كان من سوء حظ وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، أنه قدم إلى المغرب بعد مسيرة مليونية للشعب المغربي، عبر فيها، وبتلقائية فاجأت حتى المنظمين أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتحمل مسؤولية رئيسية في العدوان الصهيوني على المدن والقرى الفلسطينية. وهو موقف لا يجانب الصواب، ويؤكد القناعة القائلة بعدم استفادة الولاياتالمتحدة من أحداث 11 شتنبر فيما يخص مراجعة سياستها إزاء القضية الفلسطينية، ونعتقد أن جولة كولن باول، المحسوب على معسكر الحمائم في الإدارة الأمريكية تسهم هي الأخرى في تعزيز هذه القناعة والتي تفضي في المحصلة إلى نفض اليد من أي مراهنة على الولاياتالمتحدةالأمريكية. لقد فاجأنا كولن باول، وهو يخاطب الصحفيين بعد لقائه بجلالة الملك محمد السادس مساء أول أمس الإثنين بأكادير ويقدم خطابا ورديا مخالفا لحقيقة الواقع الجاري بأرض فلسطين، ودون أن ينبس بأي حكم على الإجرام الصهيوني المتواصل في حق الشعب الفلسطيني، ودون أن يقدم أدنى تفسير على سكوت الإدارة الأمريكية إزاء الهجوم الصهيوني الشامل والشرس منذ 29 مارس وعدم تحركها إلا يوم 4 أبريل أي بعد أسبوع من التقتيل والإجرام والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وعندما تحركت عبر توجيه بوش لخطاب له يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات، لم تكن هناك أدنى استجابة بل إن باول وهو يقف بأكادير يوم 8 أبريل أي أربعة أيام بعد خطاب بوش، لم يقدم أدنى تقويم أو نقد لعدم استجابة شارون وحكومته وعوضا من ذلك استمر في التكرار الممل والمحبط لذلك الخطاب. والأدهى أن باول وهو يقوم بجولته، على إثر جولات فاشلة للجنرال المتقاعد أنتوني زيني، لم يعلن عن أية مبادرة من قبله للقاء بعرفات، وهو ما نفسره بالانسجام مع خطة العمليات الصهيونية التي تقضي بتشديد حصار عرفات كما فعلت مع الوفد الأوروبي. وفي المقابل جاء الإعلان عن إلغاء الاحتفالات الشعبية التي كان من المقرر أن تصاحب الزفاف الملكي، ثم الإعلان عن تأجيل حفل الزفاف ذاته كي يظهر انشغال الشعب المغربي واستنكاره للتراجيديا التي يكتب فصولها العدوان الهمجي الشاروني على الشعب الفلسطيني، وهو ما سعى جلالة الملك أيضا إلى تأكيده خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي حينما أكد أنه من الضروري لباول أن يلتقي الرئيس الفلسطيني إضافة إلى تلك الالتفاتة الرمزية بالغة الدلالة المتمثلة في حمله للشارة التي حملها الشعب المغربي في مسيرة الرباط والتي كتب عليها "كلنا فلسطينيون".