تحتضن مدينة القنيطرة هذه الأيام الملتقى الوطني السابع لشبيبة العدالة والتنمية وقد اختار المنظمون لهذا الملتقى شعار"الشباب يريد ..مغرب جديد" ومن قرأه من اليسار إلى اليمين أعطاه جملة جديدة هي:" مغرب جديد يريد الشباب" فتتحول الإرادة من الشباب إلى المغرب الجديد. وهذا المعنى نحن أحوج ما نكون إليه لتكتمل الصورة فالشباب يريد والوطن يريد، وإذا تم التركيز على شق واحد من المعادلة اختلت، وعليه فالصيغة المقترحة لا تتعارض مع شعار الملتقى بل تكمله. ونحن نحتاج لهذا المعنى لما تردد في الأيام الأخيرة من العبارات بشكل لافت من مثل :" الشعب يريد..." وبقية الجملة تختلف بحسب المتظاهرين، ومن بلد إلى بلد.بعضهم يضيف "... إسقاط النظام" وبعضهم يضيف "... إسقاط الفساد" وبينهما صيغ لا حد لها ولا حصر وصلت حد السخرية فقالوا:" الشعب يريد الحلوى والفنيد". من أجل ذلك وجب التنبيه والتحذير مما وقع من الديكتاتورية في إطار ما سمي بربيع الديمقراطية العربي. وبيان ذلك أن كل من بلور فكرة أو رأيا أو تصورا نسبه للشعب وقال :" الشعب يريد ..." وهو قبل غيره يعلم أنه ليس من حقه أن يتكلم باسم الشعب. ومن الطريف أنك تجد القول ونقيضه وكلاهما باسم الشعب. فهل يكون ربيع الديمقراطية شهادات زور توزع هنا وهناك من غير ضوابط؟؟ وكان من آثار تلك المصادرات لرأي الشعب أن ظهرت شعارات من قبيل :"ما تهدرش باسميتي" و المفارقة العجيبة أنه بعد نتائج الاستفتاء على الدستور أصر البعض على رأيه، وسوق له على انه رأي الشعب وهو أحد مآزق المعارضين للدستور في مواجهة نتائج الاستفتاء. لعل من المطالب الأساسية استعادة الشعب للإرادة ولا يكون ذلك بمصادرتها منه وإن بصيغة أخرى ولله در القائل : " ابدأ بنفسك فانهها عن غيها*** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم . وإذا عدنا إلى فئة الشباب وهي التي حضرت بقوة في كل الميادين فالشباب الذي يريد المغرب الجديد عليه أن يسأل نفسه ماذا يريد المغرب الجديد؟ وفي محاولة للجواب عن هذا السؤال سنجد مجموعة من القضايا التي يكاد يسلم الجميع بأنها من أهم عوائق إقلاعنا الحضاري. هذه العوائق هي تحديات وجب رفعها بالأفعال قبل الأقوال، والمعني بذالك في المقام الأول هم الشباب. فهل يتولد من ربيع الديمقراطية هذا ربيع للشباب؟ هل نطمع أن نرى شبابا رساليا بعد كل الذي جرى؟ سيكون ذلك إذا تحقق أعظم إنجاز لهذا الحراك بكل آلامه وآماله، ورحم الله القائل :" "أحلام الأمس حقائق اليوم وأحلام اليوم حقائق الغد" إذا المغرب الجديد يريد شبابا يؤسس لثقافة احترام الوقت وعدم تضييعه ، وكلنا يعلم درجة هدر الوقت في مختلف جوانب حياتنا . ومن داخل منظومتنا القيمية نستحضر الحديث :" وعن شبابه فيما أفناه؟ " والمغرب الجديد يريد شبابا يحسن ترتيب أولوياته ، وما تزال عبارات أحد الناصحين ترن في آذان من سمعها ومن بلغته :"لقد قدمنا وما زلنا نقدم ما حقه التأخير وأخرنا وما زلنا نؤخر ماحقه التقديم"والمغرب الجديد يريد شبابا يتفانى في القيام بالواجبات ولا يبالي بالمطالب والحقوق، حسبه منها الحد الأدنى ، شباب :" يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" المغرب الجديد يريد شبابا يؤمن بالمشاركة ويصبر على تبعاتها، دليله في ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِمْ " المغرب الجديد يريد شبابا يعيد الاعتبار لمعنى القوة والأمانة كما في قوله تعالى :" قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص : 26] المغرب الجديد يريد شبابا يقول بحاله قبل مقاله :" قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [يوسف : 55] وهكذا يمكن أن نعدد صورا من المواصفات التي يحتاجها المغرب في شبابه لصناعة مغرب جديد. فالسماء لا تمطر نهضة ولا ديمقراطية كما لا تمطر ذهبا ولا فضة ، فيتعين أن المطلوب هو التغيير الذاتي أخذا من الآية الكريمة :" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ" والآية وان خاطبت الجميع لكن الأقدر على التغيير هم الشباب ، والحقيقة أن المغرب الجديد يحتاج إلى شبابه ، بل الكون كله يحتاج إلى الشباب المهتدي كما قال الرافعي: يا شباب العالم المحمدي ينقص الكون شباب مهتدي. فهل يحضر شبابنا الجواب؟