على الرغم من تواصل الجيش السوري في محاصرة بعض المدن السورية، لاتزال المظاهرات الليلية تتواصل في عدد من المدن والبلدات السورية مطالبة بإسقاط النظام ونصرة للمدن المحاصرة، فيما أكد ناشطون أن الاحتجاجات ستشتد في رمضان، في وقت اتهمت فيه الولاياتالمتحدة الجيش السوري ب»الوحشية» بعد آخر المظاهرات في البلاد. وأفادت مُنظّمات حقوقية، أول أمس، أنَّ أجهزة الأمن السورية تواصل حملاتها في عددٍ من المدن، حيث اعتقلت عددًا من الأشخاص على الرغم من إلغاء حالة الطوارئ في البلاد، بينما استمرَّ المحتجُّون في التظاهر للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين. وشهدت مدن حماة وبعض أحياء حمص ودير الزور وبعض بلدات ريف دمشق ومحافظة إدلب مظاهرات ليلية تطالب بإسقاط النظام ونصرة لمدينة حمص التي تشهد حملة أمنية واسعة، وفق مقاطع فيديو بثها ناشطون سوريون على الإنترنت. واشارت صحيفة «الشرق الاوسط» اللندنية في عددها الصادر، أول أمس، إلى أن مدينة حمص «وسط» تحولت إلى مدينة أشباح، حيث خلت من المارة وقطعت الاتصالات الأرضية والخلوية عن بعض أحيائها مثل حيي الخالدية والبياضة، فيما انتشرت دبابات الجيش السوري في كل أحياء المدينة الرئيسية التي خلت من المارة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشار المرصد إلى «دخول عدد من سيارات الأمن إلى حي الإنشاءات وتمركز الدبابات في حي باب السباع وباب الدريب والخالدية وأول حي القصور وشارع الستين في البياضة». وكان أكثر من خمسين شخصا قتلوا في مدينة حمص وسط البلاد خلال الأسبوع الماضي بحسب الناشطين الذين يتهمون النظام بزرع الفتنة الطائفية بين أطياف المدينة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنَّ «تظاهرة نسائية خرجت الاثنين (الماضي) في الزبدانِي (ريف دمشق)»، مشيرًا إلى أنَّ «تلاسنًا حدث بين قوات من الجيش وأخرى من الأمن بعد انتهاء المظاهرة تلاه إطلاق رصاص كثيف جدًّا استمرَّ لمدة ربع ساعة»، دون أن يتحدَّث عن إصابات. وأضاف المرصد: إنَّ «تظاهرة نسائية خرجت الاثنين في دوما شارك فيها أمهات ونساء المعتقلين، وقمن باعتصام في ساحة البلدية مطالبات بالإفراج عن المعتقلين فجاءت قوات الأمن وهددتهم». وتابع: إنَّ «المعتصمات رفضن التهديدات وبقين معتصمات، فجاء شباب دوما وطوّقوا الاعتصام لحمايته من أي اعتداء تعسُّفي يمكن أن يقوم به رجال الأمن». وأكَّد أنّ «أحد أئمة المدينة تدخل بعد ذلك ليطلب من النساء فضِّ الاعتصام خوفًا من تصرف أخرق يقدم عليه رجال الأمن فسارت التظاهرة النسائية مع الشباب الموجودين في شارع الجلاء دون أن يسجل أي اعتقال». وتحدّث المرصد عن تظاهرات ليلية في عددٍ من المدن السورية كان أضخمها في مدينة حماة (وسط) وشارك فيها عشرات الآلاف. كما جرت تظاهرات في ريف دمشق وحمص ودير الزور وإدلب وريفها واللاذقية. حملة اعتقالات وواصلت من جهة ثانية، أجهزة الأمن السورية حملتها في ريف دمشق، وسط أنباء عن اعتقال عدد من الأشخاص. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أول أمس، «إن قوات الأمن قامت، باعتقال تسعة موظفين من أهالي الحجر الأسود ،ريف دمشق، وعدة عمال في صحنايا ،ريف دمشق». وقد أظهرت صور حصلت عليها قناة «الجزيرة» انتشاراً أمنياً لدبابات الجيش عند المدخل الشمالي لدرعا البلد. كما بينت هذه الصور حواجز عدة أقامها الجيش عند المدخل الغربي للمدينة. وقال ناشطون سوريون إن أحياء درعا شهدت أول أمس إضراباً عاماً للمحال التجارية والشركات. ونقلت قناة «الجزيرة» عن رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا محمود مرعي قوله: «إن مدن دوما والكسوة والزبداني وبرزة وبلدات أخرى بريف دمشق شهدت مظاهرات واعتصامات مساء أمس من أجل الإفراج عن المعتقلين»، مشيرا إلى أنه تم إطلاق سراح 73 معتقلا في دوما في حين ما زال أكثر من مائة آخرين قيد الاعتقال. وأوضح مرعي أن مدن وبلدات ريف دمشق شهدت حملة اعتقالات واسعة بلغت في غضون أسبوع ألف معتقل. وأشار إلى تطور بالعاصمة دمشق التي شهدت وقفة احتجاجية في القصر العدلي أمس استمرت أكثر من ساعتين طالب خلالها المحامون بالحرية والكرامة ووقف الاعتقالات التعسفية. الاحتجاجات في رمضان في غضون ذلك أكد ناشطون سوريون «إن المحتجين سيكثفون المظاهرات المطالبة بتنحي الرئيس بشار الأسد في شهر رمضان للاستفادة من زيادة التجمعات في المساجد أثناء الشهر». ونقلت وكالة «رويترز» عن عمار القربي وهو ناشط في حقوق الإنسان قوله :»إن المحتجين يخططون لتنظيم مظاهرات أضخم بكثير في رمضان لأن الناس يسهرون حتى وقت متأخر من الليل أثناء الشهر ويزيد إقبال الناس على المساجد». ويبدأ شهر رمضان في أول غشت، ومن المتوقع خروج احتجاجات أضخم ليلا حيث ينزل السوريون إلى الشوارع بعد صلاة العشاء والتراويح. ولزمت السلطات السورية الصمت حتى الآن بشأن احتمال تنظيم مزيد من الاحتجاجات خلال شهر الصوم. وقال مقيم في دمشق لوكالة «رويترز»: إن وجود الشرطة حول المساجد تزايد في الآونة الأخيرة ومن المتوقع أن يزداد خلال شهر رمضان. وقال محمد وهو طالب يدرس القانون عمره 26 عاما «كل يوم في رمضان سيكون مثل يوم الجمعة يومًا بعد يوم»، وأضاف «كل يوم في رمضان سنشهد احتجاجات صغيرة أثناء النهار واعتصامات ضخمة أثناء الليل. إننا نجهز لدفعة كبيرة في رمضان حتى يخرج الناس إلى الشوارع». ويأمل النشطون والسكان المناهضون للأسد أن يكون رمضان عاملا مساعدًا لتشجيع الحركة المطالبة بالديمقراطية التي بدأت في مارس. وقال دبلوماسي غربي في دمشق: «رمضان يغير اللعبة». لكن بعض السوريين قالوا إنهم يخشون من أن يشهد رمضان تصعيدًا في ردود الفعل العنيفة من جانب الحكومة التي ستعتبر احتجاجات رمضان تهديدًا أكبر لحكم الأسد. «وحشية» الجيش السوري في الأثناء، اتهمت الولاياتالمتحدةالأمريكية الجيش السوري ب»الوحشية» بعد آخر المظاهرات في البلاد وكررت التأكيد على أن الرئيس بشار الأسد فقط شرعيته. وعادت وزارة الخارجية إلى مقتل طلحت دلال. وحسب منظمات حقوق الانسان فأن هذا الفتى البالغ من العمر 12 عاما قضى متأثرا بجروح اصيب بها السبت الماضي بعد أن أطلق عليه شرطي النار عن كثب خلال مظاهرة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند في بيان إن «موقف قوات الأمن السورية وخصوصا من خلال حالات أخرى لأشخاص قتلوا بطريقة وحشية وتوقيف شبانا وفتيانا على صعيد واسع والقيام بعمليات تعذيب وحشية وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان الأساسية هو موقف ذميم». وأضافت «يجب أن يفهم الرئيس الأسد أنه ليس شخصا لا يمكن الاستغناء عنه ونعتقد أنه السبب في عدم الاستقرار في سوريا وليس مفتاح استقرارها»، وفق وكالة فرانس برس. قانون الأحزاب مرفوض يأتي ذلك، بينما رفض معارضون سوريون قانونا أجازته الحكومة ويسمح لأول مرة بتشكيل أحزاب سياسية، بحجة أن نظام حزب البعث الحاكم فاقد للمصداقية. ونقل راديو «سوا» الأمريكي عن فاتح جاموس المعتقل السياسي السابق والقيادي في حزب العمل الشيوعي المعارض قوله: «إن مشروع قانون الأحزاب أحادي الرؤية». وأضاف: «إنه مشروع جاء من جهة واحدة بدون تشاور مع المجتمع ومع القوى السياسية ومع الحال الوطني، وهذه طريقة أساسية في حياة النظام السوري تجاه الإصلاحات أو كل الخطوات التي قد يضطر أن يقدم عليها. وهذه ملاحظة هامة جدا جدا، حتى لو كان مشروعا قابلا للنقاش كان من المفترض في حال التقدم نحو إصلاحات جادة أن يكون هناك حوارا شاملا للمشروع». وقد أقر مجلس الوزراء السوري مشروع قانون يرعى تأسيس الأحزاب السياسية وينظم عملها، وذلك في إطار خطة لإصلاح سياسي أعلن عنها بعيد بدء الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها سوريا منذ منتصف مارس. من جانبه، قال صدر الدين البيانوني المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سوريا: «إنه لا يمكن تقديم إصلاحات في ظل القمع الذي يمارسه النظام». وأضاف: «هذه الإصلاحات سواء قانون الأحزاب أو غيرها التي يفصلها النظام السوري على مقاسه أو يمنّ بها على الناس مرفوضة لأنه ليست هناك مشاركة شعبية فيها. الذي يقوم بالإصلاحات وسن القوانين هو الشعب السوري بعد أن يستعيد سلطته ويستعيد حريته وكرامته. من الذي سيقر هذا القانون؟ مجلس الشعب؟ هذا مجلس مزيف أصلا، لا يعبر عن الشعب السوري، لذلك الأمور تحتاج إلى إصلاحات جذرية كان ينبغي على الرئيس بشار أن يقوم بها منذ بداية الأحداث أو حتى قبل الأحداث. أما الآن فلا معنى لأي إصلاح يتم في ظل هذا القمع الوحشي وفي ظل التحرك العسكري باتجاه المدن والبلدات». وقال البيانوني «إنه لا يمكن لمجلس شعب مؤلف من أعضاء حزب البعث فقط أن يسنّ قانونا للجميع». واضاف «أؤكد مرة أخرى أن هذا القانون وغيره من القوانين التي تطرح الآن على أنها إصلاحات حقيقية إنما هي فقط لمجرد كسب الوقت ولخداع الناس ولخداع الرأي العام الداخلي والخارجي. لذلك هذا القانون وغيره من القوانين لا تعني شيئا. مجلس الشعب غير مؤهل لإصدار قوانين أصلا، فهو يمثل حزب البعث فقط، ونحن لا نسن الآن قوانين لحزب البعث، نسن قوانين لكل الشعب السوري».