المعتقلون ''ينتفضون'' خلف الأسوار .. محمد حقيقي: اختيار ''اليزمي والصبار'' على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان منح المعتقلين بعض الأمل لإعادة فتح هذا الملف بعد سنوات من الاحتجاجات المتمثلة في الإضرابات المفتوحة عن الطعم، اختار ''محمد حاجب'' أحد المعتقلين على خلفية قانون مكافحة الإرهاب التهديد بحرق الذات كوسيلة لإعادة فتح ملف معتقلي ''السلفية الجهادية'' الذي عمر لثماني سنوات دون أن تجد له الدولة أي مخرج. وهي الحركة التي صفق لها باقي المعتقلين، من خلال الانضمام إليه والتضامن معه مادام الهدف والمطلب واحد، وحاول ليلة أول أمس الأحد ''الجمعاوي عبد الناصر'' المعتقل بالسجن المحلي بسلا إلى إحراق ذاته من خلال إفراغ كمية من البنزين على جسده، في حين اختار ''خالد عياط'' الارتماء من فوق سور السجن الذي يعتصم عشرات المعتقلين فوقه منذ يوم الخميس الماضي كمحاولة للانتحار وهو ما خلق حالة من الذعر في صفوف باقي المعتقلين الذين يواصلون اعتصامهم المفتوح الذي بدأه أغلبهم منذ يوم الخميس الماضي بكل من السجن المحلي بسلا، السجن المركزي بالقنيطرة، السجن المحلي بتيفلت، السجن المحلي بآيت ملول بأكادير، السجن المحلي بوركايز بفاس، السجن المحلي بالجديدة، سوق الأربعاء، وجدة، حيث صعد معتقلون بالسجن المحلي لسلا لأعلى سور السجن، مهددين بالموت من أجل فك أسر الآخرين، واعتصم آخرون بنفس السجن بساحة السجن، وبممرات العنابر رافضين الدخول إلى زنازينهم يوجد من ضمنهم ضحى أبو تابث، وفوزية أزوكاغ المعتقليتين على خلفية نفس الملف. منذ سنوات، لم يتحد معتقلوا ''السلفية الجهادية'' وطنيا في حركة احتجاجية واحدة، بأشكال نضالية موحدة ومطالب موحدة وهو ما يسير لبرمجته مجموعة من المعتقلين داخل السجون المغربية إذا لم تف وزارة العدل بوعودها القاضية بنفض الغبار عن هذا الملف حسب مجموعة من المعتقلين على خلفية هذا الملف، حيث تم الإجماع على أن الأحداث أو الثورة التي عرفتها تونس ومصر وبعض الدول الأخرى التي لازالت تنازع في مشروعية مطالبها مليئة بالعبر والدروس، ومن داخل السجون بدأ التهديد بتجاوز الاحتجاج عبر الأمعاء الفارغة كما السابق، ونهج أساليب أخرى أكثر حدة توجت مؤخرا بالتهديد بإحراق الذات متخذين كشعار لهم ''الإفراج أو الموت''. حركية السجون، توازيها حركية لمجموعة من الجمعيات الحقوقية التي بادرت إلى تأسيس إطار حقوقي للمطالبة بإسقاط قانون مكافحة الإرهاب، في حين يبادر آخرون من بينهم معتقلون سابقون على ذمة نفس الملف إلى تأسيس جمعية أو تنسيقية للمطالبة بجبر الضرر، وتأهيل وإدماج هاته الشريحة من المجتمع. بيانات مناصرة توالت البيانات التضامنية مع الاحتجاج الأخير، الذي هدد من خلاله ''محمد حاجب''، المعتقل بالسجن المحلي بسلا، الحامل للجنسية الألمانية، والمحكوم عليه بعشر سنوات سجنا، بإحراق نفسه في حالة عدم الإستجابة لمطالب المعتقلين العادلة المتمثلة في إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط يومي 25 و26 من الشهر الماضي، والتحاق مجموعة أخرى به في اعتلاء السور مهددين بإلقاء انفسهم في حالة أي تدخل أمني، تم اعتصام باقي نزلاء نفس السجن حي ميم 1 وميم 2 في ساحة السجن، مقابل اعتصام أهاليهم أمام السجن مؤازرين من طرف جمعيات ومنظمات حقوقية كمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وتنسيقية أسر المعتقلين. وبإسم معتقلي ''السلفية الجهادية'' بسجن سلا المحلي، أعلن هؤلاء تشبتهم بما تمخضت عنه المفاوضات الأخيرة بين ممثيلهم وممثلين عن وزارة العدل، مطالبة بتفعيل ما تضمنته المفاوضات من نقاط في أقرب الآجال، ومشددين على عزمهم على الإستمرار في نضالاتهم حتى لتصفية هذا الملف ''المفبرك''.ومن السجن المركزي بالقنيطرة، طالب مجموعة من المعتقلين على خلفية قانون مكافحة الإرهاب بإطلاق سراحهم، وجبر ضررهم، ورد الاعتبار لهم، و''بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب وبكل ما من شأنه النيل من كرامتهم وخنق حرياتهم وكتم أنفاسهم، والإغلاق الفوري لمعتقل تمارة وأقبية المعاريف لكونها رمزا شاخصا لمرحلة سوداء في تاريخنا المعاصر، ومناهضة كافة إشكال الإفلات من العقاب ومحاسبة جلاديهم ..'' وبإسم معتقلي ''أنصفونا'' دعا الموقعون على البيان الجهات المعنية ''إلى إعمال صوت العقل، والعمل بشكل جدي إلى إيجاد حزمة حلول لهذا الإشكال،الذي يبقى شوكة في خصر مسيرة النماء والبناء،نحو مغرب يعمه الاستقرارالحقيقي والعدالة الاجتماعية''، معتبرين أن الأحداث الأخيرة التي عرفها السجن المحلي بسلا تحمل دلالات عميقة، وتؤشر على تحول نوعي في التعاطي مع ملف الإسلاميين بالسجون المغربية''. وبدوره أكد حسن الكتاني، المعتقل على خلفية قانون مكافحة الإرهاب على أن ثورة الشعب التونس والشعب المصري مليئة بالعبر والدروس، وناقوس خطر في بقية أرجاء العالم الإسلامي مطالبا في بيان له المغرب بإعادة الأمور إلى نصابها وبإصلاح الفساد. وقال الكتاني في بيانه''طال ليل الظلم علينا حتى قاربت السنوات العشر وتكلم الجميع عن الفساد القضائي الكبير و قد آن الأوان لوضع حد لانتهاك الحقوق وإرجاع الأمور لنصابها لتهدأ النفوس و ترجع البسمة لوجوه الكبار والصغار''. ومن داخل السجن المحلي بسلا، تم الإعلان عن تشكيل إطار تحت اسم '' ضحايا الاختطاف والتعذيب والمحاكمة السياسية'' من أجل الحرية و الإنصاف ورد الاعتبار وتفعيلا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب وللتواصل والتعاون مع مختلف المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية. وهدد الموقعون على هذا البيان والذي يوجد من بينهم ''محمد المرواني''، الأمين العام لحزب الأمة الغير مرخص له، بخوض أحتجاجات غير مسبوقة، وأنهم يمنحون اليوم للجهات المعنية '' فرصة أخيرة لإنهاء هذا الاحتجاز السياسي الظالم، ونؤكد مجددا على أننا لن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء الاستهتار بالقانون و التلاعب بحريات المواطنين''. ارتفاع سقف المطالب في قراءة له للحركة الأخيرة التي قام بها محمد حاجب، يرى عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، أن الاعتصام بالسجن المحلي بسلا قام به المعتقلون الإسلاميون المتواجدون هناك بشكل جماعي، مع التأكيد أن الذين تسلقوا السطوح و هددوا بالانتحار حوالي 40 فردا منهم 10 كانوا على السطح العلوي، وحتى نكون منصفين -يضيف مهتاد ل''التجديد''، ''فإن الحركة الاحتجاجية تعد من رصيد المعتقلين الإسلاميين كلهم مع بعض الاستثناءات لبعضهم، والذين لم يكونوا موافقين على التهديد بالإحراق أو الموت لما في ذلك من مخالفة شرعية''، مشددا في الوقت نفسه ''وإن كان من حسنة تحسب لهذه الحركة الاحتجاجية فإنها قد رفعت سقف المطالب إلى مستوى إطلاق السراح أو دونه الموت، لتتحول بعد ذلك إلى مفاوضات وحوار عبر وساطة وزارة العدل إلى أجل غير مسمى أو جدول واضح المعالم والقبول ببعض الحقوق والمكتسبات، راجيا أن تكون حافزا على توحيد المطالب بالنسبة لكل المعتقلين الإسلاميين والخروج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها القضية منذ حوالي .2008 ارتفع إذن سقف مطالب المعتقلين على ذمة قضايا مكافحة الإرهاب، فمنذ سنوات طغى تحسين الأوضاع، والخلوة الشرعية، والتعامل الإنساني على مطالب المعتقلين، في حين كان مطلب إطلاق السراح يأتي في التالي -حسب بياناتهم السابقة-، إلا أن الاحتجاج الأخير اختصر كل المطالب في ''الإفراج أو الموت''. إلا أن مهتاد يرى عكس ذلك، موضحا أن مطلب إطلاق السراح ليس بجديد، و''هو مطلب المعتقلين وأهاليهم منذ أن تم اعتقالهم ومحاكمتهم، وربما الجديد وهو الطريقة التي تم بها الاعتصام بالسجن المحلي بسلا حيث ربط المعتصمون على سطح السجن بين الإفراج عنهم أو تنفيذ ما كانوا قد عزموا عليه من انتحار جماعي، وقد ألقت الظروف السياسية الإقليمية والدولية بظلالها على الأمر''. إعادة فتح الملف وعن الحركية التي خلفها مطلب فتح الملفات المتعلقة بقضايا الإرهاب ومطلب اللإفراج أو الموت، قال محمد حقيقي، المدير التنفيدي لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، إن تعيين الملك محمد السادس لناشطين في مجال حقوق الإنسان، ''إدريس اليزمي''رئيسا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان و''محمد الصبار'' أمينا عاما له خلف بعض الأمل لدى المعتقلين على خلفية تلك الملفات، سيما وأن المواقف الحقوقية للمعنيين كانت واضحة مشيرا في تصريح ل''التجديد'' أن الأستاذ محمد الصبار حقوقي وأيضا محامي تابع العديد من الملفات المتعلقة بالإرهاب، وبالتالي فهو على علم بتلك الملفات بداية من حالات الاختطاف القسري إلى المحاكمات الغير عادلة، وسبق لمنتدى الكرامة في شخص ''محمد حقيقي'' أن ناقش مع ''إدريس اليزمي'' ملف هؤلاء المعتقلين وكان رد فعله إيجابيا بهذا الخصوص. أما ما يتعلق بمطلب الإفراج أو الموت، فقد أكد ''حقيقي'' -الذي حضر اللقاء الذي جمع ممثلي المعتقلين بسلا بممثل وزارة العدل- أن المعتقلين مصرون على مطالبهم، وأن من شأن تهاون الجهات الرسمية في اتخاذ القرارات المناسبة، والوفاء بوعودها أن يدفع بالمعتقلين وأهاليهم إلى اتخاد احتجاجات غير مسبوقة. وأضاف حقيقي، أن الجمعيات الحقوقية تنتظر اللقاء الذي وعدتهم به وزارة العدل من أجل التواصل لإيجاد مخرج لهذا الملف، وهم في انتظارها لحدود يوم الجمعة القادم 18 مارس، حسب المهلة المتفق عليها، وإذا لم تفي بوعودها فسينفذ المعتقلون وطنيا احتجاجاتهم داخل السجون، كما ستنفد العائلات احتجاجات موازية. هذا واستبشر المعتقلون، وأهاليهم خيرا حين دخلت وزارة العدل على الخط في شخص كاتبها العام، ليديدي بالرغم من فقدانهم الثقة في كل ما هو رسمي بحسب تجاربهم السابقة في التعامل مع الجهات الرسمية التي تعد ولا تفي بوعودها. وفي تعليق له، أكد عبد الرحيم مهتاد أنه سبق أن العديد من المعتقلين على خلفية هذا الملف الشائك استفادوا إما من الإفراج أو من تخفيض مدة العقوبة، وتبع ذلك أحداث وأمور عطلت هذا المسلسل، إلا أننا ''لم نفقد الأمل يوما من الأيام على أن الفرج آت لا محالة، وربما ساهمت الظروف الراهنة في إعادة النظر في مالأت هذا الملف برمته، رغم أن بعض الشوائب التي نسمع عنها هنا وهناك قد تكون عائقا في أن تتم تصفيته بالجملة. ويمكن في ههذا الإطار اعتماد العفو الملكي كأداة سبق اعتمادها خلال سنوات التسعينات من أجل تصفية ملفات الاعتقال السياسي، و''أظن أنها الكفيلة بذلك والأسرع تنفيذا''.