يجمع كتاب "أبريل في جنين" الصادر في باريس عن دار لاديكوفارت شهادات عن مجزرة غيرت وجه مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين الذي حاصرته قوات الاحتلال ودمرت أجزاء كبيرة منه فوق ساكنيه. ويعتمد الكتاب أساسا على شهادات ناشطين غربيين قاموا بعدة زيارات إلى الأراضي الفلسطينية تعبيرا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني وكانوا من أوائل الذين دخلوا المخيم المنكوب بعد المواجهات التي شهدها. لكن الكتاب الذي عملت على جمع نصوصه وتنسيقها كل من الباحثة اللبنان ية نهلة الشهال والصحفية والمترجمة السورية هالة قضماني, لا يقتصر على هذه الشهادات فحسب وإنما يتخطاها ليقدم صورة شبه متكاملة عما حدث في المخيم. وينقل "أبريل في جنين" عن فرنسيين وبريطانيين وكنديين وأميركيين وفلسطينيين وحتى إسرائيليين زاروا المخيم شهادات مروعة لهؤلاء الفلسطينيين الذين عاشوا لحظة بلحظة احتلال المخيم وسقوط أقرباء لهم في المنزل نفسه أحيانا، وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها أحيانا أخرى. وتشمل الشهادات الرسائل الإلكترونية والاتصالات التي خرجت من المخيم في الأيام الأولى لاحتلاله إضافة إلى شهادات ممرضي مستوصف المخيم والأطباء في المستشفيات المجاورة وخاصة شهادة مدير مستشفى جنين الطبيب محمود أبو غالي. وهناك أخيرا شهادات أعضاء الهيئات الإنسانية والطبية الدولية الذين دخلوا المخيم فيما بعد. شهادة جندي إسرائيلي ومن أبرز الشهادات التي تضمنها الكتاب ما قاله مقاتلون فلسطينيون شاركوا في الدفاع عن المخيم, وأخرى لجندي إسرائيلي منقولة عن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية. ويدعى هذا الجندي في الاحتياط موشي نيسيم وهو يعمل حاليا في بلدية القدس. وقال في تصريحه للصحيفة إنه "أراد تحويل المخيم إلى ملعب لكرة القدم"، ويشير بفخر إلى أنه "عمل مدة 72 ساعة دون توقف على تدمير المنازل وزجاجة الويسكي في يده". ويضيف هذا الجندي في شهادته "لم يكن يرف لي جفن وأنا أدمر منازلهم, لأن ذلك سيحمي حياة جنودنا", مضيفا "توسلت إلى الضباط لكي يسمحوا لي بتدمير كل شيء.. حين تتلقى أمرا بتدمير منزل، هناك دائما بضعة منازل أخرى مجاورة تزعجك". وينهي شهادته متحسرا "أنا آسف لأنني لم أدمر كل شيء". وتعيد مقدمة الكتاب التي وضعها الفرنسي اليهودي دانيال بن سعيد تحت عنوان "سجل جريمة دولة"، التذكير بكيفية حل لجنة الأممالمتحدة المكلفة التحقيق في أحداث جنين لأن "كل يوم يمر يمحو الدلائل" كما قال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في حينه تدليلا على عجزه أمام الرفض الإسرائيلي لاستقبال لجنة التحقيق الدولية لكشف ملابسات تدمير مخيم جنين. وبين الشهادات الطبية شهادة للطبيبة النفسية سيلفي منصور التي انتدبتها القنصلية الفرنسية في القدس لدراسة الحاجات النفسية للمخيم بين 19 و26 أبريل/ نيسان الماضي. تقول الطبيبة "لدينا إحساس فعلي بأننا أمام هزة أرضية, لكن ما حصل لم يكن بفعل قوانين الجيولوجيا وإنما بفعل إرادة بشرية أرادت فرض أكبر قدر ممكن من الدمار والموت، كما أرادت القضاء على أي رغبة لدى سكان المخيم بالصمود في وجه المحتلين".