قام صندوق الأممالمتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفم) بنشر تقريره الموضوعاتي، حول تقدم النساء في العالم 2008/2009، تحت شعار «من المسؤول اتجاه النساء؟ النوع الاجتماعي وتعزيز إلزامية المحاسبة». وقد تزامنت هذه التظاهرة مع الاحتفاء بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. هذا التقرير التحليلي، الذي يتم إعداده كل سنتين من طرف اليونيفم، يؤكد على ضرورة وضع آليات إلزامية المحاسبة المؤسساتية حتى يتم احترام الالتزامات الوطنية والدولية اتجاه حقوق النساء. كما يقدم هذا التقرير، بعض التجارب الدولية في هذا المجال. في هذا الصدد قامت المنظمة، بحضور مديرتها التنفيذية إناس ألبردي، بمناظرة لتقديم التقرير على صعيد شمال إفريقيا، يوم 17 دجنبر 2008 على الساعة الرابعة بعد الزوال، بفندق حسان، بالرباط. وقد كان من المزمع إعطاء الوزير الأول، عباس الفاسي، الانطلاقة لتقديم التقرير التحليلي، لكن الوزير تخلف عن الحضور، لتقوم السيدة لطيفة العابدة، كاتبة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، بإلقاء الكلمة بدلا عنه، والتي تضمنت الإشارة إلى الإصلاحات التي جاءت بها مدونة الأسرة، وكذا الحديث عن مراجعة العديد من التشريعات الوطنية، وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية، كما أشارت كاتبة الدولة إلى ضرورة مواجهة العنف الممارس ضد المرأة، والتنويه بدور المرأة المغربية كشريك أساسي في تحقيق أهداف التنمية. وشكل هذا اللقاء فرصة هامة لتبادل التحاليل والنتائج التي خلص إليها التقرير، كما جمع هذا اللقاء أكثر من 300 مشارك ومشاركة يمثلون المؤسسات العمومية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والجامعات ومراكز البحث. ويؤكد تقرير صندوق الأممالمتحدة الإنمائي للمرأة حول «تقدم النساء في العالم 2008/2009 « على ضرورة وضع آليات إلزامية للمحاسبة ناجعة وفعالة لتتبع التقدم الحقيقي في مجال المساواة بين النساء والرجال وبالتالي تحقيق الالتزامات الوطنية والدولية. كما أشار إلى أنه في الوقت الحالي، تظل النساء أقل تمثيلية في الأجهزة التشريعية (امرأة واحدة لكل أربعة رجال)، فأكثر من 60% من عاملي المنازل غير المأجورين هن نساء. كما أن النساء تتقاضين أجور تقل ب17% عن أجور الرجال. بالإضافة إلى أن ثلث النساء يعانين من العنف المبني على النوع الاجتماعي. وفي بعض مناطق العالم، نجد أن امرأة من بين عشر نساء تفقد الحياة بسبب الولادة، بالرغم من كون وسائل الوقاية من وفيات الأمهات معروفة وأن نسبة الكلفة والفعالية جد مرضية. وأشار التقرير الذي تمحور حول «تقدم النساء في العالم لسنتي 2008/2009 «، إلى أن الفوارق في مجال النوع الاجتماعي هي ناتجة عن النقص في مجال إلزامية المحاسبة. كما يحث الحكومات والمنظمات المتعددة الأطراف على بدل المزيد من الجهود لتكون أكثر مسؤولة اتجاه النساء. ويبرز التقرير كذلك آليات إلزامية المحاسبة التي تمكن النساء من الحصول على معلومات وتوضيحات من طرف صانعي القرار ومن إجراء بحوث والقيام بجبر الضرر متى كان ذلك ممكنا وضروريا. وقد أكدت السيدة إناس ألبردي، المديرة التنفيذية لليونيفم، أن التقرير لسنتي 2008/2009 حول «تقدم النساء في العالم»، يبين أن احترام الالتزامات الدولية اتجاه النساء، بفضل تدابير قوية في مجال إلزامية المحاسبة، سيمكن من تقريب الدول لتحقيق أهداف الألفية للتنمية»، وأضافت قائلة: «إن هذا التقرير يسلط الضوء على التحديات الواجب مواجهتها لتحقيق المساواة بين النساء والرجال، لكونه يثير الانتباه إلى وضعية الملايين من النساء اللواتي يعانين من التمييز، ويفرض تدابير لجبر الضرر من شأنها أن تغير معنى ومفهوم إلزامية المحاسبة. ويؤكد التقرير على الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل المنظمات المتعددة الأطراف للرفع من درجة إلزامية المحاسبة لديها». فيما دعت زينب التويمي بنجلون، مديرة جهوية لمنظمة اليونيفم على صعيد شمال إفريقيا، إلى إمكانية التعاون المتعدد الأطراف الرامي إلى القيام بمجهودات إضافية لاحترام المعايير المتعلقة بالمساواة بين النساء والرجال. وأشارت إلى أنه إلى حد الآن، لا توجد أية آلية شاملة للتتبع لدى المنظمات المتعددة الأطراف كالأممالمتحدة والمؤسسات المالية الدولية وذلك لتقييم مبلغ الدعم المخصص للمساواة بين الرجال والنساء. كما قامت المديرة من خلال تقرير «تقدم النساء في العالم 2008/2009»، بتقييم كل هدف من أهداف الألفية للتنمية وفق مقاربة النوع الاجتماعي. وقد حددت خمسة مجالات ذات الأولوية التي تتطلب تدخلا عاجلا لتعزيز إلزامية المحاسبة اتجاه النساء. وهذه المجالات هي: أولا السياسة والحكامة؛ ثانيا: الولوج إلى الخدمات العمومية؛ ثالثا: الفرص الاقتصادية؛ رابعا: العدل والقضاء؛ خامسا: الحصول على المساعدة الدولية لتحقيق التنمية والأمن. وأشار ادريس خروز، مدير المكتبة الوطنية، وأحد المشاركين في الندوة، إلى ضرورة مطالبة النساء بالاندماج بطريقة قوية ودائمة في عمليات ومراحل المراقبة. وذلك لأن مسألة الارتقاء بحقوقهن يجب أن تشكل معيارا للأداء الناجع للسياسات العمومية يمكن من التقويم واتخاذ تدابير تصحيحية ملائمة. وقد خلص التقرير إلى أنه في غياب إجراءات تحمي النساء، تظل هذه الفئة تعيش وضعية هشة لمواجهة التغيرات الناتجة عن النموذج الاقتصادي للسوق العالمية، كما وقع خلال الأزمة الغذائية الأخيرة. فالنساء، فضلا عن تحمل مسؤولية ضمان تغذية الأسرة، فإنهن يساهمن بمعدل 50 إلى 80% من العمل الزراعي في آسيا وإفريقيا. كما أن عملهن وهجرتهن تتأثران مباشرة بالاتجاهات العالمية الحالية. فهجرة الأدمغة والأشخاص الحاصلين على شهادات عليا من الجنوب نحو الشمال، في الفترة الأخيرة، تميزت بارتفاع نسبة تأنيثها وهذا لا يبقى دون تأثير على القيادة الاقتصادية للنساء في الدول النامية.