اعتبر الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية خلال مداخلة له بمناسبة التصويت على اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أن التدبير السياسي للتفاوض مع أمريكا شابه قصور حال دون تحقيق أفضل للمكاسب بأقل الخسائر، كما سجل ذات الفريق خلال ذات المداخلة التي ألقاها عبد القادر اعمارة باسم ذات الفريق العديد من الملاحظات وعلامات الاستفهام حول سياق هذه الاتفاقية وكذا حول التأثيرات الإيجابية المحتملة للاتفاقية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية خاصة على المستويات الاقتصادية والسياسية والداخلية وكذا حول التداعيات السلبية المتوقعة لاتفاقية التبادل الحر مع أمريكا خاصة في أبعدها العامة والقطاعية. الفريق الذي صوت بالامتناع على هذه الاتفاقية سجل العديد من الملاحظات المتعلقة بمجمل جوانب هذه الاتفاقية خاصة ما يتعلق بالمقاربة والمنهجية التي حكمت تعاطي المفاوض المغربي معها. كما وقفت ذات المداخلة حول المعالم الكبرى للاتفاقية: خاصة ما يتعلق بأبعادها الشمولية والتناظرية ثم ما يتعلق بالسرعة القياسية التي سجلها فريق حزب المصباح في إبرام هذه الاتفاقية وما تقدمه الحكومة من تبريرات لم يعتبرها مقنعة في هذا الصدد ثم ما يتعلق في مستوى رابع بآلية تدبير المنازعات. كما قدمت الورقة سياقا تاريخيا لمسلسل الانفتاح التجاري والحضاري للمغرب على العالم منذ الاستقلال حتى يوم الناس هذا عارضا فيه المغرب ككيان سياسي ظل منفتحا ومتفاعلا مع الحضارات الأخرى كما عرض لمرحلة التقويم الهيكلي معتبرا إياها أول خطوة فعلية في مسلسل الانفتاح الاقتصادي المغربي. قصور في التدبير السياسي للتفاوض سجل فريق العدالة والتنمية خلال مداخلته المذكورة، ومن خلال استقراء المعطيات المتعلقة بالاتفاقية الثنائية بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية وكذا بالرجوع إلى مختلف الحيثيات التي واكبت التفاوض واستعراض مختلف نقاط القوة والضعف خلص إلى أنه رغم العمل الجبار الذي قامت به الأطر المفاوضة من مختلف القطاعات الوزارية، إلا أن التدبير السياسي للتفاوض شابه قصور حال دون تحقيق أفضل للمكاسب بأقل الخسائر. واعتبر أن هندسة الاتفاق كان يمكن أن ينسج فيها على منوال ما تم مع الاتحاد الأوربي علما أنه يشكل القوة الاقتصادية الثانية بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقد كسب المغرب خبرة لا بأس بها في التفاوض معه طوال العقود الماضية. فالهندسة المقترحة يقول الفريق، تنبني على تحرير تناظري في عدد من المجالات الصناعية كالنسيج والجلد والصناعات الغذائية والإلكترونية باعتبار تجربة المغرب في هذا المجال مع الاتحاد الأوربي. معتبرا أنه وبالنسبة للخدمات فيمكن أن يقع تحرير تناظري جزئي في بعض المجالات كالاتصالات والخدمات المالية ودائما باعتبار التجربة التي راكمها المغرب. كما أنه وفي مجال الفلاحة يمكن اعتماد مقاربة تحريرية تناظرية في الفلاحة التصديرية واستثناء الفلاحة الاجتماعية المتمحورة حول الحبوب وتربية المواشي إلى حين إعداد بدائل ناجعة ودائمة. أما بالنسبة للمجالات التي تندرج في إطار القضايا العالقة، فالمفاوض كان حريا به أن يدخلها في إطار التعاون ريثما تنضج الأمور ويقع نوع من التأهيل على شاكلة ما وقع مع الاتحاد الأوربي حيث الاستثمار والملكية الفكرية والصفقات العمومية تدخل في خانة التعاون. كما أكد ذات الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية في معرض مداخلته معارضته للسياسات الخارجية للإدارة الأمريكية في العالم الإسلامي وخاصة ما يتعلق بتحيزها السافر لفائدة الكيان الصهيوني في عدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني، وما يتعلق باستمرار احتلالها للعراق وما ترتب عنها من مآسي يعيشها يوميا الشعب العراقي، ولمشروعها الهيمني على المنطقة التي حاولت وتحاول تمريره من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير، وهو ما عبرنا عنه يؤكد الفريق، "وسنستمر في التعبير عنه من خلال مناسبات ومحطات مختلفة"، وقارب الفريق هذه الاتفاقية نظرا لبعدها الاستراتيجي المتجاوز لسياسات الإدارة الأمريكية مركزا على أبعادها الاقتصادية والاجتماعية سلبا وإيجابا ومساءلة التدبير الحكومي للتفاوض ومدى أهليته لتأهيل النسيج الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي كي يكون قادرا على الاستفادة من الإيجابيات المأمولة وتجاوز الانعكاسات السلبية المؤكدة. وبعد العديد من الملاحظات المختلفة الجوانب حول الاتفاقية موضوع الحديث خلص فريق العدالة والتنمية وانطلاقا من كل ما بسط وتأسيسا عليه إلى أن الاتفاقية الثنائية بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية المعروضة على مجلس النواب للمصادقة شابها قصور على مستوى التدبير التفاوضي فوت على المغرب فرصة إقامة اتفاق متوازن يدعم الاتفاقيات الأخرى وينسجم معها، ومن جهة أخرى وحيث أنهم في حزب العدالة والتنمية مع مبدئي الانفتاح وتنويع الشركاء التجاريين فقد صوتو بالامتناع على الاتفاقية الثنائية المغربية الأمريكية آملين أن توفق الحكومة إلى إنجاح التأهيل المطلوب لإنجاح الانفتاح والتبادل التجاري سواء مع أمريكا أو غيرها. التداعيات السلبية المتوقعة لاتفاقية التبادل الحر مع أمريكا اعتبر فريق العدالة والتنمية كما يعتبر عدد من المحللين والمراقبين أن الاتفاق الثنائي بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية تكتنفه عدد من التهديدات والمضاعفات السلبية والإكراهات نجمل أهمها في ما يلي : أولا على المستوى العام: لاحظ الفريق إن استفادة الصادرات المغربية في الفلاحة والصناعة الغذائية والنسيج والجلد ... من السوق الأمريكية رهين بقدرة الحكومة على إنفاذ الإصلاحات الضرورية لتأهيل يشمل نظامي التربية والتكوين والإصلاح الإداري والمؤسساتي وإصلاح القضاء وتحسين مناخ الاستثمار وتأهيل الفلاحة المغربية والمقاولة المغربية والنسيج الاقتصادي والاجتماعي ورهين كذلك عبر هذا التأهيل بقدرة صادراتنا على تجاوز عائق القيود الصحية والاحترازية التي تتميز بها الولاياتالمتحدة المريكية فإدارة الأغذية والأدوية(FDA) غنية عن التعريف. وفي نفس المستوى يؤكد فريق حزب المصباح، أن استفادة المغرب من أرضية التصدير لا ينبني فقط على الإمكانيات المتاحة لذلك من خلال الاتفاقات الثنائية أو الجهوية وإنما سيبقى رهينا في جزء كبير منه على مدى تحسين المغرب لمناخ الاستثمار والإصلاح الإداري والمؤسساتي. مثيرا، إلى التخوف الكبير أن تتقوقع الشركات التي يتوقع أن تستقر في المغرب على نفسها كما حدث في بلدان كالمكسيك مثلا ولا تمتد ديناميكيتها إلى الاقتصاد الوطني (Intra – firme) لتفعيل المناولة (Sous-traitance) أو الإنتاج المشترك (Cotraitance). وفي نفس السياق أشار الفريق، إلى أن تجربة المغرب قد تعيد إلى الأذهان تجربة المكسيك حيث أن النسيج الصناعي في قطاعه التصديري معزول تماما عن السوق الداخلية وأن القطاع العصري الذي استجاب في مرحلة معينة للطلب الداخلي مهدد في ظل التنافسية الشديدة أن تنحدر مقاولاته إلى القطاع غير المهيكل أو الاقتصاد السري للاستجابة لطلب شرائح واسعة من المجتمع ذات القدرة الشرائية الضعيفة. ودائما في الإطار العام يقول اعمارة، فإن مسارعة المغرب إلى توقيع اتفاقية ثنائية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حسب النموذج الأمريكي وبالتزامات غير مسبوقة في قضايا لا زالت عالقة قد يتسبب في عزلة المغرب على مستوى منظمة التجارة العالمية حيث تسعى دول من الجنوب كالبرازيل وجنوب إفريقيا والهند بتنسيق مع مجموعة أخرى من الدول النامية والدول الأقل نموا لخلق تكتلات تحد بها من هيمنة دول الشمال. ثانيا على المستوى القطاعي فاعتبر الفريق، إن عددا من القطاعات ستعاني من مخاطر حقيقية وقال أن من واجبه، التنبيه إليها خاصة في غياب أي دراسة توقعية للآثار السلبية على الاقتصاديات القطاعية وفي ظل سكوت الحكومة عن الإشارة إليها. وقال إن أول قطاع سيتضرر هو قطاع الفلاحة في شقه الاجتماعي أي ما يصطلح على تسميته بالفلاحة الاجتماعية. حيث أن التهديد سيطال نمطا اقتصاديا اجتماعيا، على الرغم من أنه متخلف لكنه اقتصاد كفاف يضمن حدا من الاسقرار لساكنة العالم القروي ( 45% من ساكنة المغرب) لا يمكن التضحية به في ظل غياب بديل دائم وناجع. وبلغة الأرقام التي يصعب تأكيدها في ظل عدم وجود دراسة رسمية للأثر Etude d'impact فإن حوالي 5 إلى 7 ملايين يوجدون في دائرة التهديد مما ينذر بمعضلة اجتماعية تنضاف إلى ظاهرة ترييف المدن ومحاصرتها بأحزمة البؤس والفقر، وهذه المعضلة قد تتخذ شكل نزوح جماعي ضار بالنسيج الاجتماعي للحواضر. وأضاف أن هذه الاتفاقية ستترتب عنها التزامات عديدة بمعايير اجتماعية وبيئية لا يبدو أن المغرب ونسيجه المقاولاتي قادران على الوفاء بها أو يسير نحو التأهيل من أجل الوفاء بها مما سيعرض المغرب لعدة إكراهات وغرامات مكلفة. أما على مستوى الصناعات النسيجية وصناعة الجلد فاعتبر الفريق على لسان اعمارة أن هذا القطاع يحتاج إلى هيكلة عميقة تمس تخصصه وطرق تدبيره وآلياته وموارده البشرية ليواجه المنافسة الشرسة لبلدان كالصين والهند وليستفيد من الإمكانيات الهائلة للسوق الأمريكية. أما ما يتعلق بمستوى ولوج السوق الأمريكية فاعتبر المتحدث، أن الصادرات المغربية ستصطدم بالحواجز غير الجمركية أو القيود الصحية والاحترازية التي كما سبق أن ذكرنا يمكن اعتبارها في غياب تأهيل فاعل لمقاولاتنا قيودا تعجيزية. أما فيما يخص الصناعات الصيدلية، قال أنه، وبالنظر إلى الواقع الصحي بالمغرب وفي ظل التعثر الذي يعرفه تعميم التغطية الصحية، كان على المغرب أن يتحفظ في الذهاب أبعد من التزاماته داخل المنظمة العالمية للتجارة التي تضمن قواعدها على الأقل، بفضل تكتل الدول النامية، فصل قضايا الصحة عن قضايا التجارة، وقد دأب الائتلاف الوطني ضد اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية على الإشارة إليه وإلى خطورته. التأثيرات الإيجابية المحتملة للاتفاقية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية إن هذه الاتفاقية يقول اعمارة، وعلى الرغم مما يعتريها من ثغرات قد تقدم للمغرب فرصا يحسن به استثمارها لتدفع بعجلة اقتصاده إلى الأمام. ويمكن إجمال أهم هذه الفرص فيما يلي: سياسيا : تعزيز المكانة الدولية للمغرب باعتباره سيكون من الموقعين الأوائل على اتفاقية ثنائية مع كبرى دول العالم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. اقتصاديا : نظريا انفتاح لأكبر سوق في العالم على جزء من الصادرات المغربية – وقد ينعكس هذا الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية التي قد تجد ضالتها في المغرب كأرضية للتصدير إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أو أوربا أو الدول الأخرى التي تربطها اتفاقيات ثنائية مع المغرب. داخليا : ستلزم الاتفاقية بلادنا بتسريع وتيرة التأهيل في الأوراش التي لا زالت تراوح مكانها : عصرنة الإدارة العمومية – تخليق الحياة العامة – إنعاش الاستثمار والتشغيل – تطهير المالية العمومية – تحريك القطاع المالي – توسيع مجال القطاع الخاص – إصلاح المؤسسات العمومية – مواصلة إدماج المغرب في الاقتصاد العالمي. أسئلة مشروعة حول اتفاقية التبادل الحر في هذا المحور قال الفريق "إننا أمام هذه الاتفاقية التي ستربط بين المملكة المغربية والولاياتالمتحدةالأمريكية نطرح – كما يطرح كثير من المتتبعين والفاعلين وعموم المواطنين المهتمين – أسئلة مشروعة من قبيل، هل تشكل هذه الاتفاقية امتدادا متزنا ومتدرجا لسياسة الانفتاح الاقتصادي التي شرع المغرب في نهجها منذ عقود أم تشكل طفرة غير محسوبة وغير موزونة في تلك السياسة – ثم عن صيغة الالتزامات التي أخذها المغرب على نفسه في هذا الإطار الثنائي والتي تجاوز في مداها بشكل كبير المجالات والقواعد المتعارف عليها والتزامات مختلف الدول في إطار منظمة التجارة العالمية وهذا من شأنه أن يحرج المغرب أمام شركائه الآخرين وكذا عن مدى تقدير المفاوض السياسي المغربي لمحدودية الخبرة التفاوضية للمغرب مقارنة مع مثيلتها الأمريكية مع اعترافنا بوجود كفاءات مغربية عالية التخصص في مختلف القطاعات وتقديرنا لها. ومن تلك الأسئلة، التساؤل حول مدى تقدير المفاوض المغربي للآثار والمضاعفات المرتقبة لالتزامات المغرب في إطار هذه الاتفاقية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي وعن ذهابه بعيدا إلى أقصى ما يمكن أن توقع عليه الدول النامية مما لا يزال موضع تحفظ وممانعة كبيرين في إطار منظمة التجارة العالمية". وأضاف الفريق أنه وإن سلم جدلا بأن الحكومة تنطلق في مقاربتها لاتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية من تصور واضح ينبني حسب تقديره على أساسين، الأول تكريس الانفتاح باعتباره في البدء سيرورة إرادية وباعتباره كذلك ضرورة العصر لإدماج الاقتصاديات النامية في الاقتصاد العالمي. والثاني، تنويع الشركاء التجاريين حيث أن الحكومة المغربية وقعت أو تعتزم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية والجهوية وفي زمن قياسي ربما لتدارك التأخر على هذا المستوى حيث ظل المغرب رهينا لأحادية تجارية مع الاتحاد الأوروبي لعقود (حوالي 65% من مبادلاته التجارية ). فإن الفريق يعتقد أن هذه المقاربة أعطت الأولوية للاتفاقات الثنائية على الاتفاقات المتعددة الأطراف التي تتم داخل منظمة التجارة العالمية. وأردف الفريق أنه غير خاف أن التفاوض داخل إطار " متعدد الأطراف " يعطي ضمانات أكثر لاقتصاديات دول الجنوب الشبيهة باقتصادية المغرب في ظل ميزان القوى الحالية ونظرا لعدم التوازن الذي يطبع علاقة الشمال بالجنوب، وبالتالي فإن الابتعاد عن " الإطار متعدد الأطراف " يؤكد الفريق، أمر محفوف بالمخاطر ذلك أن عددا من القضايا التي كانت وراء فشل اجتماعات سياتل 99 وكانكون 2003 لا زالت عالقة ويدخل ضمنها مواضيع سنغافورة: والاستثمار والمنافسة والصفقات العمومية وتيسير المبادلات. وتربط تكتلات الجنوب أي تقدم فيها بمدى التزام دول الشمال خاصة دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) برفع الدعم عن فلاحتها بسبب مركزية هذا القطاع اقتصاديا واجتماعيا بالنسبة لهذه الدول. وقال بأن هذه القضايا العالقة على المستوى الدولي قد وجدت طريقها إلى الاتفاق الثنائي المغربي الأمريكي وقدم فيها المغرب التزامات مختلفة، وفضلا عن ذلك يوضح المتحدث باسم الفريق، قدم المغرب التزامات في مجال آخر ترفض دول الجنوب إلى حد الآن وضعه على طاولة النقاش فبالأحرى التفاوض حوله داخل المنظمة العالمية للتجارة وهو مجال الشغل. وخلص الفريق إلى كون هذه المقارنة تدفعه إلى التسليم وفي غياب دراسات توقعية للآثار الإيجابية والتداعيات السلبية لهذه الالتزامات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا بأن الحكومة انخرطت ضمن مقاربة أمريكية تروم بالأساس عبر هذا الاتفاق تقديم نموذج للتعميم على الدول النامية الأخرى. وقد تواترت بذلك تصريحات عدد من المسؤولين الأمريكيين ورشح عن اجتماعات التفاوض. واعتبر أن أولوية الثنائي على متعدد الأطراف في مقاربة الحكومة قد يكون مبررا في حالة الدول التي توجد اقتصادياتها في وضع شبيه باقتصادية المغرب أو لا يوجد بين المغرب وبينها تفاوت كبير على مستوى مؤشرات الإنتاج والتنافسية كدول الرباعي أو حتى تركيا مثلا، ولكن عندما يتعلق الأمر باقتصاد عملاق تتمحور حوله حركية الاقتصاد العالمي يؤكد الفريق، فإن الحكمة والحيطة تقتضيان التعامل معه بالتدرج اللازم وضمن مقاربة محدودة لا مقاربة شمولية (الأردن نموذجا ...). ملاحظات منهجية حول اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا في هذا المحور قدم فريق العدالة والتنمية العديد من الملاحظات على المستوى المنهجي وسجل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعاملت مع موضوع الاتفاقية مع المغرب بعناية كبيرة وضمن منهجية محددة سلفا وذلك على الرغم من أنه قد يتبادر إلى الذهن تواضع أهمية الاتفاقية بالنسبة لها، وهذا ما لم يتوفق فيه الجانب المغربي. فبالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية بعد لقاء جلالة الملك بالرئيس الأمريكي يشرح المتحدث، تمت مراسلة الكونغرس الأمريكي من طرف المسؤول الأول عن ملف التفاوض منذ البداية حيث حددت المراسلة الأهداف من الاتفاقية وتفاصيل عن كل المجالات التي ستدخل ضمنها وبعد ذلك تم عبر الجريدة الفيدرالية فتح باب لإبداء الرأي بالمقترحات والتحفظات وهو الشيء الذي سمح لكبريات الشركات المهتمة بالموضوع التنويه بسير المفاوضات وإيجابياتها للجانب الأمريكي تم جاء التوقيع فالمصادقة فالإعلان عن المكاسب. أما بالنسبة للحكومة المغربية يوضح اعمارة، فعلى اعتبار أنها غير ملزمة دستوريا بإخبار البرلمان فقد انطلقت في المفاوضات دون إشراك لكثير من المعنيين من هيآت سياسية ومدنية وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين وحضرت في لجان البرلمان بناء على طلب السادة النواب. مما أبقى البرلمان متابعا لا مشاركا وكذلك الحال بالنسبة لعدد من الفاعلين الاقتصاديين وجمعيات المجتمع وهذه المنهجية لا بد أنها قد أرخت بظلالها على قوة وتماسك الموقف التفاوضي للمغرب. المعالم الكبرى للاتفاقية بهذا الخصوص رصد الفريق المعالم الكبرى لهذه الاتفاقية من منطلق اعتباره لها اتفاقية غير مسبوقة من حيث الحجم والأثر ودلل على ذلك المعطيات الآتية: أولا الشمولية: فالاتفاق شمل جميع المجالات الإنتاجية والفكرية والثقافية والاجتماعية. وقد طال هذا الاتفاق مجالات لا زال البعض منها عالقا على مستوى منظمة التجارة العالمية وتوسعت الاتفاقية لتشمل الصفقات العمومية والخدمات والشغل والبيئة والملكية الفكرية والاستثمار. وقد أصبح للمغرب في كل من هذه المجالات التزامات بمقاربات صارمة لا تسمح إلا بهامش محدود من الاستثناءات أهمها احتكارات معينة للدولة ( الفوسفاط، الكهرباء، السكك الحديدية وبعض الاحتكارات في المجال الجماعي ) وعدم السماح بسيطرة الرأسمال الأجنبي على الأبناك المغربية والتعامل مع بعض المواد الفلاحية الحساسة ضمن منطق الحصيص (Contingent). والجدير بالذكر أن مجال البيئة لا زال جنينيا على مستوى التقنين فبالأحرى أجرأة عدد من المقتضيات التي تنص عليها الاتفاقيات الدولية وكذلك بالنسبة لميدان الشغل الذي يطرح إشكالات متعددة على مستوى الأجرأة. ثانيا التناظرية: لقد تمت هندسة الاتفاق المغربي الأمريكي بناء على الفلسفة الأمريكية في ميدان التبادل التجاري القائمة على التناظر Symétrie وهذا ما صرح به المسؤولون المغاربة. ومفهوم التناظرية يحيل ضمنا على الندية ويفترض أننا أمام دولتين متكافئتين أو على الأقل غير متفاوتتين تفاوتا كبيرا. ولا نحتاج إلى التدليل على أن عكسه هو الصحيح تماما. فالولاياتالمتحدةالأمريكية بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية الهائلة وبالإضافة إلى ترسانتها القانونية الضخمة والقيود الصحية والاحترازية التي تفرضها على السلع التي توجه إلى أسواقها قد دشنت منذ سنوات خطا خاصا بها يتميز بالأحادية في مقاربة القضايا الدولية والتمرد على القانون الدولي والمنتظم الدولي في عدد من المحطات أبرزها الحرب على العراق والفيتو على قرارات مجلس الأمن الخاصة بفلسطين المغتصبة ومعاهدة كيوتو والمحكمة الجنائية الدولية. ثالثا السرعة: لقد تميز الاتفاق المغربي الأمريكي بالسرعة القياسية التي تم بها إنجازه حيث منذ الإعلان إلى التوقيع استغرقت المدة الزمنية سنة وشهرين. ورغم ظهور بعض الإشكالات خلال مرحلة التفاوض إلا أن الانتخابات الأمريكية ضغطت على المفاوض في اتجاه التسريع بالتوقيع وهذا في رأينا يخضع اتفاقا ذا أبعاد استراتيجية للمتغيرات السياسية الأمريكية مما قد يكون وراء ثغرات في الاتفاق خاصة أنه اعتمد مقاربات صارمة في قطاعات حساسة كالفلاحة وتناول مواضيع جديدة بالنسبة للمغرب كالاستثمار والصفقات العمومية والشغل والبيئة، واعتمد مقاربة اللائحة السلبية في مجال الخدمات والاستثمار تقوم على أساس التحرير كمبدأ لا يحتمل إلا استثناءات محدودة وهي مقاربة فيها إكراهات كبرى ولا تناسب دولة نامية تظل مجموعة من القطاعات فيها غير مقننة مقارنة مع دولة ذات ترسانة قانونية متطورة جدا. معتبرا أن التفسير الذي يذهب إليه بعض المسؤولين لتبرير انخراط المفاوض المغربي في المقاربة الأمريكية بمنهجيتها وسرعتها، من أن هناك دولا أخرى من داخل محيطنا ومن نفس المستوى ترغب بل وتهرول إلى اتفاق مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بأي ثمن غير مقنع في نظرنا على اعتبار أن القضية ليست في المجادلة في أهمية هذا الاتفاق أو عدم أهميته، بل تتعلق بحجمه ومداه وضخامة التزامات المغرب في إطاره. وهذه الالتزامات كان بإمكان المفاوض المغربي أن يحد منها تبعا لوضعه السوسيو اقتصادي ووتيرة الإصلاحات التي ينخرط فيها، واعتبارا كذلك لأهمية الاتفاق بالنسبة للطرف الآخر، وعلى اعتبار كذلك أن الاتفاق يأتي ضمن سيرورة بدأت بتفادي الازدواج الضريبي سنة 1975 واتفاقية لتشجيع الاستثمارات ( BIT ) سنة 1985 ليتطور إلى اتفاق للتجارة والاستثمارات ( TIFA ) سنة 1995 وهو ليس ما وقع مع عديد من الدول التي ترغب في اتفاق مع أمريكا. رابعا آلية تدبير المنازعات: من المعالم الهامة لهذا الاتفاق هو آليات تدبير المنازعات والتي بالإضافة إلى طولها وتعقيداتها إلا أنها قد تنتهي في آخر المطاف إلى فرض غرامات على الطرف المتسبب في الضرر بسبب عدم احترامه لمقتضيات وبنود الاتفاق وقد تصل هذه الغرامات إلى 15 مليون دولار تتحملها خزينة الدولة مما قد يكون له أثر سيء على ميزانية بلدنا باعتبار الثغرات التي تعاني منها عدد من القطاعات في غياب التقنين وبطء التأهيل.