سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور محمد الأغظف غوتي رئيس المجلس الجهوي لصيادلة الشمال، وجمعية الصيادلة خريجي المغرب..ل"التجديد": أدوية الجهاز الهضمي هي الأكثر انتشارا..وأدوية فاسدة تباع في سوق الملاح بوجدة دون تدخل الدولة
بمناسبة اليوم العالمي للصحة استضافت "التجديد" أحد رجال الصيدلة. وصفه عبد الواحد الفاسي بأنه لا يخفي حسه الوطني وغيرته الكبيرة على هذه المهنة النبيلة ، وحماسه الواضح لها حين يعتبرها واجهة لخدمة المواطن والوطن. إنه الدكتور محمد الأغظف غوتي، الذي جمع بين دكتوراه الصيدلة، ودبلوم الطب التجانسي، ودبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الدستوري والعلوم السياسية. رئيس المجلس الجهوي لصيادلة الشمال، رئيس مؤسس لجمعية الصيادلة خريجي المغرب.وجهت "التجديد" إليه أسئلة حول سوق الأدوية بالمغرب، وإشكالية معادلة الشهادات وغيرها.والدكتور الأغظف يجيب عنها في الحوار التالي: -مرحبا بكم دكتور بجريدة "التجديد"، هلا أعطيتمونا نظرة عن خصوصية هذه السنة فيما يتعلق بسوق الأدوية؟ -- بداية أشكر جريدة "التجديد لاهتمامها بموضوع الصحة، خاصة وأنها عامل مهم من عوامل التنمية إذ لا تنمية بدون صحة، ولا صحة بدون أطر صحية. وللأسف فإن هذا الموضوع لم ينل القدر الكافي من الاهتمام من مجموعة من الجرائد، وكذا بعض الأحزاب. وبخصوص سوق الأدوية فإن حجم الاستهلاك يعرف هذه السنوات الأخيرة ركودا بحيث استقر منذ 1998 في أربعة ونصف مليار درهم، مما يشير إلى أن حجم الاستهلاك الفردي 170 درهما في السنة، وهو رقم ضعيف جدا بالمقارنة مع بعض الدول المجاورة مثل الجزائروتونس. وهو ضئيل جدا إذا ما قارناه بالاستهلاك لدى الدول الأوروبية. أما أسباب ذلك فتتنوع ما بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي، من اتساع دائرة الفقر وغياب التغطية الاجتماعية. - أثيرت مؤخرا ضجة حول إشكالية غياب الصيادلة عن صيدلياتهم وتسييرها عن بعد، ما رأيكم في هذا الأمر؟ --هذا السؤال كان يطرح ولا زال يطرح. وأنا أفضل أن يتم التوضيح حتى لا يطرح مرة أخرى. من الناحية القانونية ليس ثمة في التشريع المغربي (القوانين المتقادمة التي ترجع إلى ظهير 1960) أي قانون مغربي يلزم الصيدلي بالمكوث بصيدليته 24 ساعة على 24 ساعة (365 يوما على 365 يوم) إنما الموجود في القانون أن الصيدلي يبقى مسؤولا على أي سلوك وأي صرف يحصل داخل صيدليته . وإن المستخدمين يقومون بأعمالهم تحت مراقبته. وحسن تسيير الصيدليات مرتبط بعدة أمور منها التكوين المستمر للصيدلي لذلك فهو ملزم بحضور دورات تكوينية على المستوى الوطني أو في الخارج، ونظرا لحاجياته التدبيرية لابد له من الخروج من الصيدلية، بالإضافة إلى ذلك هناك مراقبة من طرف وزارة الصحة يقوم بها مفتشو الصيدليات لزجر الصيادلة الذين يتغيبون بشكل كبير، وهؤلاء لا تتعدى نسبتهم 5%. المشكل المطروح هو تكوين المستخدمين في الصيدليات، وقد ناقشته هيأة صيادلة الشمال في مؤتمرها الأخير حيث أدرجت في جدول أعمالها إحداث مدرسة لتكوين مستخدمي الصيدليات ليستفيد منه الراغبون في ولوج هذه المهنة الشريفة، والمستخدمون المشتغلون بالقطاع. ونشير أن الدولة هي الجديرة بتحمل هذه المسؤولية مادام الصيدلي يؤدي عنها واجبات (مادية) تتضمن التكوين. - أين وصلت إشكالية معادلة الشهادات؟ -- عمق إشكالية معادلة الشهادات هو عمق قانوني بالأساس إذ يبقى قانون 1960 مرتبطا بالفترة الاستعمارية في ظهير 1916، ففي 1960 لم تكن لدينا أية كلية للصيدلة بالمغرب بل ظهرت سنة 1986 وتخرج أول فوج سنة 1991، لذلك كان لابد أن يتم استدراك المشرع للنقص الحاصل وهو عدم الإشارة إلى دبلوم وطني في قانون 1960. والإشارة للدبلوم الوطني هي إشارة تأكيد للسيادة الوطنية وإشارة لمعادلة الشهادات. وهو تأكيد لوطنية دبلوم المغرب. وقد هيئت مشاريع 1993 و1995 و1997 وآخر مشروع هو مشروع 1998 وهناك الآن مشروع مع الوزارة الحالية، وللأسف فالمشروع ما زال حبيس رفوفها. فمشروع 1998 كان يضم 150 فصلا تم انتقاء فصل واحد منها نظرا لاستعجاليته وهو المتعلق بمعادلة الشهادات، ومضمونه عكس ما يروج له لدى الرأي العام وبعض الجرائد وبعض وسائل الإعلام، ليست فيه إشارة لدبلوم أوروبا الشرقية بقدر ما فيه إشارة للدبلوم الوطني، وللأسف فهذا الفصل ما زال حبيس مجلس النواب. فالذي يروج ويسعى لعدم خروج هذا القانون فهو بقصد أو بغير قصد، بوعي أو بدون وعي يصنف ضمن لائحة من يعارض السيادة الوطنية. كما نشير أن مهنة الصيدلة هي وحدها المستثناة في العمل بهذا القانون، فمهنة الطب والبيطرة وكليات الهندسة يقرون بالعمل بمعادلة الشهادات في المغرب إلا الصيادلة، فلماذا هذا الاستثناء؟ لو كان هناك نوع من العقلنة والموضوعية لكان أمكننا تمرير وتنزيل هذا المبدأ للواقع (الفصل) وبعد ذلك تكون المرونة في طريقة التنزيل إلى الواقع.وأشير أن هذا الوضع الذي نعيشه الآن يمثل مؤشرا سلبيا للمؤسسة التشريعية وللأسف قمنا باتصالات مع مجموعة من الأحزاب تبين أنها مقتنعة بالوضع الراهن أو عاجزة عن تغييره. - ما ذا عن صناعة الأدوية بالمغرب ومدى إمكانية تطوير البحث العلمي؟ -- صناعة الأدوية بالمغرب هي صناعة متطورة جدا مقارنة مع مجموعة من دول العالم الثالث والدول المحيطة، والدليل على ذلك أن نسبة 85% من الدواء المستهلك بالمغرب يصنع داخليا، ليستورد نسبة 15% من الخارج وهو مؤشر إيجابي جدا. والفضل يرجع في ذلك إلى رسؤوس أموال وطنية لمجموعة من الصيادلة الذين استثمروا أموالهم في هذا القطاع، في الوقت الذي تخلت فيه الدولة عن دورها فيه. وهو قطاع استراتيجي لأنه مادة هامة وسامة وهي الدواء.ونسجل أنه لحد الآن توجد 22 شركة لصناعة الأدوية وأكثر من ذلك أننا نقوم بتصدير الأدوية إلى الخارج مثل فرنسا وسويسرا وبعض الدول العربية الشقيقة. والذي يميز القانون المغربي تمييزا إيجابيا هو أن رأسمال الشركات المصنعة للأدوية يلزم أن تكون نسبة 81% منه وطنية من رأسمال مغربي، وليس مثل ذلك في باقي القطاعات. أما فيما يخص البحث العلمي فهو يحتل المرتبة الثالثة عالميا والعلوم الصيدلية متطورة جدا مقارنة مع غيرها. - عرفت مستشفيات المملكة أزمة خانقة نظرا للنقص المهول للأدوية، حتى الضروري منها فما رأيكم في الموضوع؟ -- الصيدليات التابعة للمستشفيات تعرف عدة مشاكل، منها أن نسبة مهمة من الأدوية تتعرض للتلف دون أن تستعمل، وأخرى لا تستعمل نظرا لفقدان صلاحيتها، هذا الخلل في التدبير جعل الوزير يتخذ إجراء بمركزية الدواء في الوقت الذي ينادي الجميع باللامركزية. وهذا النقص هو مؤقت وهو مؤشر لإدماج صيادلة مختصين لترشيد وعقلنة تدبير صيدليات المستشفيات لتجاوز هذا النقص. - هذا الموضوع يجرنا إلى الحديث عن فئة من خريجي كليات الصيدلة الذين يجدون عوائق مادية لفتح صيدليات ويمتنعون عن القروض الربوية، فبماذا توجهونهم؟ -- فعلا هذا إشكال مطروح، وجمعية الصيادلة خريجي المغرب تقترح على هؤلاء بعض الحلول منها تقنية ومنها أخرى تغنيهم عن القروض الربوية، وعلى هؤلاء الصيادلة أن يتجاوزوا الأوتوماتيكية التي تقتضي أن تخرج الصيدلي يعني فتح صيدلية وإعطاء الأمر صبغة تجارية، عوض الانتباه إلى أنها مهنة شريفة واجتماعية بل وإنسانية، خصوصا مع الأزمة التي يعرفها قطاع الصيدلة بالمغرب إذ أن 30% من أصحاب الصيدليات عاجزون عن تغطية مصاريفهم وبالأحرى كسب قوتهم. نقترح على الصيادلة المتخرجين أن يعملوا مع وزارة الصحة أو شركات الأدوية توزيعا وتصنيعا. ففي تونس نجد نسبة 25% من المتخرجين يوظفون مع الدولة و 25% في الشركات التي يمكن أن تكون خارج وزارة الصحة، في وزارة الفلاحة مثلا أو المالية أو في المختبرات. - ماذا عن الأدوية المهربة التي تباع في الأسواق العمومية؟ -- هذه الأدوية المهربة التي تباع في الأسواق العمومية لها آثار سلبية على صحة المواطن، فالصيدلي هو المؤهل والرجل التقني الذي يحق له بيع الدواء، لأن هناك مجموعة من الأدوية تباع بعد تجاوز تاريخ صلاحيتها، وأخرى لا تحترم فيها الجودة بحيث منها ما يحتاج أن يكون في درجة حرارة منخفضة نجده في الشمس وللأسف أن من يتحمل المسؤولية هنا هي السلطات الحكومية، فمثلا سوق الملاح بوجدة تباع به الأدوية على مرأى ومسمع السلطات في حياد سلبي. ونحن بودنا أن يرقى التعامل ليصبح إيجابيا في المستقبل لأن الأمر يتعلق بصحة المواطنين. أما فيما يخص ارتفاع أسعار الأدوية فله أسباب موضوعية وأخرى نسبية، وللعلم الأدوية التي تستهلك في المغرب هي ذات جودة عالية مثل التي تباع في دول أوروبية وبأسعار مرتفعة جدا. والسبب بسيط هو ضعف الطاقة الشرائية للمواطن المغربي. ثم إن الأطراف المتدخلة في تحديد سعر الدواء هي: شركات الأدوية، والصيدلي الموزع، والصيدلاني ثم الدولة. فلكي نصل إلى ثمن مناسب للمؤشرات السيوسيو اقتصادية للبلاد يلزم أحد هذه الأطراف أن تبادر، فالدولة تأخذ تقريبا نصف ثمن الدواء، فإذا كان ثمن دواء معين مثلا 100 درهم فإن للدولة 50 درهما، وعكس ذلك نجده في الجزائروتونس. فالدولة أقل ما يمكن أن تفعله أن ترفع يدها حتى يسهل على المواطنين تلقي أدويتهم بأقل ثمن. - هل يمكنكم أن تحددوا لنا الأدوية الأكثر استهلاكا حتى نتمكن من معرفة الأمراض الأكثر انتشارا؟ -- تأتي أدوية الجهاز الهضمي في المرتبة الأولى بعدها أدوية الجهاز العصبي تليها أدوية الجهاز التنفسي ثم المضادات الحيوية وتتبعها باقي الأدوية الأخرى. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضرورة مراعاة الجودة في النظام الغذائي، والتركيز على التوعية الصحية، فجمعيتنا رفعت منذ ثلاث سنوات شعارا وهو "الغذاء قبل الدواء" أي أن مراعاة نظام التغذية هو دواء في حد ذاته، والرهان على وسائل الإعلام للتوعية والتحسيس. - في ظل هذا الوضع ماذا عن هيئة صيادلة الشمال؟ من بين الأهداف التي نسعى لها، استرجاع الحركة التاريخية للمهنة وتعزيز دور الصيدلي في المجتمع، واسترجاع السلطة القانونية للمهنة وإرساء العمل الاجتماعي، إذ تم التفكير في إنشاء صندوق وطني للتضامن الصيدلي، وكذا التفكير في إنشاء تعاضدية لصيادلة الشمال، ولنا موقع على شبكة الأنترنت (www.crpon.org). والملاحظ أن قطاع الصيدلة أصبح يولي اهتماما كبيرا للغة العربية وهذا لم يكن من قبل. حاورته: حبيبة أوغانيم