ستختتم مساء يومه السبت بطنجة أنشطة الدورة الثامنة لمهرجان الفيلم القصير المتوسطي ، و من المنتظر أن يلقي الممثل المصري المقتدر عزة العلايلي صباح هذا اليوم، درسا سينمائيا في فن التمثيل، و هي مبادرة تختلف عن ما يحدث في أغلب المهرجانات التي تستضيف نجوما سينمائيين من مصر أو من بلدان أخرى من أجل الإثارة و استقطاب الجمهور و وسائل الإعلام دون أن تسند لهم أي مهمة في البرنامج، و دون أن يستفيد المشاركون فيها من خبرتهم و تجربتهم. عرض خلال هذه الدورة داخل إطار المسابقة الرسمية 53 فيلما قصيرا من المغرب و من عدة بلدان متوسطية أخرى، وهي أفلام مختلفة و متنوعة بأفكارها ومواضيعها الطريفة أو المأساوية، وبطرق تناولها و سردها و تصويرها و إخراجها، عكست ما يشغل بال أصحابها من أفكار و قضايا. كانت هذه الأفلام في مجملها متقاربة من ناحية مستوى جودتها مع تميز أكثر للبعض منها مثل الفيلمين اليونانيين «سبعة أحرف» و «جرد»، و الفيلم القبرصي «خوذات» و الفيلمين المغربيين «ندوب» للمهدي السالمي و «حياة قصيرة» لعادل الفاضلي، و الفيلم الإيطالي «آخر أيامي في الحرب»، و الفيلم الإسباني «جدة قابلة للنفخ» و الفيلم الفلسطيني «الدرس الأول» للمخرجة عرين عمري،التي تناولت فيه قضية الصراع مع الإسرائيليين حول القدس كعاصمة لفلسطين بطريقة ذكية دون مشاهد دموية أو عنف، و هو ليس تحفة فنية سينمائية و لكنه فيلم نظيف و مقنع بفكرته و بموضوعه و بطريقة تناوله، و من الممكن أن ينال مساء هذا اليوم تنويها أو إحدى الجوائز من طرف لجنة التحكيم التي ترأسها الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، والمتكونة من أعضاء ينتمون كلهم إلى بلدان عربية (ثلاثة من المغرب، و ثلاثة آخرين من الجزائر و تونس و لبنان) بعدما تعذر الحضور على الإسباني بيري روكا مدير البرامج الثقافية في القناة العمومية الإسبانية.إن التأمل في أفلام المهرجانات المتخصصة في السينما المتوسطية بمختلف أنواعها الروائية و الوثائقية الطويلة أو القصيرة ،تجعل المتأمل فيها يخلص إلى أن السينما المتوسطية لا تنحصر في الأفلام التي توجد فيها لقطات للبحر الأبيض المتوسط أو التي تصور بالمدن المطلة عليه، و لا تنحصر أيضا في الأفلام التي تتطرق إلى المواضيع التي تخص البلدان المتوسطية، بل إن هوية الفيلم المتوسطي تحددها أساسا جنسية منتجه المنتمي إلى أحد البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط، و هو أمر يفتح الباب على مصراعيه في وجه التنوع و التعددية والاختلاف، قد يكون الفيلم متوسطيا رغم كونه مصورا بمدينة تطل على المحيط الأطلسي أو مصورا في بلد غير متوسطي، قد يكون متوسطيا رغم كونه يتناول مواضيع وقضايا اجتماعية أو سياسية لبلدان غير متوسطية. كل هذا يعني أنه توجد فعلا أفلام متوسطية مئة في المئة بطاقميها الفني و التقني ومواضيعها و لغتها و فضاءاتها، و عكس ذلك توجد أفلام جنسيتها متوسطية رغم كونها غير متوسطية مئة في المئة، و هو أمر طبيعي لأن السينمائي المتوسطي الذي يعيش مثلا في شمال البلدان الأوروبية المتوسطية ليس له نفس اهتمامات السينمائي الذي يعيش بجنوبها أو بشرقها أو بغربها، و نفس الشيء بالنسبة لسينمائيي البلدان المطلة على الضفة الجنوبية لبحر الأبيض المتوسط ، كما يوجد شبان سينمائيون متوسطيون يعيشون خارج البلدان المتوسطية و ينجزون أفلاما متوسطية و يشاركون بها في مهرجانات دولية للسينما المتوسطية. موازاة مع كل هذا توجد أفلام دولية لا تحمل الجنسية المتوسطية، و لكنها تصور كليا أو جزئيا في بلدان متوسطية ، بل تتطرق أحيانا إلى قضايا متوسطية.