اعتبر حسن طارق، أستاذ جامعي، أن الإرادة السياسية المعلنة في الخطاب الملكي يوم 9 مارس تقتضي إجراءات مصاحبة من أجل بناء الثقة، مؤكدا في الوقت ذاته حاجة القوى السياسية والمدنية إلى الشروع في حوار وطني لبلورة الحد الأدنى المشترك. وشدد طارق أن أهم إجراءات الثقة المستعجلة الإفراج عن المعتقلين السياسيين الخمسة، والحرص على الحق في التظاهر السلمي، وانفتاح الإعلام العمومي على مختلف التوجهات والخيارات وعلى جميع الآراء، كما أكد على ضرورة الاستجابة لتطلعات الرأي العام الوطني بخصوص محاسبة المفسدين، ومحاربة الفساد وتخليق الحياة العامة. وإعادة النظر في ملف المعتقلين السلفيين، وتوفير جو حقوقي سليم، معتبرا ما وقع يوم 13 مارس بالدار البيضاء رسالة سلبية معاكسة لروح ومقاصد الخطاب الملكي. وأضاف طارق أن القوى السياسية من جهتها بحاجة إلى إطلاق حوار وطني فيما بينها، وأكد أن التيار الديمقراطي بيسارييه وإسلامييه مطلوب منها إطلاق حوار حتى يتبين لها الحد الأدنى السياسي، وعلى المستوى المدني أكد طارق أن المجتمع المدني والحقوقي يتطلب منه بذل جهد كبير يرقى بها إلى بلورة تحالف مدني واسع لدعم الإصلاح الديمقراطي على أرضية جدول أعمال توافقي. مولاي امحمد خليفة (عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال):على الفاعلين الحزبيين والمدنيين الوقوف ضد من يحاول الالتفاف على مهمات الإصلاح يجب التأكيد على شيئين أساسيين. الشيء الأول هو أن الخطاب الملكي ل 9 مارس كان خطابا فاصلا في التاريخ السياسي، وفي تاريخ المطالبة بالإصلاح الدستوري في المغرب المعاصر. هذا المعطى يجب أن يكون شاخصا في تفكيرنا في هذه المرحلة بالذات من حياتنا السياسية، لأن الخطاب الملكي الذي جاء معبرا عما تقتضيه ظروف المرحلة وبأسلوب لم يعهده المغاربة في موضوع طرح الورش الدستوري. إذ أنه يدخل ضمن ثورة دستورية. لذلك، إن هذا المعطى يجب أن يظل حاضرا في أية تحركات تقتضي ضمان مسار الإصلاح وتوجهاته. الشيء الثاني أنه بفضل الآمال الكبيرة التي أطلقت بفعل عدد من التحركات، يجدر بالمغاربة أن يلتفوا حول المرتكزات التي انطلق منها الخطاب الملكي، ثم ألا يقفوا فقط في وصف أهمية الخطاب. يجب أن في هذه المرحلة على المغاربة أجمعين أن يتقمصوا روح الخطاب. وهل يمكن الالتفاف على المبادرة التي عبر عنها الخطاب بشكل واضح؟ أقول إنه صحيح بأن المغاربة عبر نضالهم النضالي الدستوري، يمكن أن نقول بأنهم لم يعضهم ثعبان واحد، بل إن تاريخ المغرب عرف عدة معيقات في الطريق. وبالتالي فهنا تصدق العبارة المعروفة ''من عضه ثعبان يخاف من الحبل''. ما نلاحظه حاليا وفي جميع جهات المغرب وفي كل شرائحه أن هناك خوف على المسار، كما أن هناك خوف عند تنزيل المرتكزات من قبل اللجنة الخاصة بتعديل الدستور. الخوف ألا يطابق ما يمكن أن تصل إليه اللجنة مع روح الخطاب الملكي والمبادئ السبعة للإصلاح. وهو تخوف مشروع ويجب أخده بعين الاعتبار. وهو أمر يلقي على عاتق كل مواطن مغربي وعلى كاهل الأحزاب السياسية والهيئات المدنية والحقوقية والجمعوية والشبابية مسؤولية جسيمة و''قولا ثقيلا'' لتتبع مسار النقاش ومسار الإصلاحات. بالنسبة للآليات التي تكفل ضمان عدم انحراف مسار الإصلاحات، أظن أن الطريق اليوم واضح. في السابق كان المغاربة لا يتعرفون على أمر الدستور حتى عشية دعوتهم للتصويت عليه بنعم في الاستفتاء، أما اليوم المغاربة يواكبون. ولذلك فهم يطالبون بأن يستمع أعضاء اللجنة المكلفة بتعديل الدستور إلى نبضات المجتمع، وأن تستجيب الإصلاحات إلى قيم المجتمع في تناغم تام مع ضرورات خلق شروط التنمية الحقيقية للوصول إلى مجتمع ديمقراطي حقيقي تطلق فيه الحريات العامة وتقام فيه انتخابات حرة ونزيهة، وتشارك فيه كل الفئات المجتمعية في تقاسم خيرات بلدهم. عمليا يجب فتح نقاش موسع حول الإصلاحات والمطالب. علينا أن نربح الوقت لصالح هذا الوطن، وعلى كل القوى الديمقراطية أن تعكف على وضع تصور عميق لصياغة تصور للدستور، لأن النص الدستوري هو الأساس. مادام أن التعديلات تتطلب إعادة الروح للمشهد السياسي المغربي. لأن المطلوب هو إدخال تعديلات جوهرية وليس فقط تنقيح بعض البنود من الدستور كما كان يجري سابقا. كل هذا يطرح على الفاعلين الحزبيين والمدنيين مهمة مواكبة صياغة الدستور والوقوف ضد من يحاول الالتفاف على مهمات الإصلاح. السؤال اليوم هو كيف يمكن لجميع المغاربة المساهمة للوصول لصياغة دستور يحظى بإجماع المغاربة ينقل بلدهم إلى نادي الديمقراطية الحقة.