قدم المقرئ الإدريسي أبو زيد، خصائص عشر للثورات العربية، في قراءته للمشهد العربي، مسميا إياها بأنها ثورات فريدة، جديدة، شبابية، متجردة، يقظة سننية، مباركة، مجددة، ثم مبدعة، ومتخلقة. مضيفا أنه بصدد بلورة خاصية جديدة وهي أنها متأصلة. واكتفى المحاضر وكان يتحدث في إطار محاضرة نظمتها جمعية منتدى الشروق مساء الجمعة المنصرم، بمنتدى المبادرات الجمعوية بسيدي مومن. (اكتفى) بتفصيل الحديث حول الخاصية العاشرة للثورات العربية (المتخلقة)، بعد الإشارة إلى الخصائص الأولى بشكل مجمل. وقال أبو زيد بأن الثورات عبر التاريخ كانت دموية لا أخلاقية وترتكز على العنف والدمار والدماء خصوصا لحظة الانبثاق، ممثلا لذلك بالثورة الفرنسية وكيف راج فيها سوق الحدادين حين اتخذت المقصلة شعار الثورة وهي أداة المذابح والإبادة، ومثل كذلك بالثورة الروسية وكم الدماء والإعدام اليومي الذي كان يقوم به ستالين حتى لأقرب الناس إليه، موضحا أن الأمر شمل كذلك ثورات المسلمين ودلل بثورة القرامطة وما شهدته من دماء حتى على أستار الكعبة، ما أدى بفقهاء المسلمين أن يقولوا أن الأمر لأهل الشوكة والغلبة ولم يحبذوا الخروج على الحاكم. ثم انتقل الإدريسي أبو زيد إلى بيان الأخلاق الرفيعة التي عرفتها ثورات الربيع العربي موضحا أنه على الرغم من أن الثورة بطبيعتها تجمع بين القوة والتحدي والنزول إلى الشارع، إلا أنها شهدت بحسبه - ملاحم من الأخلاق تجلت في التضامن والتكافل وحراسة الحرمات والممتلكات وإطفاء الحرائق وحراسة المتاجر. وهو ما أدى إلى استقرار الأسعار طيلة فترة الثورة، كما أوضح أبو زيد كيف أنه رغم الازدحام والاكتظاظ الشديد في ميدان التحرير لم تسجل أية حالة سرقة ولا تحرش، بل أقيمت خيام الأمانات وكان الناس يقفون بالطوابير ليسلموا ما وجدوه ضائعا جراء الازدحام والتدافع، إنها قيم وأخلاق ثورات الربيع العربي يقول المقرئ الإدريسي أبو زيد، مقابل ما شهدته الثورات من تسلط ودموية من طرف الأنظمة البائدة فالقناصة الإسرائيليين بتونس، وموقعة الجمل بميدان التحرير بالقاهرة، وظاهرة البلطجة والتخويف وغيرها. و انتقل المحاضر إلى اليمن ليلقي الضوء على ما عملته الثورة في نفوس جبلت على ثالوث مقدس وهو التعصب للقبلية والنزعة الذكورية والاحتكام إلى السلاح، فإذا بها في الثورة تتوحد القبائل، وتتقدم المرأة المسيرات، ويجتمع الكل على سلمية الثورة. و في نهاية حديثه عن خاصية الثورات المتخلقة، أشار الإدريسي إلى ما قدمته الثورات من إعادة الثقة للإنسان والرهان عليه، والتحرر من عقدة الخوف ومن الفتنة واستعادة الجماهير لمكانتها، موضحا أن النخب البعيدة عن الجماهير ثبت فشلها وقد حان وقت ربيع الديمقراطية. وانتقل المقرئ الإدريسي أبو زيد في إشارة سريعة للخاصية الأولى، المتعلقة بكون الثورات العربية هي ثورات فريدة، مكتفيا في ذلك بملمح واحد لهذه الخاصية، وهو أنها ثورات بدون رأس، لا فرق بين المشاركين فيها، فالجماهير، يقول المتحدث نفسه- «متساوية كأسنان المشط ومتراصة كالبنيان وهنا يمكن تسطير مفهوم : قيادة الكتلة الجماهيرية، ومن معانيها غياب عقلية الزعامة والاستصنام وسقوط نظرية الزعيم وإعادة القيمة لمبدأ : أجرنا من أجرت يا أم هانئ». و في رده على مداخلات الجمهور الذي تابع المحاضرة، أشار أبو زيد بخصوص الحالة المغربية، إلى أن المطلوب ليس استنساخ التجارب، معتبرا أن هناك خصوصيات، وأن المغاربة كان شعارهم : «الشعب يريد إصلاح النظام»، مشيدا بالاستجابة الملكية التي وضعت الإصلاحات ضمن مسارها الذي انطلق قبل الأحداث في إطار الجهوية الموسعة وفصل السلط... وأضاف أن الاستثناء المغربي يكتمل بالمزيد من الحريات وطالب بالضرب على يد المفسدين وناهبي المال العام.