✪ ما هو تقييمكم لما جاءت به مسودة الدستور الجديد بخصوص المؤسسة التشريعية إذا ما قارناها مع دستور 1996؟ ✹✹ أعتقد أن مشروع الدستور الجديد قد أعطى صلاحيات مهمة واسعة للبرلمان، في أفق الانتخابات التشريعية القادمة، والمتأمل في الباب الرابع من مشروع الدستور الجديد المتعلق بتنظيم البرلمان يلاحظ أن أهم ما جاء به هذا الباب، هو الفصل بين عمل واختصاصات وتشكيلة ومهام مجلسي النواب والمستشارين. وأشير هنا إلى أن البرلمان المقبل، ستكون له مهام أساسية ستتجاوز المهام التقليدية، التي كان يمارسها وفق دستور 1996، أي وظائف المراقبة والتشريع، وفي هذا السياق فقد نص مشروع الدستور المرتقب على أن البرلمان يجب عليه أن يقوم بمهامه بكيفية مغايرة إن على مستوى المراقبة وأعمال الحكومة والقيام بوظائف التشريع، وقد نص المشروع على أن البرلمان إلى جانب وظائفه التشريعية، أضاف الفصل 70 من أجل تقييم السياسة العمومية وهذه نقطة أساسية ستزيد من مهام البرلمان إضافة على أن المشروع أضاف في الفصل 71، مجموعة من المهام وهي المتعلق بدور المراقبة في ميادين الحقوق والحريات السياسية، المنصوص عليها في الديباجة والوسائط السمعية والصحافة والعفو العامة المسطرة الجنائية وغيرها.... ومن أهم ما جاء به الدستور المرتقب في مجال صلاحيات البرلمان، هو تحكمه في النظام الانتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر الانتخابية، والتي كانت خاضعة لوزارة الداخلية دون أن تعود إلى البرلمان، إضافة على هذا يمكننا أن نسجل منح البرلمان قوة اقتراح مشاريع قوانين، التي تقدمها الحكومة وقد نص على أن للبرلمان دور أساسي في التقدم باقتراح القوانين وأيضا مطالبة الحكومة والوزراء وعلى رأسها رئيس الحكومة الحضور للبرلمان، وهذا يعني كما جاء في الخطاب الملكي تحول من 15 مهمة إلى 30، وهذا ما يعكس المجال الواسع الذي بدا يشتغل فيه البرلمان. ✪ نصت مسودة الدستور الجديد على عدد من النقاط الإيجابية منها توسيع الدور الرقابي للمؤسسة التشريعية وتجريم الترحال السياسي وغيرها هل يؤشر هذا على تحول في الدور الذي ستلعبه هذه المؤسسة في المستقبل؟ ✹✹ في رأيي لقيام البرلمان بأدواره التشريعية يجب أن توضع شروط أخرى من شأنها تقوية المؤسسة البرلمانية، وخصوصا على مستوى الترحال، والنخب البرلمانية، والنقطة الأولى جاء بها الدستور المرتقب، أي منع الترحال البرلماني والتي كانت تسيء إلى الأحزاب والبرلمان والنظام السياسي المغربي بصفة عامة. إن ما وقع عقب انتخابات 2007، وتشكيل حزب الأصالة والمعاصرة لفريق من النواب الرحل يعكس الوضعية التي كان عليها البرلمان، ومن شأن منع الترحال أن يحافظ على نواب كل فريق وفق ما أفرزته صناديق الاقتراع، لكن منع الترحال لوحده وإعطاء الدستور القادم للعدد من الصلاحيات للبرلمان دون إعادة النظر في النخب البرلمانية سيكون عائق أمام البرلمان للقيام بصلاحياته الواسعة التي منحت له، وهذا في اعتقادي هو دور الأحزاب السياسية بهدف تقديم الكفاءات قبل الولاء، لأن الوظيفة التشريعية للبرلمان لا يمكن أن يقوم بها إلا نخب مؤهلة في المجال البرلماني والقانوني، وأتمنى من الأحزاب السياسية أن تقوم بدورها الأساسي، وهو ما ركزت عليه مسودة الدستور، حيث أنها تطمح لأن يكون للبرلمان أغلبية بالمعنى الدقيق، ومعارضة حقيقية، بحيث أننا اليوم لسنا أمام لا أغلبية حقيقية، ولا معارضة حقيقية، وهو ما جسدته عملية انتخاب رئاسة كل من مجلسي النواب والمستشارين، حيث لاحظنا كيف أن الأغلبية صوتت لمرشحي المعارضة، والعكس ولعل هذا هو قمة العبث السياسي، وفي الفصل 10 جاءت المسودة ليحث المعارضة على أن تكون معارضة حقيقية وعمل بفعالية وجدية، وذلك بتوفير لها عدد من الحقوق وهذه كلها مهام إلى جانب المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، ومساءلة رئيس الحكومة وأيضا المعارضة سيكون لها دور أساسي في تأطير المواطنين، ولها دور أساسي في تنشيط الحياة البرلمانية وأثناء التصويت على التصريح الحكومي وعلى مشروع قانون المالية. ✪ هل ما جاء في المسودة كافي لجعل المؤسسة التشريعية في مستوى تطلعات الشعب المغربي الطامح بأن تكون هذه المؤسسة أكثر فاعلية على مستوى التشريع والرقابة؟ ✹✹ كما جاء في الخطاب الملكي، الدستور المرتقب ليس غاية في حد ذاته، بل هو آلية تحتاج إلى آليات أخرى لتفعيلها، أو أن هذه الآليات تشتغل وفق طبيعة النظام السياسي القائم من مؤسسة ملكية وأحزاب السياسية، ومجتمع مدني، ونقابات وإعلام ومواطنين، فكلما توفرت الإرادة السياسية عند الملك والأحزاب والمواطن، فيمكن بهذا للبرلمان أن يحقق طموح المغاربة الذين ملوا من الصورة النمطية التي كانت في هذه المؤسسة، والتي أصبحت راسخة في عقولهم من أول برلمان إلى اليوم، حيث أن كل الأمراض الاجتماعية أو السياسية تتشكل في هذه المؤسسة، ونتمنى أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة لأنها الوحيدة الكفيلة بإنتاج نخب ديمقراطية تحقق طموحات وتطلعات المغاربة، لأنه كلما كانت هذه المؤسسة التشريعية مؤهلة بمهامها الدستورية لأن البرلمان اليوم هو مؤسسة هامة في تدبير السياسية العمومية التي تأخذ فاعليتها من فاعليته. لابد كذلك من التأكيد على أن المواطن اليوم مطالب بتأهيل البرلمان بأن يقوم بدوره الرقابي أولا و اختيار المرشحين المؤهلين ثانيا وذلك لتحمل المسؤولية التمثيلية لأن هذا المشروع كيفما كان ولم يتم تحكيم المواطن فسوف ينتج لنا أغلبية مبلقنة وبالتالي حكومة مبلقنة وها هو إشكالية الحكومة الحالية، المكونة من أغلبية مكونة من 5 أحزاب مختلفة إيديولوجيا ومن ناحية البرامج والتصور والخطاب، ونفس الشيء وبالتالي كلما كانت القوانين الانتخابية تفرز لنا أحزاب متقاربة أكثر كلما كنا أمام مؤسسة تشريعية قادرة على القيام بوظيفته الجاذبية أثناء الجلسات العمومية.