تعرف العلاقات المغربية القطرية تحركا متسارعا هذه الأيام بعد أن كان بطيئا ومتذبذبا، وإن بدأت اللقاءات الثنائية الرسمية على مستويات عليا تعقد بين الفينة والأخرى دون معرفة جدول أعمالها ولا نتائجها، لكن زيارة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للمغرب يتوقع أن تركز على ملفات اقتصادية ودبلوماسية وإعلامية. هذه الملفات الثلاثة وغيرها سبق أن تناولتها اللجنة العليا المغربية القطرية المشتركة منذ عدة سنوات، وتعززت أكثر بفعل الدعوة الخليجية للمغرب إلى الانضمام لمجلس التعاون الخليجي، والتقارب الرسمي بين المغرب وقطر في كثير من القضايا العربية التي طرحها الربيع العربي خاصة ما يتعلق بليبيا وسوريا. أما عن العامل الاقتصادي، فقطر تعتبر من حاليا من أغنى الاقتصادات العالمية بموارد الغاز خاصة والبترول، حيث تنتج 77 مليون برميل غاز يوميا، واستطاعت في الشهر الجاري أن تجمع في الدوحة منتجي ومصدري الغاز في العالم من أجل تحسين أسعار الغاز بالمقاربة بأسعار البترول وذلك بالتراضي مع المستهلكين، كما أن قطر وفي إطار رؤيتها الإستراتيجية 2030 تسعى لتنويع مصادر اقتصادها وتسعى لاستغلال الفرص الاستثمارية التي توفرها السوق العالمية حيث استثمرت في ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وأميركا وغيرها من الدول الغربية إما بشراء أسهم بنوك أو متاجر كبرى أو مرافئ سياحية وغيرها. ثم إنها تخطط لأن تكون سوق مستقطبة لاستثمارات خارجية خاصة وأنها ستستضيف كأس العالم في العام 2022، الأمر الذي يتطلب بينة تحتية قوية ومتنوعة وفنادق وملاعب ومصانع ويد عاملة وغيرها، إضافة إلى سعيها للاستثمار الزراعي خاصة في آسيا وأفريقيا. ورغم البحث القطري عن الفرص الاستثمارية في الخارج ورغم وجود اللجنة العليا المغربية القطرية المشتركة ووجود مشاريع قطرية في المغرب خاصة في طنجة ومساهمتها في دعم السكن الاجتماعي في أكثر من مدينة مغربية، فإن المسؤولين القطريين والمغاربة غير راضين عن مستوى التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، فرغم تضاعف الاستثمارات القطرية في المغرب بين 2009 و2010، غير أنها لم تتجاوز 1% من الاستثمارات القطرية بالخارج، كما أن المبادلات التجارية لم تتعد 60 مليون دولار، وفق قول عبد اللطيف معزوز وزير التجارة الخارجية المغربي يوم 24 أكتوبر الماضي بالدوحة. ولتحسين هذه العلاقة الاقتصادية، كشف عبد اللطيف معزوز في الدوحة عن وجود توجه لإنشاء شركة قطرية مغربية للاستثمار تتولى دعم الصادرات وتعزيز المبادلات بين البلدين، في حين قال المهندس ناصر المير عضو مجلس إدارة الغرفة رئيس الجانب القطري في مجلس الأعمال القطري المغربي المشترك، إن التبادل التجاري بين قطر والمغرب ما زال دون مستوى الطموح، وأشار المير إلى أنه يأمل في تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين القطري والمغربي بما يقود إلى تأسيس شركات مشتركة مثلما حدث مؤخرا عندما تأسست شركة قطرية مصرية للاستثمار تحت اسم شركة مصر قطر للاستثمار. ويتوقع أن تكون زيارة الشيخ حمد للمغرب اللبنة الأولى لهذه الشركة المغربية القطرية للاستثمار بما يخدم مصلحة البلدين . وهناك مؤشرات كثيرة على أن دولة قطر عازمة على تعزيز التعاون الثنائي حيث بدأت تستقطب اليد العاملة المغربية إلى كثير من القطاعات خاصة الشرطة والجيش والخطوط الجوية القطرية والفنادق والتمريض والدفاع المدني وغيرها. العامل الاقتصادي تعزز أو أثر على العامل الدبلوماسي، حيث يؤمن الإعلاميون القطريون بأهمية تقوية التعاون مع العالم العربي بما في ذلك المغرب على غرار باقي دول الخليج، وقد تجسد ذلك من خلال مقالات متنوعة ولعل أبرزها مقال بعنوان "لا مكان للكيانات الكرتونية، ولا وجود للدويلة الصحراوية"، كما أن الحكومة القطرية تؤكد موقفها الثابت من الوحدة المغربية، حيث أكد وزير الدولة القطري للتعاون الدولي خالد العطية في تصريح سابق في الرباط أن دولة قطر دعمت ولا تزال تدعم وحدة المغرب الترابية، أن موقف قطر الداعم للوحدة الترابية للمغرب "موقف ثابت ودائم".