إن صفة أمير المؤمنين لا تمنح صاحبها سلطات مطلقة ولا تجعل منه معصوما غير قابل للمساءلة في منظور الإسلام إذا تحمل مسؤولية من مسؤوليات التشريع أو التنفيذ أو غيرها، فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب لم تمنعه هذه الصفة من أن يكون محل جدال ومراجعة من قبل المسلمين رجالهم ونساؤهم ما دام قد قرر وأتى بوصفه حاكما ما يقتضي التقييم، وبالتالي المجادلة والمراجعة كما هو ثابت ثبوتا لا يحتاج معه إلى دليل، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جادلته امراة وسمع الله جدالها وخلد ذكر هذا الجدال في الذكر الحكيم. ولذلك، فإن إمارة المؤمنين في الأصل لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن تفهم على أنها صفة لولي أمر المسلمين، توجب عليه أن يسوسهم بمقتضى تعاليم الدين وأحكامه ويضمن لهم العدل والإنصاف ويضمن منهم واجب الولاء والطاعة. أما ما أصبح شائعا في الخطاب السياسي المغربي حول مؤسسة إمارة المؤمنين من معاني وسلطات مطلقة تتجاوز الدستور انطلاقا من بعض الوقائع التي عرفتها البلاد خلال العقدين الأخيرين وما استتبع ذلك من تبريرات فلا تعدو أن تكون مجرد تأويلات لا تجد لها سندا في الفقه الشرعي. ولذلك فإن إمارة المؤمنين والبيعة تبعا لها لا ينبغي أن تفهم على أنها تتيح سلطات تتجاوز أحكام الدستور والقانون وإنما هي إلتزام ديني ينبع من الصبغة الإسلامية للدولة، وتفرض على صاحبها واجب حفظ الدين وتعزيز أركانه ومنع تجاوز ثوابته الشرعية. مصطفى الرميد قيادي في العدالة والتنمية (الصحيفة العدد 156 أبريل 2004)