تعتبر مجالات وملفات الهوية والقيم والسياسة الخارجية وحقوق الإنسان من أبرز التحديات التي تواجه رئيس الحكومة الذي ستفرزه الانتخابات الجارية أطوارها اليوم الجمعة 25 نونبر وذلك بالنظر إلى مخلفات الحكومات السابقة وخاصة الأخيرة في هذه المجالات وأيضا لما لهذه الملفات من خصوصية ومركزية بالنظر إلى ارتباطها بصورة المغرب بالخارج وأيضا باستكمال مسار المصالحة الحقوقية وتجاوز رداته وانتكاساته على مستوى الداخل وأيضا حفظ وتعزيز حضور الهوية والقيم بكل روافده الدستورية وأيضا بما يعزز من بناء سرح الحضارة المغربية يقوي من حجم التلاحم حل القيم والثوابت المغربية. وهي تحديات إلى جانب أخرى يرى العديد من الأكاديميين والفاعلين أن الدستور الجديد ينبغي أن يكون هو الخلفية والموجه والمنطلق الرئيسي في معالجة هذه التحديات. على المستوى القيمي والهوياتي يرى سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، أن أولى الأولويات التي تواجه رئيس الحكومة القادم أيا كان انتماؤه السياسي فهي مرتبطة بضرورة فتح حوار وطني واسع وشامل حول هوية المغرب وثوابته، وذلك بهدف توسيع مساحات الإجماع الوطني وتقويتها. أما الأولوية الثانية حسب بودينار، فترتبط بإعادة الاعتبار للقيم المجتمعية للمغاربة باعتبارها قيم فاعلة في المجتمع والحياة العامة، وبتعزيز قيم المواطنة الفاعلة والحقيقية خاصة ما يتعلق بانتماء المغرب لمحيطه الإفريقي والعربي والإسلامي باعتباره الدائرة الأصل للعلاقات والانتماء وليس المكمل. أما الأولوية أو التحدي الثالث حسب تصريح بودينار ل «التجديد» فيتعلق بضرورة الإسراع في تجاوز حالة الالتباس اللغوي على المستوى اللساني وما ينتجه من حالة تشوه لغوي عام، وهو ما يؤثر يضيف سمير، ليس فقط على مستوى إنتاج الكفاءات وتخريجها، بل أيضا على مستوى الجودة والتنمية بشكل عام. وأخيرا يرى بودينار، أنه لا مناص لرئيس الحكومة القادم من ضرورة تجاوز صورة المغرب بالخارج في صلة دائمة بالجانب القيمي، وهي الصورة التي يعتبر بودينار، حسب تصريحه المشار إليه تعد إشكالا حقيقيا يجعلها تؤثر على جدية قضايا أساسية للمغرب من بينها موضوع الصحراء والوحدة الترابية عموما. وفيما يخص التحديات التي تنتظر رئيس الحكومة القادم وفريق عمله على مستوى السياسة الخارجية، قال خالد الشكراوي، أستاذ الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس، إن لرئيس الحكومة فرص وليس فقط تحديات، وأضاف أن رئيس الحكومة المقبل مطالب باسترجاع فعالية السياسة الخارجية للمغرب في إطار توجه ينبني على المقاربة التشاركية واستثمار العلاقة الجيدة مع تركيا التي لا تجمعها عداوة تاريخية بالمغرب على عكس العديد من البلدان العربية الأخرى، وأيضا على مستوى العلاقة بأوروبا والولايات المتحدةالأمريكية والتي سجل الشكراوي، بخصوصها تضرر المغرب من اتفاقية التبادل الحر، معتبرا أن من المفيد للمغرب التوجه نحوى اتفاقيات جماعية اتجاه أمريكا مثلا أو التوجه نحوى الارتباط بأقطاب التجارة العالمية بدل هذا النوع من الاتفاقيات الثنائية. وأكد الخبير في الشؤون الإفريقية في تصريح ل «التجديد»، أن رئيس الحكومة القادم مطالب بتجاوز ثلاث إشكالات حدودية الأولى مرتبط بالحدود الجزائرية خاصة يوضح الشكراوي، أما حالة شبه الانفراج الأخيرة وذلك بإقناعها أكثر وبستثمار فرص الربيع العربي والازمة المالية العالمية بما من شأنه تعجيل حل الحدود المغربية الجزائرية، وهو نفس الأمر يؤكد شكراوي الذي على المغرب معالجته في علاقته بدولة الجوار إسبانيا والاتجاه نحوى علاقة غير مبنية على التسرع ولا إذكاء العداء وأيضا بالحرص على تجاوز الأخطاء الحكومة السابقة والحرص على تحسين صورة المغربي بإسبانيا وأيضا السعي في اتجاه استرجاع الأراضي التي ما تزال مستعمرة «خاصة أننا أمام حكومتين جديدتين بلبلدين». ثم يأتي المجال الحدودي الموريتاني كأحد التحديات في هذا الإطار الحدودي بالنظر خاصة ما يتعلق بتجاوز المخلفات التاريخية وبناء علاقة قوامها دولتي المؤسسات. كما أكد الشكراوي، في موضوع العلاقات الإفريقية أن المغرب عليه أن يعود إلى عمقه الإفريقي وأن يوجه استثماراته إلى هذه الدول بغية التأثير في المواقف السياسية وأيضا بناء علاقات مؤسساتية تتجاوز العلاقات الشخصية لأن مستقبل المغرب السياسي والاقتصادي مرتبط أولا وأخيرا بإفريقيا. أما على المستوى الحقوقي فيرى المحامي والفاعل الحقوقي عبد المالك زعزاع، أن رئيس الحكومة القادم يتنصب أمامه تحدي كبير مرتبط بمجال حقوق الإنسان، وذلك بالنظر يضيف زعزاع إلى الإرث الكبير في هذا المجال خاصة ما خلفته الحكومة الأخيرة، وتحديدا ما يتعلق منه بأوضاع السجون والمسجونين المغاربة خاصة المحكومين على خلفية قانون مكافحة الإرهاب. وأيضا يضيف نائب رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، ما له علاقة بالتعذيب سواء في مخافر الشرطة أو مراكز الدرك أو بعض الأماكن التي تحاول الجهات المعنية بتبييض التعذيب فيها فضلا عن موضوع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطن المغربي وما يرتبط منه بالوظيفة والتدني الحاصل على مستوى الوضعية الاجتماعية. في مجال حقوق الإنسان دائما يؤكد زعزاع أن وضع حد للمحاكمات غير العدالة إلى جانب موضوع المصالحة الوطنية سواء من خلال إنهاء بعض الملفات العالقة وبشكل جذري أو ما تعلق بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والتي لا مناص من أجرئتها خاصة يضيف عبد المالك الذي كان يتحدث ل «التجديد» أن هذه التوصيات عرفت الكثير من الالتفاف عليها منذ تأسيس اللجنة حتى يوم الناس هذا.