وصل إلى القاهرة، ليلة السلت 7 يناير 2012 الفريق أول الركن محمد أحمد مصطفى الدابي رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا، قادماً من دمشق، في زيارة للقاهرة تستغرق يومين، في وقت دعا فيه معارضون سوريون إلى إحالة الملف السوري لمجلس الأمن، فيما حذر تقرير صحفي بريطاني من أن دور الجامعة العربية إزاء ما يحدث فى سوريا قيد المساءلة، وسط تأكيدات ميدانية من أن الجنود المنشقين عن النظام كثفوا من هجماتهم ضد قوات بشار الأسد التي ترتكب المجازر في حق المتظاهرين السلميين وتدفنهم في الأرض، وفق ما كشف عنه عقيد سوري منشق من أن هناك ثلاث مقابر جماعية في حماة. وقال مصدر مطلع “وصل الدابي على الطائرة المصرية القادمة من دمشق وبصحبته السفير وجيه حنفي رئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية، وهو يحمل ملفاً من التقارير والصور والخرائط والأدلة على مشاهدات فريق المراقبين العرب في مدن سورية عدة خلال الفترة الماضية منذ بدء عمل بعثة المراقبين، من أجل عرضها على أمين عام الجامعة نبيل العربي، واجتماع اللجنة الوزارية العربية الخاصة ببحث الأوضاع في سوريا اليوم (أمس) الأحد”، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). وأضاف المصدر أن الدابي سيتوجه بعد الاجتماع مرة أخرى إلى سوريا، لمواصلة عمل البعثة حتى 19 يناير الحالي، وحينها سيعرض تقريراً نهائياً حول شهادات البعثة، ويتقرر بعده إما مد فترة عمل البعثة أو الاكتفاء بما حدث طبقاً لقرار اللجنة الوزارية”. في الأثناء، طَالَب معارضون سوريون، أول أمس، بإحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن من أجل تلبية مطالب الثورة السوريّة، بفرض حظر جوى، وإيجاد منطقة آمنة تحت بند الفصل السابع وتدخل فوري بما يتناسب مع بحار الدماء التى تسيل، معتبرين أن المراقبين العرب مجرد «خديعة بروتوكول». ودعا بيان لتجمع أبناء الجالية السوريّة في مصر إلى إمداد سوريا بالمستشفيات الميدانيّة والمستلزمات الطبيّة والإغاثيّة بكافة أشكالها، وإلى فتح المجال أمام وسائل الإعلام للإطلاع على حقيقة الأوضاع فى البلاد. وطالب البيان بدعم «الجيش السوري الحر» وكافة الكتائب المنشقة بكافة الإمكانات، مؤكدًا أن الثورة السوريّة هي التي تمثل نفسها. معنويات مرتفعة من جهته، أكد الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري أن معنويات الثوار مرتفعة، مشيرا إلى أنه نابع من الإيمان الحقيقي بالثورة، وشعورهم باقتراب سقوط نظام الأسد بعد فقدانه السيطرة . وقال غليون في حديث لإذاعة “الشرق” اللبنانية” نحن معنوياتنا عالية ومرتبطة بمعنويات الثوار في الداخل في ظل ثورة حقيقية، ثورة الحرية والكرامة والديمقراطية”، موضحا أن ارتفاع الحالة المعنوية نتيجة لما يحصلون عليه من “التأييد الشعبي”. وشدد على أن النظام اقترب من النهاية، و“نحن مؤمنون بالسقوط الحتمي لهذا النظام وبأنه قريب إن شاء الله”. وأوضح غليون أن النظام ”يعيش حالة من فقدان السيطرة حيث تعاني أجهزته الأمنية من الإرهاق وحتى عدم القدرة على تنظيم التظاهرات المؤيدة له” التي أكد أنها محدودة وبالإكراه. وعلى صعيد أداء جامعة الدول العربية وموقف المجلس الوطني منها عبر عن اعتقاده بأن الأمين العام للجامعة العربية “أخطأ كثيرا“ بتصريحات ”لا علاقة لها إطلاقاً بالأرض”، مشيرا إلى أنه علم من رئيس لجنة المراقبين أن المعتقلين لم يفرج عنهم وبأن القوات الأمنية لم تنسحب وأن الصحافة والإعلام لم تنتشر في سوريا ولا تتحرك ولا تأخذ حق الإذن بالدخول. وحول أداء بعثة المراقبين العرب الذي أثار امتعاض المعارضة السورية وانتقاد مسؤولين عرب، حذرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية من أن دور الجامعة العربية إزاء ما يحدث فى سوريا بات قيد المساءلة وسط تصاعد حدة الانتقادات الموجهة إلى بعثة مراقبى الجامعة فى سوريا. وأشارت الصحيفة فى سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكترونى، أول أمس إلى أن تصاعد حدة الانتقادات الموجهة إلى البعثة جاء في أعقاب تصريحات أدلى بها رئيس وزراء دولة قطر الشيخ حمد بن جاسم الثاني بشأن أخطاء اقترفتها البعثة قائلا «إنها أولى تجاربنا في هذا الشأن ولكنني أكاد أتلمس بما لا شك فيه أخطاء أرتكبت». من جانبهم، رأى نشطاء حقوق الإنسان، حسبما ذكرت الصحيفة، أن البعثة التى تضم تحت لوائها 100 مراقب تخضع لتلاعب نظام الرئيس السورى بشار الأسد، وتعجز عن رصد صورة حقيقة دقيقة عن أعمال القمع والعنف ضد المتظاهرين بحسب ما أفاد النشطاء. ونقلت الصحيفة عن وسام طريف أحد النشطاء قوله «لا يمكننا الحديث عن مراقبة بشكل فعال في ظل إحكام النظام قبضته على الأوضاع الأمنية في البلاد». ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أنه على الرغم من إعلان الجامعة العربية عدم عزمها سحب بعثتها من سوريا، إلا أن مسؤولين عرب قالوا إن اجتماعا لوزراء الخارجية العرب سيعقد أمس في القاهرة من المتوقع أن يناقش التقارير الأولية للمراقبين حول الأوضاع في سوريا والتباحث حول إمكانية زيادة أعداد المراقبين وإجراء تغييرات على الآليات التي تعمل وفقا لها. هجمات المنشقين وعلى الأرض، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، صباح أمس، مقتل 11 جندياً على الأقل من الجيش السوري في اشتباكات عنيفة مع منشقين في محافظة درعا. وقال المرصد في بيان له: «دارت اشتباكات عنيفة (...) بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة في بلدة بصر الحرير في محافظة درعا (جنوب) قُتل خلالها ما لا يقل عن 11 عنصرا من الجيش النظامي وجرح أكثر من 20 آخرين». كما أكد المرصد أن «اشتباكات عنيفة تدور بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة في مدينة داعل في المحافظة نفسها، يستخدم الجيش النظامي فيها الرشاشات الثقيلة بشكل عشوائي بالتزامن مع قطع التيار الكهربائي عن المدينة». وفي سياق ذي صلة، كشف العقيد السوري المنشق عفيف محمود سليمان عن ثلاث مقابر في مدينة حماة تضم أكثر من 460 جثة، جراء المجازر التي ترتكبها قوات الرئيس بشار الأسد، متعهداً هو والجنود المنشقين معه بالدفاع عن المحتجين في حماة. وأظهر تسجيل فيديو عرضه موقع «الجزيرة نت»، أول أمس، انشقاق ضابط كبير بالجيش السوري احتجاجا على القمع الذي يمارسه نظام بشار الأسد وقتل فيه أكثر من 6 آلاف شخص. وظهر في الفيديو العقيد عفيف محمود سليمان محاطا بجنود يحملون البنادق وتلا بيانا قال فيه إنهم انشقوا بعد أن رأوا قوات الجيش والأمن تقتل المحتجين المدنيين بكل أنواع الأسلحة. وقالت «الجزيرة» إنه من فرقة الإمداد والتموين بالقوات الجوية التابعة للجيش السوري في مدينة حماة وإن ما يصل إلى 50 جنديا انشقوا مع سليمان. وأضافت أن الجنود قرروا حماية المحتجين في حماة، ونقلت عن سليمان مطالبته لمراقبي الجامعة العربية زيارة المناطق التي تعرضت لغارات جوية وهجمات، كما دعا المراقبين لكشف النقاب عن ثلاث مقابر في حماة تضم أكثر من 460 جثة. وكان فريق من مراقبي الجامعة العربية وصل الى سوريا قبل نحو عشرة أيام للتحقق من تنفيذ الحكومة لخطة السلام التي تتضمن إنهاء الوجود العسكري في المدن والإفراج عن آلاف السجناء الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات.