أبرزت الأرقام الأخيرة التي توضح حجم الفلاحين غير القادرين عن تسديد ديونهم برسم الموسم الفلاحي الماضي عن أزمة التمويل البنكي لدعم الفلاحة بالمغرب. وتشير الإحصائيات الواردة من المؤسسة البنكية المهتمة بالتمويل الفلاحي أنه من أصل 250 ألف فلاح استفاد من القروض لم يتمكن سوى 90 ألف منهم من تسديد ما بذمتهم للمؤسسة. وقد بلغ حجم المتأخرات ''المستعصية'' عن السداد 2 مليار درهم في الوقت الذي بلغ حجم القروض الفلاحية برسم الموسم الفلاحي الماضي 5,7 مليار درهم. وهذا مايدفع، حسب إدريس الصقلي عدوي نائب برلماني مهتم بقضايا الفلاحة، إلى القول أن ''الوقت أصبح ملحا لإعادة النظر في طرق تمويل القطاع الفلاحي في المغرب وفتح نقاش موسع في طبيعة المستفيدين وأيضا حول طبيعة الإعفاءات الضريبية في القطاع الفلاحي، إذ من الظلم الضريبي أن يستفيد بعض المستثمرين الكبار في الفلاحة من الإعفاء الضريبي كغيرهم من السواد الأعظم من الفلاحين الصغار''. واعتبر تقرير المؤسسة البنكية المتخصصة في تمويل القطاع الفلاحي، أن 10 بالمائة فقط من المستغلات الفلاحية (يقدر عددها في بالمغرب بحوالي مليون ونصف مستغلة) من قبل من يتوفر على معايير ''مناسبة'' لولوج عالم التمويل البنكي، بالمقابل 50 بالمائة تمثل المستغلات الصغرى ''لاتستفيد أصلا من أي نوع من التمويل''. وأبرز عدوي أن ارتفاع نسبة غير القادرين على تسديد ديونهم يرجع لعدة عوامل، منها: أن المؤسسة البنكية المكلفة أصبحت بنكا عاديا وبالتالي همه الأول هو الربح. ثانيا: أن الفلاح المغربي يعتبر الحلقة الأضعف في عملية تسويق المنتوجات الفلاحية (من الفلاح إلى المستهلك لا يمثل ثمن بيع الفلاح سوى 20 بالمائة كمتوسط من الثمن النهائي للمنتوج) ثالثا: أن مواسم فلاحية لا تترك للفلاح الصغير والمتوسط حتى مصاريف تغطية مسلسل الإنتاج. رابعا: أن دعم الدولة يصل فقط إلى لوبيات معينة دون أن يمتد للمستغلات الفلاحية الصغرى والمتوسطة. وعن مدى استفادة الفلاح من الإعفاء الضريبي، قال عدوي: ''الإعفاء الضريبي المتحدث عنه هو عبارة عن الشجرة التي تخفي الغابة''. مشددا على أن الإعفاءات تشمل فقط الضرائب المباشرة، وهي لا تمثل الحصة الكبرى في مسلسل تكلفة الإنتاج. وقال عدوي: الفلاح المغربي، بخلاف نظيره الأوروبي مثلا، لا يستفيد من الإعفاءات على الضريبة على القيمة المضافة في ''الكازوال'' وغيرها من أدوات الانتاج. مشددا في السياق ذاته، على ضرورة ''إعادة النظر في مسألة تعميم الإعفاءات الضريبية''، و''التفكير في سبل دعم الفلاحة التضامنية''. مصرا ''على أن المخطط الأخضر لن يحقق نتائج مرغوبة إلا إذا تمت معالجة إشكالية التمويل والضرائب وطبيعة المستغلات الفلاحية''.