يعتبر المغرب أول بلد في العالم العربي وإفريقيا يحصل على أهم الاستثمارات الأجنبية في السينما، الشيء الذي ساهم بشكل إيجابي في دعم الأفلام المغربية، وذلك وفق تقرير أصدره أخيرا المركز السينمائي المغربي . واعتبر مراقبون سينمائيون بأن الأثر الإيجابي لتصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب يتمثل أساسا في توفير فرص عمل للعديد من التقنيين والممثلين المغاربة خاصة في الأدوار الثانوية، بالإضافة إلى ضخها لأموال كبيرة في صندوق الدعم السينمائي المغربي . ونبه ناقد سينمائي إلى ما تثيره بعض الاستثمارات الأجنبية في السينما، من قبيل المضامين التي تمس أحيانا بسمعة وهوية المغرب والقضايا العربية الإسلامية، مثل ما حصل مع تصوير الجزء الثاني من الشريط الأمريكي "جنس ومدينة" جنوب البلاد . وجدير بالذكر أن المغرب أضحى قبلة لأشهر المنتجين والمخرجين السينمائيين في العالم، وصار يستقبل تصوير ما بين 20 و 30 فيلما طويلا أجنبيا كل سنة، من بين أشهرها: شريط "لورانس العرب" و " شاي بالصحراء " و" غواية المسيح الأخيرة " لمارتن سكورسيزي...وغيرها . وسرد تقرير المركز السينمائي المغربي عوامل الجذب السينمائي الذي جعل المغرب مكانا مفضلا للتصوير لدى العديد من المخرجين السينمائيين الأجانب، ومنها موقعه الجغرافي المتميز وطبيعته المتنوعة التي توفر "ديكورات" قلما تجود بمثلها مناطق أخرى في العالم . ومن تلك العوامل أيضا: تسهيل إجراءات الاستيراد المؤقت للأسلحة والذخيرة الضرورية لتصوير الأفلام، وتخفيض تكاليف تنقل الأشخاص والأمتعة، وتحديد أسعار رمزية للتصوير بالفضاءات والآثار التاريخية، والإعفاء من الضريبة على جميع الممتلكات . واعتبر الناقد السينمائي أحمد بوغابة أن الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب سمحت للعديد من الممثلين والتقنيين السينمائيين المغاربة بالمشاركة في هذه الأفلام، الأمر الذي أتاح فرص عمل متوفرة بالنسبة لهم، فلا تجد الأفلام الأجنبية أزمة يد عاملة حين يتم تصويرها بالبلاد . وأضاف بوغابة في حديث للعربية نت بأن التقنيين المتخرجين من معاهد التقنيات السينمائية في مدن الرباط ووارززات ومراكش صاروا يجدون فرصا للعمل في هذه الأفلام الأجنبية، كما أن مجموعة من الممثلين المغاربة أضحت أجندتهم مليئة طيلة السنة . وأوضح المتحدث بأن الأثر الإيجابي لإنجاز الأفلام الأجنبية على أرض المغرب يتمثل في توفير أدوار للعديد من الممثلين المغاربة الذين يقومون بالأدوار المدعمة في تلك الأفلام، أو من الممثلين "الكومبارس" الذين اشتغلوا في أفلام عالمية مشهورة، خاصة في بعض الأفلام التي تم تصويرها في مدينة وارزازات "هوليود العرب " . واستطرد بوغابة بأن نسبة من الموارد التي توفرها الاستثمارات السينمائية الأجنبية عند تصوير الأفلام بالمغرب يتم ضخها في صندوق الدعم التابع للمركز السينمائي المغربي، الذي يساهم في تمويل إنجاز أفلام مغربية وفق شروط محددة بغية النهوض بالقطاع السينمائي في المغرب . ويلتقط الباحث السينمائي مصطفى الطالب الحديث، ليؤكد أن ما تضخه تلك الاستثمارات الأجنبية من أموال مهمة في صندوق الدعم السينمائي المغربي أدى إلى زيادة في الدعم المخصص للأفلام وفي اقتناء أحدث التقنيات السينمائية . وأردف الطالب إلى أن هذا الوضع ساهم في ارتفاع الإنتاج السينمائي المغربي الذي وصل إلى 15 شريطا مغربيا في السنة، مشيرا إلى أن الدولة رغم ذلك قد انخرطت في دعم السينما دون الارتكاز على الاستثمارات الأجنبية . ولاحظ الناقد المغربي بأنه على المستوى الفني، لم تستفد السينما المغربية بشكل مباشر من الإنتاجات الأجنبية، حيث ما زالت تعتمد على نفسها وطاقاتها من ناحية الإخراج الذي يأتي أحيانا متوسطا، وعلى المستوى التقني لكون العديد من المخرجين المغاربة يعتمدون على تقنيين أجانب خاصة في تخصصَي الصوت والتصوير . ولفت الطالب إلى مشكل يرافق بعض الاستثمارات الأجنبية في مجال السينما بالمغرب، أهمها التنظيم ومراقبة المضامين التي تمس أحيانا بسمعة وهوية البلاد والقضايا العربية الإسلامية، مثل ما حصل مع تصوير الجزء الثاني من الشريط الأمريكي "جنس ومدينة" جنوب المغرب، والأفلام التي تتطرق إلى العراق أو الإرهاب . وسجل الطالب سلبية أخرى في السياق ذاته، تتعلق بتحكم نفس شركات الإنتاج المغربية في التعامل مع الاستثمارات الأجنبية، دون إفساح المجال لشركات أخرى . وهذا الوضع، يضيف المتحدث، يعني إقصاء أطراف أخرى كان بإمكانها أن تستفيد من تلك الاستثمارات لتطوير أدائها، الأمر الذي يتطلب إقبار عقلية المحسوبية والزبونية التي يشتكي منها المنخرطون في القطاع السينمائي بالبلاد " .