اعتمدت الأممالمتحدة في 18 دجنبر 1979 «اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» في 30 بندا. وفي 1 مارس 1980 فتح باب التوقيع عليها من طرف الدول الأعضاء في الأممالمتحدة التي ضمنها المغرب. وفي 21 يونيو 1993 انضم المغرب إلى هذه الاتفاقية بتاريخ 21 يونيو 1993و سجل تحفظاته على بنودها حينها. ومند ذلك التاريخ أخذت البنود المتحفظ عليها من طرف المغرب تضيق، وسجلت سنة 2008 محطة دالة حيث أعلن الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عن «سحب المملكة المغربية التحفظات المسجلة بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التي أصبحت متجاوزة بفعل التشريعات المتقدمة التي أقرتها بلادنا» في الرسالة التي تلاها بالمناسبة مستشار الملك أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، يوم 10 دجنبر 2008. وأثار هذا الإعلان جدلا كبيرا حول تأويل العبارة الواردة في الرسالة الملكية. وبعد أسبوعين تقريبا وفي نفس الشهر أصدر المجلس العلمي الأعلى بيانا توضيحيا شدد فيه على أن « المجلس العلمي الأعلى يعتز بالتطور الاجتهادي الذي شارك فيه العلماء وعدد من الفاعلين الاجتماعيين على مستوى مدونة الأسرة، هذه المدونة التي اقتضت المصادقة على قانونها ملاءمة مضمونها مع قوانين دولية في الموضوع، وهذه الملاءمة، ولا شيء آخر، هي التي استدعت ما تم الإعلان عنه من سحب تحفظات في الموضوع». وقد كان بلاغ المجلس العلمي، الذي ربط التحفظات بمستجدات مدونة الأسرة وحدها، الرد الرسمي الوحيد في الموضوع، والذي بث نوعا من الاطمئنان حول طبيعة الخطوة المغربية في رفع التحفظات، وهو ما سجلته مواقف معارضي الرفع الكامل للتحفظات و التي أكدت التأويل الذي ذهب إليه المجلس العلمي. ومند ذلك التاريخ والجدل في المغرب يدور حول الرفع الكامل للتحفظات وماذا يعنيه ذلك من الناحية الشرعية ومن ناحية تأثيراته على التركيبة المجتمعية والأسرية. غير أن الميزة الأساسية في ذلك الجدل هو الغموض الرسمي حول حقيقة ما تم رفعه فعلا من التحفظات رغم الطمأنة الرسمية الوحيدة التي جاء بها بلاغ المجلس العلمي الأعلى. وكان انعقاد المؤتمر الدولي «بيكين + 15» بنيوويرك خلال الفترة ما بين 1 و12 مارس 2010 فرصة أخرى لاندلاع الجدل من جديد حول الموضوع. وأثارت الطريقة التي تم بها تدبير إعداد التقرير الوطني حول تقييم تطبيق المغرب لخطة عمل اتفاقية «بكين + 15» حول المرأة، جدلا إعلاميا كبيرا خاصة بعد الارتباك الذي أبانت عنه وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، نزهة الصقلي، الذي عرضت التقرير في إطار الدورة ال45 للجنة الأممالمتحدة للنهوض بأوضاع المرأة بنيويورك. فالوزيرة قالت حينها «إن إنجازه التقرير تطلب 9 أشهر من العمل والتهيئ التشاركي و التشاوري مع جميع المتدخلين». لكن موقع الأممالمتحدة، الخاص بدورة المرأة بيكين + 51، عرض نسخة من التقرير الوطني المغربي قبل ما يزيد عن شهر من نهاية عمليات «التشارك والتشاور» التي تحدثت عنها الوزيرة! وردت الوزارة في بلاغ على إثارة الملاحظة حينها من قبل بعض وسائل الإعلام، بالقول إن التقرير ما يزال في طور التحضير وإنه سيعمم خلال شهر فبراير قبل تقديمه، دون أن تكذب ما نشر في موقع الأممالمتحدة. لكن الوزيرة عرضت التقرير في الأممالمتحدة ولم تعمم مضامينه ولم تتوصل به الجمعيات التي ديل التقرير بتوقيعها. بل إن هذه الجمعيات حضرت لقاء عرضت فيه الوزيرة ما أسمته حينها «الخطوط العريضة» للتقرير، ورفضت المصادقة على العرض الشفوي للوزيرة التي وعدتها بالتوصل بنسخة من التقرير بعد إنجازه، وهو ما لم يتم قط ! وخلال سنة 2011 طفا الجدل حول رفع التحفظات من جديد، وذلك في مناسبتين رئيسيتين ترتبطان مباشرة بالموضوع. كانت أولى تلك المناسبات إعلان مصادقة مجلس الحكومة بتاريخ 26 ماي على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6 أكتوبر 1999، و يفرض البروتوكول على الدول الأطراف «الاعتراف بصلاحية لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة في البت في التبليغات المقدمة من قبل، أو نيابة عن، أفراد أو مجموعة أفراد خاضعين لولاية الدولة الطرف والذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك لأي من الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة». وكانت المناسبة الثانية هي الإعلان عن رفع جميع التحفظات «باستثناء تحفظ وحيد يهم المادة 29 حول قضية التحكيم بين الدول في المنازعة حول الاتفاقية، مع بيان تفسيري يهم المادة 2، حيث تم توجيه رسالة في الموضوع تخبر برفع تلك التحفظات إلى الأمين العام للأمم المتحدة يوم 8 أبريل الماضي». ونشرت الحكومة في الجريدة الرسمية بتاريخ 1 شتنبر 2011 ظهيرا شريفا تعلن فيه عن خطوتها الجديدة بناء على «إيداع وثائق المملكة المغربية لرفع التحفظات المضمنة في وثائق الانضمام إلى الاتفاقية المذكورة(سيداو)، الموقع بنيويورك في 18 أبريل 2011» كما جاء في نص الظهير.