الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني إن للحكومة ورشا مركزيا وبرنامجا يؤكد بكل تفاصيله على ضرورة ربح المعركة وربح رهان الحكامة الجيدة ومكافحة الفساد الذي يهدد اقتصاد البلد واستقراره الاجتماعي، وبالتالي، يضيف الشوباني، فموضوع الحكامة في علاقة الحكومة بالمجتمع المدني سيكون أحد مداخيل التأهيل ليكون هذا المجتمع المدني بكل فاعليه قادرا على تقديم صورة إيجابية عن المواطنة المدنية وعن السلوك الشفاف في التعامل مع المال العام. ❍ ما هي أولوية وزارتكم في علاقتها مع المجتمع المدني؟ ● بالنسبة للوزارة، وفي شق العلاقة مع المجتمع المدني، سيتعلق الأمر بتدشين حوار يهدف إلى تفعيل المقتضيات الدستورية التي أعطت للمجتمع المدني اعتبارا خاصا ومتميزا، ونقلته إلى أن يكون فاعلا تشريعيا ومؤثرا في السياسات العمومية. وهذه المقتضيات القانونية التي ستأتي في شكل قوانين تنظيمية، سنفتح بشأنها ورش تشاوري وتواصلي وتشاركي مكثف لأجل أن تحظى مشاريع القوانين ذات الصلة بالثقة التي نجسد تطلعات المجتمع المدني ، وحتى يكون هذا الأخير فاعل ومؤثر في الشأن العام، إلى جانب السياسيين والى جانب البرلمان والحكومة وبكامل الشراكة المطلوبة لبناء المغرب الجديد. إلى جانب هذا الانشغال الأول تسير أيضا مسألة تأهيل المجتمع المدني لكي يكون مجتمعا مدنيا تطبق عليه شروط الحكامة التنظيمية والمالية والقانونية، ويكون نموذجا للشفافية التي يجب أن تسود كل العلاقات بين الدولة والمجتمع خصوصا في الجوانب التي لها علاقة بالتمويلات والتدبير المالي، ناهيك عن المساهمة تأهيل في مجال الخبرات، وكيفية تقديم العرائض والملتمسات، وكل الأمور التي أعطى فيها الدستور الجديد للمجتمع المدني صلاحيات جديدة. ❍ نجد أن في الوثائق الجديدة والخطابات أن المجتمع المدني المعني بالأمور هو المجتمع المدني المؤهل، ما هو القصد من ذلك؟ ● القصد من ذلك هو المجتمع المدني المؤهل الذي يشتغل وفق الضوابط القانونية الجاري بها العمل. ولا ننسى أن هناك اختلالات في مجال المجتمع المدني، كما هي في عدد من المجالات، والتي تضر بالحكامة وبالاستقلالية والاضطلاع بالوظائف بكل وضوح وشفافة. ولذا نرى أن هذا التأهيل ضروري في إطار القانون والشفافية من أجل أن نتقدم إلى الأمام. ❍ أثير موضوع خلق مندوبيات جهوية من أجل سياسة أكثر قربا، وقلتم إن ذلك مستبعد؟ ● لم أنف أن الهيكلة الجديدة للوزارة قد تحمل معها هذه البنية الجهوية، ولكن قلت في هذه المرحلة إن المندوبية يجب أن تكون قوية ومهيكلة بشكل جيد، وهذا من اختصاص الوزارة التي يجب عليها أن تواكب هذا العمل. وأضيف أنه في إطار الجهوية التي ستدخل على الخط ، وهي ورش من الأوراش المركزية للحكامة السياسية ،إذا اتضح أن البعد الجهوي في عمل الوزارة يقتضي وجود هذه المندوبيات فلن يكون ذلك إلا مقبولا ومرحبا به في إطار البناء المتدرج لهذه الوزارة. ❍ رفعتم شعار محاربة الفساد، أين سيتجلى ذلك في عمل الوزارة؟ ● بطبيعة الحال للحكومة ورش مركزي وبرنامج يؤكد بكل تفاصيله على ضرورة ربح المعركة وربح رهان الحكامة الجيدة ومكافحة الفساد الذي يهدد اقتصاد البلد واستقراره الاجتماعي، وبالتالي فموضوع الحكامة في علاقة الحكومة بالمجتمع المدني حاضرا، وسيكون أحد مداخيل التأهيل ليكون هذا المجتمع المدني بكل فاعليه قادرا على تقديم صورة إيجابية عن المواطنة المدنية وعن السلوك الشفاف في التعامل مع المال العام، وتقديم مختلف الخدمات والمبادرات والأعمال ، التي تنفع المجتمع ، و لمختلف انشغالاته والمجالات التي يعمل بها. ❍ سؤال آخر يطرحه المهتمون، كيف يمكن للمجتمع المدني أن يكون فاعلا في المجال التشريعي سواء بتقديم عرائض أو ملتمسات؟ ● هذه التفاصيل ستكون موكولة إلى القانون التنظيمي التي سيكون موضوع مشاورة وتشارك موسع، ولكن الذي مؤكد أن الدستور ينص على أن للمواطنين والمواطنات الحق في ذلك ، وهناك أمور التي ورد فيها اسم الجمعيات مثل اقتراح نقطة في جدول أعمال المجالس المنتخبة والجماعات الترابية، وسيعمل المشرع على تنزيل هذه المقتضيات بما يحقق إشراك المواطنين والمواطنات بصفة عامة في هذا الورش التشاركي الكبير، وسنستفيد طبعا من الخبرة الدولية في هذا المجال. ❍ البعض يشير أن هناك جمعيات تستغل جو الحرية لممارسة أعمال تنافي "القيم الوطنية"، في المقابل هناك مخاوف بخصوص التضييق على حريات جمعيات المجتمع المدني، كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟ ● نحن مقتنعون بأن الأصل في سلوك الأفراد والمجتمع هو الحرية الصادرة عن إراداتهم الذاتية والمستقلة، والذي ينظم هذه الحرية حتى لا يقع فيها تجاوزات بين مختلف المواطنين أفرادا وجماعات، هو الدولة التي تقنن وتنظمها هذه الحريات.وعندما يكون هذا التقنين بشراكة مع مختلف الفاعلين فإن القانون يكون موضوع رضا واحترام وتقدير من الجميع، وطبعا عندما تكون مخالفات، تتدخل الدولة لتطبيق القانون، ولا تأتي على اصل الحرية وعلى أصل ممارستها، ولذا تأسيس الجمعيات والقيام بالأنشطة يجب أن يكون منطلقا من حرية الناس ومبادراتهم، وأن يكون عملا ميسرا ، وتزال من أمامه كل العوائق كما هو الحال في جميع المجتمعات الحية والنشيطة. وإطلاق الحريات هو إطلاق المبادرات، وبالتاي التغلب على جميع الإشكالات والاستجابة لها. وبطبيعة الحال يمكن أن يستعمل الحربة خارج القانون، هذا الأمر موكول إلى الدولة ، لكن مسؤوليتها هي تطبيق القانون وليس الإجهاز على الحرية التي هي الأصل.