في هذه الحلقة سوف نجيب عن سؤال كيف تأسست أول دار للقرآن في المغرب، وكيف انتشر تأسيس هذه الدور في باقي المدن المغربية مع ذكر السياق التاريخي لكل ذلك. يقول المنسق العام للتنسيقية المغربية لدور القرآن، الأستاذ حماد القباج «كان المغرب يعيش في السبعينات من القرن الماضي تحولات سريعة، ومن أبرزها تحولات ترسيخ العمل المؤسساتي في القطاع الديني، ولما كان هذا هو حال المغرب ارتأى الشيخ المغراوي وعدد من أهل العلم بمدينة مراكش، أن ينتقلوا بالدعوة السلفية إلى العمل المؤسساتي من خلال القانون المنظم للعمل الجمعوي. ومن هنا، برزت دور القرآن في الحقل الدعوي والحقل الإصلاحي الديني منذ ما يزيد عن 3 عقود وبالضبط سنة 1976، فكان أن أسس الشيخ المغراوي جمعية الدعوة إلى الكتاب والسنة ، ثم تتابع عدد من العلماء والدعاة والمصلحين والقيمين الدينيين على تأسيس جمعيات أخرى ودور قرآن أخرى في شتى مدن المملكة. هذا بالنسبة للسياق التاريخي، أما بالنسبة لجغرافيتها في خريطة الحقل الديني فدور القرآن تتبنى واجبا شرعيا مؤصلا، في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهو واجب الدعوة إلى الله تعالى. وتتبنى هذا الواجب من خلال المنهاج السلفي الذي يتأسس على القرآن والسنة وطريقة السلف الصالح في فهم الدين وتطبيق نصوصه، وتنظر إلى الممارسة الدعوية والى التجديد الديني والى غير ذلك من الأمور الحيوية وفق القاعدة التي تجعل مسار الدعوة يحافظ على أصالته وعلى وسطيته وفق أصوله وقواعده وعلى وروحه البعيدة عن الجمود والانغلاق، أو كل ما يدخل في حيز التفلت والشطط ، ويبقى راسخا وفق ما ارشد إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها... الحديث»، وهذا المنهاج الوسطي المؤصل جاء في سياق سياسي وثقافي مكن لترعرعه انطلاقا من الجذور التاريخية لهذا المنهج ومن خلال ملاءمته وانسجامه مع الثوابت الوطنية ومع اختيار المغاربة والمتمثل في التمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة كما رسخها الإمام مالك وكما استقر عليها الإمام أبو الحسن الأشعري، انسجاما مع المحافظة على الأخلاق والسلوك الإسلامي الذي كان عليه السلف الصالح. (يتبع)