تشهد الساحة السياسية في تونس ازدهارا وتسابقا محموما غير مسبوق للحصول على تاشيرات الاحزاب في ما بات يعرف ب"صناعة الاحزاب" منذ ثورة ال14 من يناير الماضي وسقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقد تجلى ازدهار هذه "الصناعة الحزبية" الجديدة في موافقة وزارة الداخلية التونسية حتى الان على تاسيس 49 حزبا سياسيا من مختلف المشارب والتوجهات السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار. ويتوقع المراقبون ان يصل عدد الاحزاب والحركات السياسية الناشطة حتى موعد المحطة الانتخابية الاولى لانتخاب المجلس التاسيسي والمقرر حتى الان ليوم ال24 من يوليو المقبل الى ما لا يقل عن 100 حزب سياسي. وقد قوبلت هذه الظاهرة من الطفرة العارمة من الاحزاب والحركات السياسية بالترحاب النسبي في بدايتها من عموم التونسيين باعتبار ان مثل هذا الوضع طبيعي غالبا ما تفرزه الثورات والهبات من اجل الكرامة والحرية وغريزة السعي الى ابراز الذات والتعبير عنها في تنظيم سياسي او جمعياتي. وينص قانون الاحزاب السابق في تونس على ان يتلقى أي حزب سياسي معترف به 50 الف دينار تونسي كمساعدة من الدولة اضافة الى 250 الف دينار تونسي لدعم الصحيفة التي يصدرها للتعريف ببرامجه السياسية وخوض الانتخابات مع تحريم تلقي الاحزاب لاي دعم خارجي. وعلى الرغم من ان طبيعة القانون الجديد القادم للاحزاب التونسية لم تعرف حتى الان فان ما حصلت عليه تونس من مساعدات عاجلة امريكية بقيمة 20 مليون دولار واوروبية بقيمة 23 مليون دولار الى جانب 350 مليون دولار في العامين المقبلين لدعم "بناء الديمقراطية التونسيةالجديدة والاحزاب" من شانه ان يثير شهية السياسيين لتأسيس المزيد من الاحزاب والحركات السياسية قبل الانتخابات المقبلة.. ومن المنتظر ان تكون الانتخابات القادمة المقررة حتى الان ليوم ال24 من يوليو اولى هذه المحطات والمواعيد الانتخابية الهامة والرئيسية شريطة ان تتطور الاوضاع نحو المسار الديمقراطي الانتخابي الصحيح والمنشود والنجاة من انتكاسة قد تقلب كل الموازين السياسية راسا على عقب لاسيما بدخول الجيش التونسي ولاول مرة في تاريخه على الخط في المشهد السياسي.