أثار استثناء التقرير الأخير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات، لافتحاص مالية الأحزاب والتصريح بممتلكات الشخصيات العمومية والإعلان عنها العديد من ردود الأفعال المتباينة، وأعاد سؤال الانتقائية في التعاطي مع المؤسسات العمومية إلى الواجهة. وقال أحد الخبراء في الرقابة والمحاسبة في تصريح ل ''التجديد'' بهذا الخصوص: ''إن مسألة الانتقائية في مراقبة المؤسسات هي من بين النقط العالقة في عمل المجلس الأعلى للحسابات والتي تمس من شفافيته''. وقال محمد مسكاوي منسق الهيئة الوطنية لحماية المال العام من جانبه ل ''التجديد'': ''نحن ننوه بعمل المهم الذي قام به المجلس الأعلى للحسابات ولكن نتساءل عن خلفية استثناء بعض المؤسسات بعينها فلماذا يتم استثناء صندوق الإيداع والتدبير هل لأنه مقرب من المربع الملكي؟'' كما دعا المتحدث ذاته إلى إجراء افتحاص شامل للمؤسسات العمومية ولو تطلب الأمر تجنيد البلاد بأكملها. إلى ذلك أرجع محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية الحقوق القاضي عياض بمراكش، في تصريح ل ''التجديد'' (أرجع) عدم تناول التقرير لموضوع مالية الأحزاب استجابة للأجواء السياسية العامة بالمنطقة والوطن وكذا بغية رد الاعتبار للأحزاب السياسية في هذه الطرفية. وقال لحسن الداودي نائب الأمين العام للحزب العدالة والتنمية في السياق ذاته ل ''التجديد'': ''التقرير لا يمكن أن يشمل كل المؤسسات ورجح إمكانية الحديث عن برمجة خمس سنوات لمؤسسات بعينها، على أن يدعم المجلس بالأطر، معتبرا أن المشكل مرتبط بوزارة المالية والتي يجب عليها أن تزود المجلس بالموارد اللازمة وإلا فإن الدولة، يقول الداودي، تريد لأمور المحاسبة أن تظل في حجمها الصغير وأن لا تذهب إلى أبعد مدى. وعدد الخبير في الرقابة والمحاسبة ما أسماه بالنقط العالقة في عمل المجلس ومنها عدم نشر المجلس للتقارير الدورية الخاصة بالأجهزة العمومية بالإضافة إلى عدم نشر الأحكام القضائية والتأديبية مما يحوله إلى مجرد تقرير مفتقد للجوانب القضائية بالرغم من أن قانونه المنظم يتيح له ذلك. وأضاف الخبير ذاته أن التقرير بالشكل الحالي يعد طريقة للتدقيق على الطريقة الانكلوساكسونية في غياب لشروط تأسيسها في الحالة المغربية وهذا يفرغ التقرير من مهمته القضائية ويحوله إلى مكتب لإعداد التقارير. وقال الخبير المالي بخصوص موضوع التصريح بالممتلكات: ''بالرغم من أن الموضوع ما يزال يتطلب تأهيلا على المستوى المؤسساتي إلا أن المجلس كان عليه الإشارة إلى عدد من الحالات''. أما الغالي فاعتبر أن المشكل يكمن في غياب إرادة التصريح بالممتلكات سواء من قبل الحكومة أو البرلمانيين أو الجماعات أو رؤساء المؤسسات العمومية، مضيفا أن نشر تقارير في الموضوع قد يحسب للحراك الشعبي على مستوى الشارع. أما مسكاوي فاعتبر أن التصريح بالممتلكات قانون ناقص لأنه لا ينص على إعلان الممتلكات ولا يتضمن إجراء إبراء الذمة بعد الانتهاء من الخدمة. يشار إلى أنه تم الاتصال بديوان المجلس الأعلى للحسابات من أجل التعليق على الموضوع غير أنه اعتذر بعقد اجتماع مفتوح.