المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    موظف بالمحكمة الابتدائية بطنجة خلف القضبان بتهمة النصب وانتحال صفة    الكشف عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    المغرب يستعد لإطلاق 5G لتنظيم كان 2025 ومونديال 2030    ينحدر من إقليم الدريوش.. إدانة رئيس مجلس عمالة طنجة بالحبس النافذ    الفتح الرباطي يسحق النادي المكناسي بخماسية    أمن البيضاء يتفاعل مع مقطع فيديو لشخص في حالة هستيرية صعد فوق سقف سيارة للشرطة    رابطة حقوق النساء تأمل أن تشمل مراجعة مدونة الأسرة حظر كل أشكال التمييز    بوريطة : العلاقات بين المغرب والعراق متميزة وقوية جدا        ميداوي يقر بأن "الوضع المأساوي" للأحياء الجامعية "لا يتناطح حوله عنزان" ويعد بالإصلاح    الملك محمد السادس يعزي أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    "البيجيدي": حضور وفد اسرائيلي ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب استفزاز غير مقبول    موانئ الواجهة المتوسطية: انخفاض بنسبة 17 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري عند متم نونبر الماضي    "نيويورك تايمز": كيف أصبحت كرة القدم المغربية أداة دبلوماسية وتنموية؟    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    متضررون من الزلزال يجددون الاحتجاج على الإقصاء ويستنكرون اعتقال رئيس تنسيقيتهم    حملة اعتقال نشطاء "مانيش راضي" تؤكد رعب الكابرانات من التغيير    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    "بوحمرون" يستنفر المدارس بتطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء            الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    أخبار الساحة    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط        فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ل«التجديد»: لقاءاتنا مع بنكيران كانت مطمئنة
نشر في التجديد يوم 15 - 12 - 2011

يقر الأستاذ نبيل بن عبد الله في هذا الحوار بأن قرار المشاركة في حكومة عبد الإله بنكيران كان صعبا، ويعتبر أ، أهم المبررات التي دفعت لتبنيه هو تغليب الحزب للمصلحة العليا للوطن وما يفرضه الظرف السياسي من ضرورة بلورة المضمون الديمقراطي للدستور ومواصلة الإصلاحات والاستجابة لانتظارات الشعب المغربي. وينوه نبيل بن عبد الله بالمنهجية التشاركية التي اعتمدها بنكيران في تشكيل حكومته ويعترف بكونها مقاربة لم يسبق لها مثيل، ويشاطر رئيس الحكومة رغبته في تقليص مناصب الحكومة بالمقارنة مع ما كنت عليه، ويعتبر أن أهم إشارة ينبغي أن تبعث بها الحكومة في المرحلة القادمة هو التشبث بصلاحياتها الدستورية وعدم تفويت أي شبر منها، وإرساء ميكانزمات الحكامة الجيدة.
❍ واجه حزب التقدم والاشتراكية محطة جد صعبة وخرج منها بقرار المشاركة في الحكومة وتفويض الأمين العام بصلاحية إجراء المشاورات مع رئيس الحكومة، كيف استطعتم أن تخرجوا بهذا الموقف صعبة؟
● هذه محطة فعلا صعبة لأن القرار لم يكن قرارا سهلا. بداية، بعد نتائج الانتخابات، كان للمكتب السياسي تصرف أعتبره ذكيا ورزينا ومسؤولا، إذ نظم أربع اجتماعات لفتح نقاش رفاقي هادئ حول الموضوع وتقييم نتائج الانتخابات واستخلاص الدروس وطرح سؤال عريض حول موقع حزب التقدم والاشتراكية من هذه النتائج وأين عليه أن يتموقع. وبالتدريج خلصنا إلى موقف اعتمدناه بأغلبية عريضة واسعة في المكتب السياسي على أساس أنه كان هناك بعض الرفاق عبروا عن موقف سلبي في البداية واقتنعوا فيما بعد بالالتحاق بمن كانوا يدافعون عن ضرورة تواجد حزب التقدم والاشتراكية في هذه التجربة الحكومية المقبلة. استندنا في ذلك – وهذا ما شكل العمود الفقري للتقرير المقدم من قبل المكتب السياسي- على أن حزب التقدم والاشتراكية كان دائما يؤثر المصلحة الوطنية على أي اعتبار آخر، خاصة وأنه يعتبر أن شعار المرحلة اليوم هو مواصلة مشروع الإصلاح في البلاد، والاستجابة لانتظارات المواطنين والمواطنات، والإنصات إلى التعبير الديمقراطي الحر الذي عبر عنه الشعب المغربي في اقتراع 25 نونبر. لكل هذه الاعتبارات، قلنا- بالرغم من أن الموقف كان صعبا، وبالرغم من أننا كنا نفضل أن تدخل أحزاب الكتلة بشكل موحد إلى جانب حزب العدالة والتنمية، وبالرغم من أن إخواننا في الاتحاد الاشتراكي في موقفهم الذي نحترمه ونقدره، اختاروا أن يتموقعوا في خندق المعارضة، اعتبرنا أن حزب التقدم والاشتراكية له قرار مستقل. وأنه نظرا لكل الاعتبارات لما ينتظره شعبا من إصلاحات والاعتبارات المرتبطة بضرورة تكريس الديمقراطية والقطع مع نظام التحكم وبضرورة تحسين الحكامة بشكل قوي، وضرورة الاستجابة لما عبر عنه الشعب المغربي أساسا في الحراك الاجتماعي والسياسي من المطالبة بمحاربة الفساد ومحاربة الرشوة واعتبارا لضرورة إعطاء نفس جديد للإصلاحات الاقتصادية. وكنا نطالب بجيل جديد ن الإصلاحات، واعتبارا أخيرا لانتظارات الشارع القوية المطروحة لدى فئات واسعة من شعبنا. لكل هذه الاعتبارات قلنا إنه من الضروري أن نحدد موقفنا في اتجاه المشاركة. لا أخفي عليكم أنه قد طرح موضوع أساسي شكل فيما قبل بين حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية موضوع خلاف وتناقض وذلك فيما هو مرتبط بمسألة الحريات الفردية والجماعية ومقاربتنا لمسألة المساواة بين المرأة والرجل، وقلنا بأننا قد توصلنا بإشارات تطمئننا على هذا المستوى، ولقاءاتنا مع الأستاذ عبد الإله بنكيران على هذا المستوى أيضا كانت مطمئنة، وقلنا على أي حال ندخل هذه التجربة بجلدنا وبهويتنا ومشروعنا المجتمعي وبتشبثنا الراسخ بالحريات الفردية والجماعية علما بأننا لا نشك بأن حزب العدالة والتنمية له منحى ديمقراطي وهو من المدافعين عن الحريات ربما بمنطلقات مختلفة وأعتقد أنه في الممارسة سيتبين أن هناك تفاهما قويا على هذا المستوى. وبعد الإدلاء بكل هذه القضايا وبعد الاعتراف أيضا بأنها ليست من الأمور السهلة خاصة وأن بعض الأوساط في المجتمع قد تتساءل كيف يمكن لحزب التقدم والاشتراكية أن يشارك في حكومة من هذا النوع. فغلبنا خيار المشاركة نظرا لهذه القضايا التي ذكرتها والمرتبطة بضرورة تعميقنا للديمقراطية ومواصلة الإصلاحات وبلورة مضامين الدستور بالشكل الأمثل وهذا شيء أساسي لأن خمس سنوات المقبلة ستكون جوهرية وأساسية وحاسمة في إعطاء مضمون حقيقي للدستور . هذه هي الاعتبارات التي أقنعتنا باتخاذ قرار المشاركة في هذه التجربة الحكومية.
❍ أنتم تحملون هوية يسارية، ومشروعكم كان دائما ينحو في اتجاه توحيد اليسار مع التأكيد على تواجدكم ضمن الكتلة الديمقراطية، اليوم الاتحاد الاشتراكي خرج إلى المعارضة ويطرح نفس الشعار: توحيد اليسار، وتصرح بعض قياداته أن الكتلة انتهت أو ماتت، من موقعكم هل ستستمرون في مهمتكم من موقع حكومي في توحيد اليسار وهل لا زلتم مقتنعين بجدوى الكتلة الديمقراطية؟
● أولا من الضروري أن نذكر ولو بسرعة أن حزب التقدم والاشتراكية منذ نشأته كان حزبا وحدويا، ومطالبتنا في حزبنا بتوحيد اليسار تعود إلى الخمسينيات والستينيات وكنا دائما نلح على ذلك إما من خلال توحيد اليسار أو من خلال توسيع هذا التحالف اليساري إلى ما كنا نسميه القوى الوطنية والديمقراطية. ولم نتوصل إلى نتائج ملموسة طيلة ما يناهز نصف قرن من الزمن على هذا المستوى. ثانيا حدث في تاريخ المعاصر المغربي أن كنا في مواقع مختلفة مع إخواننا سواء مع الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في نهاية الستينيات عندما شاركوا في حكومة السيد عبد الله إبراهيم أو عندما شاركوا كذلك في بداية الثمانينيات في حكومة كان يرأسها المعطي بوعبيد. هذا الأمر لم يوقف مشروع توحيد اليسار، ولم يجعلنا في حزب التقدم والاشتراكية نتخلى عن شعار توحيد اليسار. فإذا انقلبت الأمور اليوم، فهذا لا يعني أن نتنكر لهذا الشعار وأننا لن ندفع في اتجاه تحقيقه، فقد كنا دائما حزبا يساريا، وقد سعينا دائما من أجل تقريب وجهات نظر اليسار. وجودنا في هذه الحكومة لا يعني أن جهودنا في هذا الاتجاه ستنتهي. يتعين أن نقوم بتمييز أساسي بين التواجد في الحكومة من أجل خدمة المصالح الوطنية المرحلية وأهداف استراتيجية تظل هي أهدافنا أي أن نحقق أهداف المجتمع التي نؤمن به كحزب يساري، أي مجتمع يتميز بالعدالة والاجتماعية والمساواة والحرية والتقدم والاقتصادي وتؤطره عدد من القيم الحداثية التي كنا دائما نعمل على التشبث بها في مجتمعنا. ولذلك، أقول بأننا سنظل دائما أوفياء لهذه القيم.
❍ وماذا عن الكتلة، هل انتهت بالنسبة إليكم؟
● بالنسبة للكتلة، تعلمون أننا اليوم سنكون إلى جانب حزب الاستقلال في هذه التجربة، وسنستمر في التنسيق معه، كما أنه بالإمكان في يوم ما بعد هذه التجربة، أن تلتقي مجددا طرقنا من أجل أن نخدم ذلك المشروع المجتمعي الذي آمنا به في أرضية الكتلة. وكما لا يخفى عليكم، فالكتلة انبنت على ميثاق، وقد جددناه في مراحل محددة، وهو يرسم معالم المشروع المجتمعي الذي نؤمن به. قد نختلف في مراحل معينة، وقد تختلف تبعا لذلك مواقعنا، وقد كانت لنا اختلافات في بداية التسعينيات عندما قلنا بضرورة أن تلبي أحزاب الكتلة نداء صاحب الجلالة الملك لحسن الثاني رحمه الله في سنة 1993 و 1994، فبعد تصويتنا لصالح الدستور سنة 1992 وامتناع كل من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال عن التصويت، واختلفنا وذهبت الأمور إلى حد طردنا من الكتلة الديمقراطية، ثم التقينا مجددا في سنة 1995 و 1996 وبعد ذلك اقتنع إخواننا في الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال بضرورة القيام بهذه الخطوة للشروع فيما يسمى بالتناوب التوافقي.إذن، يمكن أن يحدث في مرحلة تاريخية معينة ما يجعلنا في مواقع مختلفة، لكن ذلك لا يعني أن الكتلة الديمقراطية انتهت. بالطبع اليوم، الكتلة الديمقراطية ككتلة وككيان يتكون من ثلاثة أحزاب لا يمكن أن تستمر، فشيء طبيعي أن يقع اليوم شيء من التجميد لعمل الكتلة لكن المشروع كأهداف استراتيجية تظل قائمة.
❍ الآن يتحدث الاتحاد الاشتراكي عن مرحلة جديدة في العمل السياسي قائمة على الفرز الإيديولوجي، بالنسبة إليكم، دخلتم في تحالف مع العدالة والتنمية وفق مشروع واضح عنوانه الدفاع عن الديمقراطية والتنزيل الديمقراطي للدستور ومواصلة الإصلاحات، في رأيكم ما الذي يمثل أولوية المرحلة أطروحة الاتحاد التي تتأسس على ما يمسونه بإنهاء الخلط وضرورة الفرز الإيديولوجي، أو الأطروحة التي تحاول تأسيس السياسة على الاعتبار السياسي اي الديمقراطية؟
● أولا أريد أن اغتنم هذه الفرصة لأقول لإخواننا في الاتحاد الاشتراكي بأن عمق العلاقات التي تجمعنا اليوم أو غدا تدفعنا إلى الامتناع عن الخوض في أي صراع هامشي لا يفيد في شيء أو لا يخدم ما ينتظره الشعب المغربي. ولذلك أعتقد أن حزب التقدم والاشتراكية ستكون له ممارسة تحترم مواقع الجميع. وعلى اي حال، نحن قمنا باختيار صعب، وسيحاسبنا الشعب عليه إما إيجايا أو سلبا، وكل حزب سيحاسبه الشعب على اختياراته إما إيجايا أو سلبا. وعلينا أن نحترم بعضنا البعض على هذا المستوى. ثم ينبغي أن نذكر ثانيا أنه سبق لنا في عدة مناسبات أن دعونا إلى ضرورة تكوين تلك الجبهة المكونة من القطب اليساري الذي يمكن أن يجمع ما يسمى بشعب اليسار في المغرب. لم نكن نتوصل بأجوبة على هذه الدعوة، ومع ذلك، كنا نستمر في نداءتنا المختلفة. وعندما رأينا الانحرافات التي شهدناها في الساحة السياسية أساسا منذ الخروج من انتخابات 2007 ثم 2008 و 2009، بعثنا بإشارات متعددة، وطرقنا الأبواب وقلنا حذار مما يمكن أن يقع في هذا البلد، ووجها رسائل ولم نتوصل بأي جواب. ومع ذلك واصلنا مجهوداتنا من أجل أن نعمل على إحياء الكتلة الديمقراطية وفي نفس الوقت من أجل تكوين قطب يساري حداثي حامل لمشروع قادر على أن يعبئ فئات عريضة من المجتمع كانت في وضعية قلق وحيرة وغادرت ساحة العمل السياسي ولم نتوصل كذلك بأي جواب على هذا المستوى. أن تكون ساعة الفرز الإيديولوجي قد دقت الآن في اللحظة التي تتطلب التنزيل ألأمثل لمقتضيات الدستور.. !
أعتقد أنه حتى إذا افترضنا ذلك، واحتكمنا إلى البعد الإيديولوجي حسب المرجعيات التي تنتمي إليها نحن أو ينتمي إليها الاتحاد الاشتراكي. الإيديولوجية مفهوم يدمج ليس فقط ما هو إيديولوجي، بل أيضا ما هو سياسي وما هو اقتصادي وما هو اجتماعي وما هو ثقافي. عندما ننظر إلى ما ستسعى إلى بلورته هذه الحكومة، أعتقد أنه على الساحة السياسية هناك إعلان واضح لتعميق الديمقراطية المغربية وإعطاء مضامين متقدمة في لروح الدستور الحالي. وعلى هذا المستوى ليس هناك اختلاف يذكر يقتضي الفرز. على المستوى الاقتصادي هناك إرادة معلنة في أن نبني اقتصادا قويا تنافسيا في إطار شفاف يحارب اقتصاد الريع ويعمل فعلا على أن يقوي النسيج المغربي والقوة الانتاحية المغربية. أعتقد أنه لا وجود لاختلاف بين
التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية على هذا المستوى. فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية هناك توجه واضح لمحاربة الفقر ومحاربة الهشاشة وإحداث ميكانزمات لتوفير عدالة اجتماعية أقوى في بلادنا وعدد من الأهداف السامية الكبرى التي نعتبر أنها تنتمي إلى الفكر اليساري. بقي الاختلاف على مستوى المرجعيات الثقافية وعلى مستوى بعض القضايا الفكرية . وفي هذا السياق عبرنا عن ضرورة أن يكون هناك وضوح على هذا المستوى. ولهذه الاعتبارات لا يمكن أن نقول هكذا لقد دقت ساعة الفرز الإيديولويوجي. وأعتقد أنه من الضرورة أن نذكر بأن الفرز الإيدلويوجي الذي يطلب أن يتم على مستوى حكومي، وهذا ممكن، فإنه ممكن أيضا أن يتم على مستوى جماعي، ويمكن أن يتم على مستوى الأقاليم. وحسب علمي فإن عددا من الجماعات والأقاليم القائمة إلى يومنا هذا في تدبير مشترك بين إخواننا في الاتحاد الاشتراكي وإخواننا في العدالة والتنمية. أعتقد أن الأمور ليست بهذه المقاربة السهلة.
❍ تحدث رئيس الحكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران في بداية مشاوراته لتشكيل الحكومة عن مفهوم التدبير التشاركي وذلك على مستوى رسم البرنامج، وعلى مستوى الهندسة الحكومية وعلى مستوى المناصب، ما رايكم في هذه المنهجية؟
● أعتقد أنها منهجية لم يسبق لها مثيل. ويجب الاعتراف بذلك. في اللقاءات ألأولى التي كانت لنا مع الأستاذ عبد الإله بنيكران، أكد من جهته على اعتماده لهذه المقاربة، وأكدنا من جهتنا على أننا نرغب في ذلك، ونحن حقيقة سعداء لأن هذا الأمر من شأنه أن يشكل تحالفا حقيقا متينا يتجسد على مستوى الحكومة لكنه مبني على أسس حزبية واضحة. لذلك، ما لاحظنا من خلال اللقاءات الأولية التي أجراها رئيس لحكومة مع كل حزب على حدة . اليوم قررنا أن نناقش كل شيء بشكل تشاركي بداية من رئاسة البرلمان التي قررنا فيها ، ثم ثانيا مسألة الحكومة بكل حيثياتها، وقد وطأنا لذلك بميثاق الأغلبية الحكومية، وهذا ألأمر نعتبره جديدا، وهو أمر ضروري لأنه يحدد العلاقات فيما بيننا ويرسم القضايا الأساسية التي سنلتزم بها ونعلن ذلك لشعبنا، ثالثا الهندسة الحكومية، وأن تكون لنا نظرة موحدة لها انطلاقا من تصور كل حزب على حدة، فكل حزب اشتغل على هندسة حكومية، وسنجتمع وسنقارن المقاربات يومه الثلاثاء (يوم إجراء الحوار) وسنناقش كل ما يتعلق بالتوزيع النوعي للقطاعات، وكذلك ألأمر بالنسبة إلى عدد المناصب الوزارية التي سيحظى بها كل حزب شريك في التحالف الحكومي. وسننتهي بالسعي نحو الالتفاف حول أسماء وازنة قادرة على أن تشكل حكومة قوية بالنظر إلى الظرفية الصعبة التي نوجد فيها والمحكومة بالأزمة الاقتصادية التي تحدث حوالينا والتي لا شك أن آثارها ستمس بلادنا بالنظر كذلك إلى ما يحدث من تحولات في العالم العربي، وبالنظر إلى القلق والحيرة التي تنتاب شرائح عريضة من المجتمع المغربي والتي تنتظر من هذه الحكومة أن تجد الأجوبة المناسبة لهذه الانتظارات بشكل سريع.
❍ أعلن الأستاذ عبد الإله بنيكران منذ البداية نية حزبه أن يجمع الوزارات في شكل أقطاب وأن يعمل على تقليص عدد الوزارات، في البذء تحدث عن 25 منصبا وبعد ذلك شعر بصعوبة ذلك وتحدث عن رقم لا يتجاوز 28 منصبا، من موقعكم هل تشاطرون رئيس الحكومة هذا التوجه؟
● نحن نؤكد لكم بأن فكرة جمع الوزارات في أقطاب وتقليص عدد الوزارات كنا ندافع عنها منذ بداية تجربة التناوب، أو على الأقل منذ الحكومة الثانية للسيد إدريس جطو. كنا ندافع عن هذا التصور ونعتبره تصورا من الناحية النظرية صحيحا وفعالا. لكن عندما يتعلق الأمر بتحالف، فإن ألأمر يكون صعبا. نحن لسنا في بلد فاز فيه حزب أوحزبان بالأغلبية المطلقة . عندما يتكون ألأغلبية مشكلة من أربعة أحزاب أو خمسة أحزاب، وتسعى إلى تكوين أقطاب تجد صعوبة حقيقية في تحقيق الانسجام داخل القطب الواحد. إذا فكرت في قطب اقتصادي كبير بوزير أو وزيرين يتوفران على قطاعين أساسيين ستكون مضطرا إلى إحداث مناصب لوزارء منتدبين أو كتاب دولة، وحدث أن يكون الوزير من لون سياسي معين، وكاتب دولة أو وزير منتدب من لون سياسي مغاير وتقع خلافات في التدبير، وتصبح الفكرة التي هي في أصلها جميلة عائقا. لذلك، نسعى، وربما نصل إلى هذه النتيجة، إلى أن نوفر نجاعة كبيرة في العمل الحكومي، وإلى أن نقلص من عدد الوزارات أقصى ما يمكن بالمقارنة مع الحكومات التي سبقت. لكن أعتقد أن الأهم فوف هذا وذاك، هو ألأهداف التي سنرسم والقدرة التي ستكون لهذه الحكومة من أجل تحقيق هذه الأهداف، وكذلك بناء الانسجام بين مكونات التحالف والمحافظة على قوته، والابتعاد عن الخوض في الأمور التافهة والثانوية الهامشية التي من شأنها أن تعرقل العمل الحكومي. وبالموازاة مع ذلك، الأهم هو أن نقوم بعمل مشترك وأن تفكر الحكومة بشكل عميق في ما من شأنه أن يحسن حكامة الدولة هذا هو المهم. قد تحتفظ بالتكوين المهني مع التشغيل ولا تدمجه مع وزارة التربية الوطنية أو التعليم العالي، هناك رأيان على هذا المستوى، يمكن أن تحتفظ بالأمر على ما هو عليه، لكن ألأهم أن تفكر في الآليات والميكانزنات التي توفر حكامة جيدة وأن نصل إلى نتائج جيدة في هذا المجال. هذا عمل يتعين أن نقوم به بكل جدية
❍ على مستوى الأسماء، هناك معايير أصبحت معلنة، أن تقدم ألأحزاب شخصيات وطنية ذات كفاءة وأن تبتعد عن ألأسماء المغضوب عليها شعبيا، بالنسبة إليكم كيف تنظرون إلى هذه المعايير؟
● نحن على أي جال من هذه الناحية مرتاحون. نعتقد بكل تواضع أننا سنقدم الأسماء التي تتوفر على منسوب عال من هذه المواصفات. ربما ننتقد، كما ينتقد كل القيادات السياسية لكن في نفس الوقت، لا يشك أحد، والحمد لله في نزاهة أطرنا وكفاءتهم واستقامتهم وتعلقهم بهذا الوطن، هذه ألأمور عبر عنها حزب القدم والاشتراكية. حزب العدالة والتنمية يخوض أول تجربة حكومية له، وبالتالي ليس هناك والحمد لله ملفات عالقة بشأنه، وحزب الاستقلال كذلك من خلال ممارساته في التجربة السابقة لم تكن هناك قضايا في تدبيره، ونتمنى أن تكون الأسماء التي ستقترحها الحركة الشعبية تسير في نفس الاتجاه. أعتقد أنه من الطبيعي أن نتجه نحو تشكيل حكومة قوية بأسماء وازنة.
❍ هذه الحكومة حظيت بتأييد كبير، حظيت بدعم ملكي ودعم شعبي أيضا، وهذا بدون شك سيفيد الحكومة على الأقل في مائة اليوم القادمة، لكن أي حكومة تظهر هويتها السياسية ويبرز برنامجها الحكومي في الإجراءات التي تقدمها في المائة يوم الأولى، في نظركم ما هي أهم الإجراءات التي ينبغي أن تبدأ بها الحكومة؟
● أعتقد أن ما قلمتوه حول التأييد الكبير لهذه الحكومة صحيح بنسبة كبيرة لأن هناك من ينتقد منذ الآن حتى قبل أن تباشر الحكومة عملها، لكن حذار، وأحيلكم في ذلك على حكومة عبد الرحمان اليوسفي بالنظر إلى ما أحدثته من تحول سنة 1998، وكانت هناك انتظارات كبيرة وهائلة من قبل شرائح واسعة من الشعب المغربي، والواقع لا يرتفع، والاصطدام مع عدد من القضايا المطروحة في ساحة التدبير تجعل أنه ليس من الهين والسهل أن تصل إلى نتائج ملموسة في ظرف أشهر محدودة، لذلك علنيا نحن كمشاركين في هذه الحكومة أن نقول بأننا نشتغل بجدية على الحكامة الجيدة وأن ألأمر يتطلب منا بعض الوقت للوصول إلى نتائج عميقة. الان فوق هذا وذاك، أن هناك بعض الإشارات الرمزية التي يتعين أن نبعث بها إلى الرأي العام، وأول شيء هو أن تكون هذه الحكومة حكومة ممارسة لسلطاتها الدستورية، حكومة تمارس السلطة التنفيذية كما ينص على ذلك الدستور، حكومة تسعى كي تستغل كل ما يوفره هذا الدستور منذ البدء في عملها. مسألة تشكيل الحكومة والطريقة التي ستشكل بها إشارة أولية في هذا الاتجاه، بعد ذلك كل ما يمكن أن يسهم في إعطاء صورة عن إرادة في اتجاه حكامة أمثل وأحسن سيكون مؤثرا كذلك، لكن في نفس الوقت علينا ألا نسقط في بعض الإجراءات الديماغوجية والتي لها طابع شعبوي أو بعض الإجراءات التي قد تسقطنا في التساهل المالي الذي سنؤدي ثمنه فيما بعد، أعتقد أن علينا أن نمارس عملنا الحكومي كأناس مسؤولين وأعتقد أن الأمور هكذا ستكون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.