قال الناقد السينمائي عمر بلخمار في عرض له حو موضوع ''سؤال الهوية في الأفلام المغربية'' إنه وجب التفريق بداية بين الحديث عن الهوية المغربية للأفلام المغربية، والهوية المغربية في الأفلام المغربية، أي أنه توجد أفلام تتطرق من خلال مواضيعها إلى بعض مكونات الهوية المغربية، وهناك أفلام تحمل الهوية المغربية لأن منتجها يحمل الجنسية المغربية دون أن يكون لمواضيعها علاقة بالهوية المغربية، وأضاف أن هناك أفلاما أجنبية تتطرق بطريقة أو بأخرى ومن وجهة نظر معينة إلى بعض مكونات الهوية المغربية، وهناك أفلام تصور بالمغرب ولكنها ليست مغربية. وحدد بلخمار الهوية في أربعة عناصر أساسية تتداخل فيما بينها، هي البيئة والدين واللغة والتراث. تجمع البيئة مختلف العناصر الطبيعية والبشرية وما ينتج عنها من نظم اجتماعية وأنماط سلوكية وممارسات وتصرفات يؤثر فيها بشكل مباشر المكون الثاني المتمثل في الدين. أما المكون الثالث فيتمثل في اللغة وكل اللهجات المتفرعة عنها، والمكون الرابع هو التراث الذي يشكل الإرث الثقافي والحضاري الذي يجمع من جهة بين التراث وما يحمله عبر العصور من فكر وعلم وأدب وفنون وعادات وطقوس وتقاليد موروثة. و بلخمار بين عنصري البيئة والدين لأنهما متداخلان فيما بينهما، مشيرا إلى ملاحظة تتعلق ببعض الأفلام المغربية التي تستعمل الفضاء الذي تصور فيه مجرد ركح تجري فيه أحداث يمكن تصويرها في أماكن أخرى ما دام موضوعها لا يرتبط بمميزات هذا الفضاء االعمرانية والبشرية والثقافية، بل يهتم بها كفضاء بكيفية سطحية أذكر من بينها على سبيل المثال فيلم ''طرفاية'' لداوود أولاد السيد الذي تعمق بعض الشيء في فيلميه ''في انتظار بازوليني'' و''الجامع'' بمختلف الجوانب المتعلقة بالبيئة وسكان المنطقة. عكس ذلك، توجد بعض الأفلام المغربية يضيف المتحدث التي ربطت موضوعها بدرجات متفاوتة بالبيئة الثقافية للمنطقة التي صورت فيها، وذكر على سبيل المثال مختلف المناطق الأمازيغية التي صورت فيها بعض الأفلام مثل ''العيون الجافة'' لنرجس النجار و''كنوز الأطلس'' و''يطو تيتريت'' لمحمد العبازي (الأطلس المتوسط)، ''سوينكوم'' لعبد الله فركوس وخميغيسح لجمال بلمجدوب (الريف) وغيرها من الامثلة كثير في هذا الصدد. ثم تطرق بعد ذلك للجانب الديني تم تناوله في الأفلام المغربية من مختلف الجوانب بمختلف مثل موضوع التقابل والتسامح والتعايش بين ديننا الإسلامي وديانات أخرى مثل ''وداعا أمهات'' لمحمد إسماعيل و''فين ماشي يا موشي'' لحسن بنجلون، ومن بينها من تطرقت إلى قضية الأصالة والمعاصرة مثل ''الإسلام يا سلام'' لسعد الشرايبي وغيرها كثير أيضا. وأشار المتدخل إلى الأفلام الطويلة والقصيرة التي تشارك في إنتاجها مؤِسسات أجنبية والتي تتناول مواضيع لها صلة بالتقاليد والدين والمعتقدات بكيفية مشوهة ومبالغ فيها تجعل المشاهد المغربي يشمئز منها، وهي أفلام تعطي للأجنبي فكرة كأن المغرب ما يزال يعيش في القرون الوسطى، من خلال تناولها بطريقة مبالغ فيها لمواضيع مختلفة مثل دم البكارة في الأعراس، أوعملية الختان الدموية، أو الاغتسال بالدم، أو مراسيم الدفن في القرى النائية وغيرها من المشاهد التي تروق شركات الإنتاج الأجنبية. وعلى مستوى اللغة، فإن هويتنا اللغوية يقول بلخمار تتجلى في اللغة العربية ولكناتها والأمازيغية ولهجاتها، وأغلب الأفلام المغربية ناطقة بالعربية العامية، وأنتجت خلال السنوات القليلة الماضية أفلام بالأمازيغية مثل ''تمازيرت أوفلا'' التي تشير إلى تنوع لغوي يوجد بالمغرب وله ارتباط بشخصية المخرج وتكوينه وله صلة أيضا بتنوع المناطق المغربية وبمخلفات الاستعمار. وتناول بلخمار الهوية متمثلة في التراث الذي يتنوع بتنوع المناطق المغربية شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، إذ اهتمت عدة أفلام مغربية بمستويات متفاوتة بمختلف أنواع التراث المغربي كالعمران والزخرفة واللباس والطبخ والفن، ووظفتها بدرجات متفاوتة في قصصها وأحداثها وديكوراتها مثل ''البحث عن زوج امرأتي'' و''جارات أبي موسى'' لمحمد عبد الرحمان التازي، وغيرها من الأفلام. وخلص المحاضر إلى أنه ومن خلال هذا الجرد السريع يلاحظ أن الأفلام المغربية وظفت بدرجات متفاوتة مختلف مكونات الهوية المغربية، وهو ما يعني له أن الهوية المغربية قائمة في الأفلام المغربية.