مع قناعتي أن مشاركة أكبر للشباب في الحياة السياسية وفي المؤسسات الحزبية والدستورية من برلمان وحكومة تعد أمرا جيدا وإيجابيا فإنني بنفس القناعة أرى أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم بقرار إداري أو بقانون لا يراعي المبادئ الدستورية والحقوقية الكبرى المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص وإنما هو قرار سياسي يجب أن يتم داخل الأحزاب . وأرى أن على المجلس الدستوري – الذي يستمر في العمل لحين إرساء المحكمة الدستورية - ألا يدع هذه الفرصة تمر دون أن يسجل قرارا تاريخيا ينتصر للدستور وللا تفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب إقرار لائحة وطنية خاصة بالمرأة يبرره مبدأ التمييز الإيجابي المكرس دوليا إن إقرار لا ئحة وطنية خارج لا ئحة المرأة التي يبررها التمييز الإيجابي يعد خرقا لمبدأ المساواة المكرس دستوريا والذي لا مبر له في حالة ضم هذه اللائحة للرجال ولو بدعوى تشجيع مشاركة الشباب . CEDAW فالمعايير الدولية وعلى رأسها تفسيرات لجنة القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة ب صارت تكرس صراحة مبدأ التمييز الإيجابي المؤقت لفائدة المرأة وذلك مند توصيتها العامة الخامسة سنة 1988 وعلى أساس الفقرة الأولى من المادة الربعة من اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة فهذه المادة تنص : . "لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع، على أي نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة" فقد نصحت تلك التوصية الدول الأطراف على زيادة التدابير المؤقتة الخاصة بمعاملة تفضيلية للنساء أو بحصص لتشجيع إدماج المرأة في مجالات التربية والاقتصاد والنشاط السياسي والشغل . وبذلك أعطى جهاز دولي مخول لتفسير الاتفاقية الضوء الأخضر للدول لاتخاد تدابير لصالح النساء في كل هذه المجالات الحيوية بدون أن تكون في حالة خرق لالتزامتها الدولية ، بل العكس هو الصحيح. وهنا فإنني أدعو الدولة المغربية والأحزاب إلى النص صراحة في القانون التنظيمي للبرلمان على لائحة وطنية خاصة بالمرأة سيما وأن الدستور الجديد ينص على ملائمة القانون المغربي مع الاتفاقيات الدولية . وستكون هذه نقطة إيجابية أخرى ستسجل للمغرب وطنيا وفي في المحافل الدولية في مجال النهوض بحقوق المرأة في المجال السياسي . على المجلس الدستوري أن يفرض تفسيرا تأويليا للنص مشروطا بأن تقتصر اللائحة على المرأة أما إذا لم يتضمن القانون إشارة صريحة لكون اللائحة الوطنية تعد خاصة بالمرأة فإن على المجلس الدستوري أن يفرض تفسيرا تأويليا للنص مشروطا بأنه عند تطبيقه يجب أن تقتصر اللائحة على المرأة وذلك إعمالا لمبدأ التمييز الإيجابي وباعتبار إدخال الذكور ضمن اللائحة يعد تمييزا في المعاملة بينهم وبين باقي الذكور المرشحين في اللوائح المحلية وخرق للمبدأ الدستوري للمساواة ، بينما لاتعد اللائحة الوطنية للنساء كذلك باعتبار مانصت عليه المواثيق الدولية التي صادق عايها المغرب ولا سيما اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة خاصة وأن الدستور المغربي يحيل في ديباجته التي تعد جزءا لا يتجزأ منه على تشبت المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا أدعو الشباب إلى ثورة ديمقراطية داخل الأحزاب أما بالنسبة للشباب بصفة عامة فإني أرى أن مشاركة أكبر لهم في البرلمان يجب أن تنتج عن قرار سياسي يتخد داخل الأحزاب . وإنني أدعوهم إلى تلافي استجداء هذه المشاركة من الدولة والسعي لفرضها داخل أحزابهم بثورة سلمية هادئة . نعم إننا نحترم قياداتنا خاصة تلك التي ناضلت طويلا في الماضي وقدمت تضحيات وتحملت مسؤوليات جسيمة ولكن الوقت قد حان لكي تستريح وتشارك بالنصيحة والتجربة والخبرة في مساعدة الشباب على حسن الأداء إن أغلب هذه الزعامات تستشهد بالخطاب الملكي لتبرير عدد من مواقفها ولكن الخطاب الملكي نفسه صار يدعو لوجوه جديدة . وإن الحفاظ على الكرامة يتطلب من المرء أن يفهم اللحظة التي ينبغي فيها أن يتخذ القرار المناسب حتى لا يظطر الآخرون إلى اتخاد القرار مكانه . ولأعود لللائحة الوطنية للنساء فأقول أنه يجب هنا أيضا عدم احتكار هذه اللائحة من طرف قلة من النساء اللاتي شاركن أكثر من مرة مع احترامي الكبير لما قدمن من مساهمات وما كسبن من تجربة . ولكن التشبت بالمقاعد ضدا على الاعتبارات الموضوعية التي تتعلق بضرورة التناوب وإفساح المجال أمام كفاءات نسائية جديدة قادرة على العطاء وعلى كسب تجربة بدورهن في إطار تنظيمات حزبية ديمقراطية يعد أمرا مطلوبا . أستذ جامعي ومحام بهيئة الرباط