قال المهندس محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح المغربية، إنه يقدر المستوى العالي لحركة النهضة في الاشتغال واستيعاب الآخر، في ظروف جديدة جدا على النهضة وأمام تحديات تختلف اختلافا تاما عن تحديات المرحلة السابقة لنظام بن علي. وأضاف الحمداوي في تصريح لموقع الإصلاح، بعد زيارة قام بها لتونس ولحركة النهضة في وفد مغربي موريتاني مشترك يومي 1 و2 نونبر، إنه لا حظ أن آمال الناس في تونس معلقة بحزب حركة النهضة، وأن معركة الحزب قد توارت وتراجعت للوراء لصالح معركة البلد والدولة والأمة. وفد مغربي موريتاني مشترك وانبثقت فكرة الزيارة التي قام بها رئيس الحركة أثناء انعقاد مجلس شورى التوحيد والإصلاح يومي 30 نونبر وفاتح أكتوبر، إذ أخبرت الحركة أن وفدا موريتانيا يعتزم زيارة تونس لتهنئة البلد وحركة النهضة بالإنجاز التاريخي المتمثل في نجاح ثورتها ونجاح انتخاباتها. وحبذ الوفد الموريتاني أن تكون الزيارة مشتركة بين حركة التوحيد والإصلاح والحركة الإسلامية في موريتانيا.. وأوضح الحمداوي أن الفكرة كانت حاضرة منذ نجاح الثورة التونسية وعودة الشيخ راشد الغنوشي إلى تونس، كما كانت حاضرة أثناء الزيارة التي قام بها الغنوشي للمغرب الصيف الماضي والتقى فيها بقيادات الحركة والحزب وفعاليات سياسية ومسؤولين مغاربة. كما أوضح الحمداوي أن هذه الزيارة أتت في هذا الوقت تقديرا لتونس والتونسيين والنهضة والنهضويين وتقديما للدعم المعنوي لهم. وتكون الوفد من رئيس حركة التوحيد والإصلاح المهندس محمد الحمداوي، والدكتور سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ووفد موريتاني برئاسة الأستاذ محمد جميل بنمنصور الأمين العام لحزب تواصل.. تحديات جديدة والتقى الوفد المشترك يوم الثلاثاء 1 نونبر قيادات حركة النهضة بحضور الأخ علي العريض، واطلع على المستجدات الحاصلة بتونس ونتائج الانتخابات والتحولات النوعية والسريعة التي يعرفها التنظيم والمجتمع بتونس. ويوم الأربعاء 2 نونبر، شارك الوفد المغربي الموريتاني في أشغال المكتب التنفيذي لحركة النهضة برئاسة الشيخ راشد الغنوشي والأمين العام حمادي الجبالي وباقي الأعضاء، وشارك الوفد المشترك في أشغال المكتب تكريما لهم وترحيبا بهم. ورحب الغنوشي بالضيوف المغاربة والموريتانيين، منوها بالحركة الإسلامية المغربية وسبقها للمشاركة السياسية والعمل على الإصلاح من الداخل، مؤكدا أن حركته تلقت رسائل تأييد شخصيات وفعاليات عسكرية مدنية من داخل تونس، ورسائل مماثلة من المنتظم الدولي، خاصة من الاتحاد الأوروبي. وتقدم أعضاء الوفد المشترك بكلمات التهنئة والمساندة، وعبر رئيس التوحيد والإصلاح عن اعتزازه وافتخاره بحضوره بين أحضان تونس وحركة النهضة في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، مشيدا بالسبق الفكري والتصوري لدى حركة النهضة وشيخها الغنوشي في أوقات كان فيها بعض الإسلاميين يناقشون حرمة الديمقراطية والانتخابات من حلها. وأكد الحمداوي أن النهضة قد مرت بمحنة وبلاء وتضييق كبير خرجت منها بحمد الله مرفوعة الرأس، وهاهي اليوم تسترجع مكانها الريادي في تعزيز قيم التشارك والمشاركة مع الآخر. ونبه المهندس الحمداوي إلى "أن التحديات الجديدة تختلف عن تحديات فترة المحنة والتضييق، فإذا كانت الأولى تحتاج إلى زاد الصبر والصمود والمقاومة والممانعة والثبات، فإن التحدي الأكبر في الفترة الحالية هو تحدي المشاركة وتقديم البدائل واستيعاب المواطنة والحاجة إلى طاقات وفعاليات نظن أن تونس غنية بمواردها البشرية، وأنها لن تخلف الميعاد مع نداء الوطن والأمة". الدعوي والسياسي ويوم الأربعاء 2 نونبر، التقى الوفد الزائر مع شباب النهضة، كما التقى مع المكلفين بالملف الدعوي بحركة النهضة، على رأسهم الأخوان المجاهدان صادق شورو والحبيب اللوز وباقي أعضاء اللجنة. رئيس التوحيد والإصلاح لاحظ وجود تعطش كبير لدى الإخوة التونسيين للاطلاع والاستفادة من التجربة المغربية القائمة على خيار التمايز بين الدعوي والسياسي المبني على استقلالية المؤسسات في القرار والتسيير مع وحدة المشروع. واستعرض المجتمعون أشكالا أخرى من العلاقة بين الدعوي والسياسي مثل خيار الدمج الكامل مثل تجربة الجزائر، وخيار أن يكون العمل السياسي ذراعا للعمل الدعوي مثل تجربة الأردن. حركة النهضة وجدت نفسها دفعة واحدة أمام حزمة من التغييرات المتسارعة والأوضاع الجديدة والقضايا المستحدثة والتساؤلات والتحديات، الأمر الذي جعلها تسأل عن كل التجارب والخبرات الموجودة للاستفادة منها أقصى الاستفادة. وكان اللقاء مع الوفد المشترك فرصة للإجابة عن تساؤلات اللجنة الدعوية وتبديد مخاوف الانفصال، وبحثها عن الجوانب الإجرائية المعتمدة في التجربة المغربية في إدارة العلاقة بين الدعوي والسياسي، وشدد الحمداوي، في كلمته، على أن التجارب لا تستنسخ، وإنما يستفاد منها. وعبر الحمداوي عن شعوره بالاطمئنان على التجربة التونسية في ظل التحديات والتحولات المتسارعة والمتزامنة في وقت واحد، وقال "ما يطمئن هو المستوى العالي لاستيعاب الآخر والحرص على إشراكه بناء على شرط ثلاثة تحكم الاختيارات والتحالفات هي الكفاءة، والوطنية، والوقوف ضد الفساد. ولاحظ الحمداوي أن بعض المقترحات لتولي المهام والمناصب تعتمد على العناصر السالفة وقد تكون في مرشح من حركة النهضة وقد تكون في مرشح من غير النهضة ولا يجدون في ذلك أي حرج أو غضاضة. أمر آخر، أثار رئيس التوحيد والإصلاح، هو وجود خزان هائل من الكفاءات والقدرات والطاقات التونسية تشتغل في عدة مؤسسات دولية غير حكومية دفعها النفي والاستبداد إلى الهجرة خارج البلاد وجاء وقت الحاجة إليها، وهذا من الأمور التي تحسب للنهضة في تقدير الحمداوي. وخلص الحمداوي إلى أن منطق الحركة والحزب قد توارى عند النهضة وجاء منطق الدولة والأمة التونسية، وأن الحركة قد تجاوزت مفهوم النهضة كتنظيم، وأن الحزب والمناضلون جميعا في خدمة الدولة والأمة التونسية. وختم رئيس حركة التوحيد والإصلاح تصريحه بالدعاء الخالص بأن يوفق الله سبحانه وتعالى تونس والتونسيين وأن يؤيدهم ويحفظهم، وأن يجري الخير على أيدي حركة النهضة لتونس وللمنطقة كلها، وأن يكون ذلك انطلاقة جديدة يعم خيرها على المنطقة المغاربية ككل.