشفرة. مصاعب أما عن المصاعب التي تواجه الحركة الرياضية الفلسطينية فقال البخاري: من أهم المصاعب الحصار الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وتقطيع أواصر المدن ثم تدمير الحركة الرياضية ومبانيا وأنديتها، ومن الأندية والمراكز التي دمرت مركز شباب مخيم جنين، والنادي الأهلي في الخليل، وملعب محافظة جنين. وأوضح البخاري أن 215 شهيدا على الأقل سقطوا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، إضافة إلى أكثر من ألفين ومائتي جريح، وآلاف المعتقلين. وحول نية دولة الاحتلال تأسيس قناة تلفزيونية تبث للعالم العربي قال البخاري: كان يجب أن يكون هناك خطورة عربية، إنهم يريدون بث سمومهم في المنطقة العربية. ونحن نتابع الشهداء في البداية، ثم تتولى السلطة الباقي، وحقيقة لا يوجد ميزانيات للأندية حتى تتابعهم. مشاركات دولية ما عن مستقبل الرياضة الفلسطينية أشار البخاري إلى أهمية إجراء انتخابات في النوادي والاتحادات واللجنة الأولومبية الفلسطينية. وأكد أن منتخب مخيم جنين شارك الشهر الماضي في عدة مباريات خلال جولة عربية شملت الأردن وسوريا، وتلقى دعوة للمشاركة في مباريات أخرى في تونس وليبيا لدعم الانتفاضة. كما أن المنتخب الفلسطيني سيشارك في تصفيات آسيا بالإمارات في تموز المقبل، وبطولات غرب آسيا في سوريا في أيلول. فلسطين-عوض الرجوب