أجمع باحثون وأكاديميون وأساتذة متخصصون في العلوم القانونية والدستورية والاجتماعية، المشاركون في ندوة دولية حول "الدسترة في سياق الربيع العربي" أن المغرب "صنع ثورته" في سياق ثالث غير سياق التغيير بالقوة أو شراء السلم الاجتماعي بالمال. وشدد هؤلاء المشاركون في ندوة عقدت بمراكش يومي الجمعة والسبت 16 و17 دجنبر الجاري أن الحلول التي واجهت بها الدول الحراك العربي ليست حلولا موحدة على صعيد المنطقة العربية وإنما هناك أنماط من الاستجابة لمطالب هذا الحراك، ويمكن حصرها في 3 أنماط، ويتعلق الأول بنمط انهيار النظام وإسقاطه، كما حصل في تونس ومصر وليبيا علما أن معالم التغيير ليست واضحة على وجه اليقين سواء في تونس التي قطعت شوط انتخاب المجلس الوطني التأسيسي وشرعت في بناء معالم المرحلة النهائية، أو في مصر التي قطع فيها رأس النظام وما تزال مفاصيله حية متوجسة وقد يكون لها شأن اذا لم يستمر الحراك الاجتماعي وصناعه متيقظين ويقظين، أما ليبيا فكل ما هو معروف عنها أن الحكومة المنصبة عاش جل أعضائها تحت عباءة النظام المطاح به واستظلوا بظله، ويتعلق النمط الثاني بالدول التي أقدمت على الاستجابة للمطالب بشكل طبيعي وسلس دون صدمات وهو ما حصل في المغرب بدرجة أساسية وإلى حد ما في الأدرن ونسبيا في البحرين. ويرتبط النمط الثالث بالدول اللتي وظفت ريعها النفطي وأعادت توزيع تدويره من أجل شراء السلم الاجتماعي، وحدث هذا في السعودية وعمان، والإمارات والجزائر.وشددت النقاشات خلال الندوة المذكورة على أن شراء السلم بالمال سيكون دون جدوى في الأمد البعيد وأن مطالب التغيير قادمة لا محالة، وهناك نمط رابع لا تبدو معالمه واضحة وربما مفتوح على حروب أهلية ومزيد من التمزق كما هو الحال في المثال السوري. وأكد المشاركون على كون المنطقة تعرف تحولا تاريخيا قطعت شوطا مع ما يعرف بمرحلة بناء الدولة الوطنية والتي استنفذت وظائفها بكل ما لها وما عليها، ونحن بصدد الدخول في مرحلة نوعية جديدة بمعالم سياسية واقتصادية تلزم الجميع بتجديد وسائل العمل. وشغل مستقبل الحراك المجتمعي حيزا مهما في أشغال الندوة، وشدد المشاركون على مجموعة من القيم من أجل إنجاح المستقبل، ويتعلق أولها ببناء الثقة بين الفرقاء السياسيين وهو ما يستدعي من هؤلاء قدرا كبير من الشجاعة والجرأة لتغليب ثقافة البحث عن المشترك وصياغة التوافقات الذكية وملء الفجوات بينهم. ويشار إلى أن الندوة التي نظمت من قبل مؤسسة أديناور الألمانية، ومركز التنمية لجهة تانسيفت، والمركز المغربي للعلوم الاجتماعية شارك فيها باحثون من المغرب، والبحرين، وموريتانيا، وتونس،والجزائر، وليبيا ومصر، والعراق.