كان وقع خطاب العرش على وزارة الداخلية «شديدا»، فقد أكد مصدر ل»التجديد» على أن هناك حركية داخل دواليب الوزارة بهدف إعادة قراءة بعض النصوص القانونية التي تهم المسلسل الانتخابي المقبل لكي تنسجم روحا مع جوهر دستور 2011. في ذات السياق شدد المصدر على أن هناك احتمالات لتوسيع هامش المشاورات مع الفاعلين الحزبيين والمدنيين قصد التوافق على كل حلقات المسلسل. في هدا السياق، أكد عبد المالك أحزرير، أستاذ علم السياسة بكلية الحقوق بمكناس، على أن الانسجام مع جوهر دستور 2011 يقتضي القطع مع الفلسفة والثقافة التي كانت وزارة الداخلية تنهجها لتدبير مختلف ملفات المغرب. وشدد أحزرير على أن المناخ العام يقتصي أن تتولى وزارة الداخلية مختلف المهام برؤية ديمقراطية، بعيدا عن احتكار الملفات ووفق مايتم التعامل به في الأنظمة الديمقراطية. ومن جهته اعتبر جامع المعتصم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أن التأويل الايجابي لدستور 2011 يقتصي إعادة النظر في دور وزارة الداخلية في إنتاج القوانين التنظيمية وكذا في مسلسل الاستحقاقات الانتخابية القادمة. وشدد المعتصم في حديث مع «التجديد» على أن هيمنة وزارة الداخلية على كل حلقات المسلسل الانتخابي مناف لروح الدستور الجديد. وقال المعتصم: يبدو أن وزارة الداخلية لم تقم بالدور الايجابي لرسم أجندة واضحة، مرجحا أن تكون الأجندة والتواريخ مرسومة من قبل صناع القرار في الوزارة، و تحاول الضغط على الأحزاب السياسية من أجل تبنبي تلك الأجندة. واعتبر المعتصم من جهة أخرى أن طبيعة مشاريع القوانين التي جاءت بها وزارة الداخلية تكشف أنها لا تمتلك رؤية واضحة وشمولية، مضيفا أن هناك ثغرات تضمنتها تلك القوانين التنظيمية خاصة مشروع القانون التنظيمي الخاص بالأحزاب السياسية ومشروع قانون تنظيمي متعلق بمجلس النواب. في هذا الصدد شدد المعتصم على ضرورة إعادة النظر في تلك المضامين لكي تنتسجم مع روح الدستور الجديد، في اتجاه منح الاشراف على مسلسل الانتخابات لجهة مستقلة، وتنزيل محفز للأحزاب السياسية وإعادة النظر في اللائحة الوطنية. وأبرز المعتصم على أنه لامعنى لإجراء انتخابات إن لم يسبقها مناخ يكرس ثقة المواطنين والفاعلين بالمسلسل. معتبرا أنه لتحقيق الانسجام الأمثل مع جوهر دستور 2011 كان من المطلوب إقرار جهة إشراف مستقلة مهمتها إعداد الترسانة القانونية أولا ثم الإشراف على مسلسل الانتخابات ثانيا بعيدا عن هيمنة وزارة الداخلية. إن اليد الطولي لوزارة الداخلية، حسب الباحث أحزرير، في النظام السياسي المغربي تتجلى في عدد من المظاهر، منها أن الوزارة كانت قراءتها للدستور وتأوله كيف يشاء لها، كما أنها كانت المتحكمة في مسلسل الاستحقاقات من التقطيع إلى التأثير في المسار. من جهة أخرى، أبرز الباحث أحزرير، على أن صيغة وضع القانون التنظيمي للأحزاب السياسية والقانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، يبرز أن بصمات وزارة الداخلية وفق فلسفة ماقبل دستور 2011 حاضرة. منبها أنه كان على الوزير الأول أن يتحمل المسؤولية، وأن يكون إخراج المشاريع القوانين يتم باسم الحكومة. متسائلا: كيف يعقل أن تحتكر وزارة الداخلية إنتاج المشاريع القانونية. ففي إطار العقلنة، كان المطلوب صدور المشاريع من خلال توافق قبلي موسع مع الأحزاب وأن يتم الاشراف من قبل الوزير الأول. أما من حيث الجدولة الزمنية، قال أحزرير، أن الجدولة المتحدث عنها جد متسرعة، وهي تستجيب لرهانات خارجية أكثر مما تستجيب لمتطلبات الوضع الداخلي. مشددا أنه ينبغي عدم التسرع، من أجل صياغة قوانين وبرامج حقيقية وكدلك تحريك وتحفيز القاعدة الانتخابية .