فجرت عريضة نشرتها أسبوعية "الحقيقة" (لا فيريتيه) بشأن المطالبة بإصدار قانون يجرم الممارسات العنصرية وابلا من الردود والمواقف الغاضبة في صفوف الحركة الأمازيغية، إذ رأت هذه الأخيرة في إحدى فقرات الديباجة المصاحبة للعريضة تخص الأمازيغية إتهاما لها، مما دفعها إلى التحرك والرد. وهو التحرك الذي ستكون له لواحقه في الأيام المقبلة. العريضة المذكورة التي نشرتها الأسبوعية الناطقة بالفرنسية في عددين متتاليين خلال الأسبوعين الأخيرين، والتي وقعت عليها شخصيات حكومية وأخرى حزبية وجمعوية، دعت إلى إخراج قانون يعاقب "بكل قوة" كل دعوة إلى الكراهية العنصرية، أو سلوك يسعى إلى الطعن والإقصاء بسبب اللون أو الجنس أوالعرق أو الديانة، وخصت العريضة اليهود الذين يتعرضون حسب زعمها لعنصرية "الحركات الرجعية"، العرب الذين يكونون عرضة لعتصرية "بعض المتطرفين الأمازيغ"، غيرأن النص الأولي للعريضة أثار غضب الأمازيغيين، لتضاف إلى نص العريضة إشارة تتعلق بالممارسات العنصرية لبعض العرب اتجاه الأمازيغيين. لكن القضية لم تتوقف عند هذا الحد، بي إن وزراء مثقفين ظهرت أسماؤهم بين الموقعين على العريضة قالوا إنهم خدعوا ولم يطلعوا على نص الديباجة قبل التوقيع، الأمر الذي كان كافيا ليسحب البعض توقيعاته، وليدلي آخرون بتوضيحات بهدف إزالة أي اتهام مسبق، وجاءت هذه التحركات بعد استنكار التيار الأمازيغي لإقحام الأمازيغية في العريضة. وبالتزامن مع نشر الأسبوعية المغربية الفرنسية لنص العريضة وقائمة الموقعين، كان فريق التجديد والتقدم في مجلس النواب يقدم مقتر قانون يقضي بإدخال تعديلات على القانون الجنائي لتجريم الميز العنصري والممارسات المرتكبة باسمه، ليطرح السؤال حول خلفيات هذا التنسيق غير المعلن عنه بين خطوة الأسبوعية الفرونكوفونية ومقترح فريق حزب التقدم والاشتراكية في مجلس النواب، فهل الأمر مجرد صدفة غريبة في توقيت معين كهذا، أم أنه نتيجة تدبير مسبق يرى إثارة القضية إعلاميا في الشارع المغربي قبل الدفع سياسيا بمشروع القانون لإدراجه في المسطرة الجنائية؟ خصوصا إذا لاحظنا أن أسماء وازنة من المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية لها حضور لافت في قائمة التوقيعات، وتنفي بعض المصادر أن يكون التزامن بين توقيت نشر العريضة وتوقيت التقدم بمقترح القانون المذكور مجرد مصادفة، تعتبر أن الربط بين الخطوتين موجه من الخلف. ويبدو أن الاقتراحين الداعيين إلى إصدار قانون يجرم الأفعال العنصرية يأتي بخلفية الحملة الأخيرة التي قادتها بعض الجهات السياسية والإعلامية ضد تصريحات وكتابات بعض العلماء المغاربة بشأن اليهود والصهيونية، وأن الهدف من وراء ذلك هو الدفاع عن اليهود، بالرغم من أن الحملة المذكورة انحرفت كثيرا وحرفت أقوال هؤلاء العلماء، وحتى لا ينكشف هذا الهدف تم إقحام الأمازيغية. ومن المرجح أن تكون للعريضة ولمشروع القانون الذي تقدم به فريق حزب التقدم والاشتراكية النيابي ذيول لاحقة، قد تمت إلى الأحزاب الحكومية لكون الموقعين على العريضة منهم وزراء في حكومة عبد الرحمن اليوسفي، فبيان الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي الذي يستنكر ما ورد بالعريضة دعا علانية إلى «استغلال مناسبة الانتخابات التشريعية المقبلة لفضح ومعاقبة كل مناهضي الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، مما يعني أن التيار الأمازيغي بالمغرب عازم على فتح جبهة المواجهة مع الحكومة الحالية، ويبدو أن الحركة الأمازيغية ستجد في القضية فرصة للعودة مجددا إلى الساحة منذ تم الإعلان على إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قبل أشهر. في هذا السياق قال إبراهيم أخياط، الكاتب العام للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي إن الجمعية ستتخذ موقفا انتخابيا من أعداء الحقوق الأمازيغية، وأكد في حديثه مع «التجديد» أن الحركات الأمازيغية ستوظف جميع إمكانياتها للدعوة إلى تصويت عقابي في الانتخابات المقبلة، لمعاقبة الأشخاص أو الأحزاب التي لها مواقف مناوئة لمطالب هذه الحركات، لكن أخياط قال إن الموقف النهائي من الانتخابات في شهر شتنبر المقبل لم يتم الحسم فيه بعد، وهناك خياران متداولان بهذا الشأن، إما التصويت العقابي، أو مقاطعة الانتخابات، وردا على ما خرجت به بعض الجمعيات الأمازيغية المجتمعة في الناظور في الأسبوع الأول من الشهر الجاري في بيان مشترك لها دعت فيه إلى مقاطعة الانتخابات، نفى أخياط علمه بذلك، لكنه قال إن هناك حوارا بين جميع مكونات الحركة الأمازيغية من أجل تنسيق المواقف من الانتخابات المقبلة "فإما سيلحقون بنا" يعني في الدعوة إلى تصويت عقابي "أو سنلتحق بهم" في الدعوة إلى المقاطعة. إدريس الكنبوري