زعمت مليكة بنراضي أستاذة الحقوق بالرباط أن الزواج المبكر وجه من أوجه العنف ضد المرأة، ودعت في تقرير تلخيصي لمجموع الدراسات المقدمة خلال ورشة "النساء والرجال في المغرب: تحليل الوضعية وتطور الفوارق من منظور النوع الاجتماعي" إلى تحديد مفهوم واضح ل"السلوكات القارة" لدى الرجال والنساء حتى يتم تكريس تبادل الأدوار الاجتماعية بين الجنسين من خلال إحداث تغييرات في نظام التربية والتكوين الذي بات يكرس عدم التوازن بين الرجل والمرأة، على حد قولها. قالت الأستاذة أمين المريني مفتشة في التعليم، خلال مداخلة لها في أشغال ورشة "النساء ةالرجال في المغرب: تحليل الوضعية وتطور الفوارق من منظور النوع الاجتماعي" المنتهية أمس بالرباط، "إن الإشكال الثقافي ليس هو المعيق الأساس أمام نفاذ الفتاة القروية إلى المدرسة، واستكمال دراستها أيضا، إنما المشكل سياسي بالدرجة الأولى" ، مبرزة أن 12في المائة فقط من عينة تم استجوابها، اعتبرت بعد المسافة وعدم وجود إعداديات أو ثانويات في القرى، وبشكل عام الجوانب البنيوية، حواجز قوية أمام ولوج الفتيات إلى المدارس وإتمام دراستهن. ودعت الأستاذة المريني في عرضها حول "التربية والتكوين النوع" ضمن الورشة المنظمة من طرف مديرية الإحصاء بتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية، وصندوق الأمم لتنمية المرأة، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، إلى ضرورة مساءلة السلطات السلطات "حتى لا يقال إن الآباء لا يريدون تدريس بناتهم"، مشيرة إلى أن الخصاص في التحاق الفتاة القروية بالإعدادي يرجع إلى عدم توفر الإعداديات والثانويات. من جانب آخر أثار الأستاذ عبد الله يعقوب في عرض حول "الصحة والنوع بالمغرب" العديد من التساؤلات حول مفهوم "النوع" في علاقته بالصحة ومسألة اللامساواة بين الرجل والمرأة في هذا المجال، مستشعرا الغموض الذي يحيط بالمفاهيم المرتبطة بإشكالية الصحة النوع، وكذا الحدود المسطرة للمعطيات المتوفرة.وأبرز عبد الله يعقوب أن المجال الصحي يعتمد بشكل كبير على المعطيات العلمية الدقيقة بيد أن المقاربة حسب النوع تعد مفهوما ثقافيا وسوسيولوجيا غير محدد المعالم. وتساءل أحد المتدخلين في المحور ذاته عن جدوى اعتماد "النوع" في تشخيص وضعية المرأة ومدى استفادتها من الحقوق الصحية ما دام الرجل والمرأة يتساويان من حيث ضعف استفادتهما من التغطية الصحية بالنظر للواقع الصحي المزري بالمغرب، وقال: "إن مفهوم النوع الاجتماعي قد لا يضيف جديدا في مسألة تحديد الوضعية الصحية للمرأة، على اعتبار أن المرأة مثل الرجل يعانيان من ضعف التطبيب". وفي تعقيب على مداخلة الأستاذة رابية ناصري في موضوع "العنف المؤسس على النوع بالمغرب"، أشارت بعض التدخلات إلى إغفال المداخلة التطرق لأشكال العنف الممارس على المرأة من طرف المرأة، والعنف الممارس من طرف النساء على الرجال. ومن جهة أخرى زعمت الأستاذة مليكة بنراضي، في تقرير تلخيصي للورشة تلته في بداية الأشغال، أن الزواج في سن مبكر يعد وجها من أوجه العنف الممارس ضد المرأة، مبرزة في الوقت نفس1999 1999. وفي السياق نفسه رأى محمد بيجاعيد الكاتب العام لقطاع التوقعات الاقتصادية والتخطيط، أثناء افتتاح الورشة يوم الثلاثاء الماضي، أن وضعية المرأة تحسنت عما كانت عليه من قبل، مستدلا بتراجع الزواج المبكر وهو ما تؤكده حسب بيجاعد"نسبة العازبات الصغيرات السن ما بين 20و24 سنة، التي انتقلت من 20 في المائة سنة 1971 إلى حوالي 70 في المائة سنة 2000. وادعت مليكة بنراضي أن تغيير العلاقات الاجتماعية للجنس ضرورة لضمان تحقيق النمو، مشيرة إلى أن عدم التوازن في علاقات "النوع الاجتماعي"داخل المدرسة يكرس عبر ما يلقن من خلال الكتب المدرسية والسلوك المدرسي ومضمون المناهج، وقالت"إن المدرسة تروج نماذج سلوك نمطية steriotypes sexistes" تميز بين الجنس وذلك عبر المناهج المدرسة، مضيفة"إن توزيع الحقوق والواجبات والسلطات بين النساء والرجال، جوهر الموضوع بالنسبة لكل المجتمعات وتمس لب الاعتقادات حول التعريف بالدور الاجتماعي لكلي الجنسين، لهذا بات من الضروري أن يعرف الباحثون بدقة "السلوكات القارة "، في إشارة ْإلى السعي نحو تكريس تبادل الأدوار الاجتماعية بين الرجل والمرأة دون قيد أو شرط. وعاب أحد المتدخلين من الحضور على الدراسة التي أجرتها الأستاذة ناصري حول"العنف والنوع"، عدم أخذها بعين الاعتبار رأي العلماء، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة (استنطاق)الأبعاد الروحية للديانات السماوية التي تؤكد على أهمية المساواة بين الرجل والمرأة، بالمقابل قالت "ناصري" إن الدراسة التي أنجزناها اقتصرت على تجميع المعطيات ولم تنفذ إلى تحليل العنف واستجلاء أسبابه ودواعيه". وثارت ثائرة سعيد السعدي رئيس ورشة صباح يوم الثلاثاء حول"التكوين ر النوع، الصحة النوع" عندما انتقدت إحدى المتدخلات بحدة المقاربة حسب النوع التي تم اعتمادها في جميع الدراسات المعروضة خلال الورشة ، مطالبا إياها بضرورة الإسراع وحصر الأسئلة، خلافا للتدخلات الأخرى التي تعامل معها بليونة تامة. وإذا كانت من ملاحظات يمكن الخروج بها فهي: 1- اعتماد جميع الدراسات المعروضة خلال ورشة "النساء والرجال بالمغرب: تحليل الوضعية..." على المرجعيات الدولية، وظهر ذلك من خلال كثرة الإحالات الدولية مثل المؤتمرات والندوات وغيرها. 2- حضور عدد لا يستهان به من أنصار مايسمى ب "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" مثل سعيد السعدي رائد هذه الخطة، وعبد الصمد الديالمي، ومليكة بنراضي وغيرهم، ممن رتبوا بدقة لهذه الورشة التي قامت في كليتها على تشخيص وضعية المرأة بالمغرب من خلال المقاربة حسب النوع. 3- ونود الإشارة إلى أن المقاربة حسب النوع تعني في بعدها الفلسفي عدم الأخذ بعين الاعتبار الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة في تحديد الأدوار الاجتماعية والأسرية، مما يجعل قيام أسرة مثلية (رجل - رجل) أو (امرأة - امرأة) أمرا طبيعيا. 4- أشار التقرير الذي لخص الدراسات المطروحة في أشغال الورشة إلى ضرورة تحديد مفهوم "السلوكات القارة"! بغية تكريس تبادل الأدوار الاجتماعية وما يشكله ذلك من تهديد للأسرة والمجتمع. 5- محاور الدراسات المقدمة في الورشة (السكان والعائلة والأسرة، التربية والتكوين، الصحة، النشاط الاقتصادي والهشاشة، الفقر، العنف والمساهمة في اتخاذ القرار)، استمدت روحها من القضايا والاتجاهات العامة التي يطرحها برنامج الأممالمتحدة حول "مراعاة اامنطور الجنساني" لسنة 2002 الذي يرتكز على: التفاوت في ممارسة السلطة السياسية، الفوارق في الوضع القانوني والمستحقات، تقسيم العمل بين الجنسين في المجال الاقتصادي، التفاوت في القطاع المنزلي غير المأجور، ثم العنف ضد النساء، فالمواقف المتسمة بالتمييز. محمد أفزاز