قال محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، إنه لا يمكن أن نفكر في أي وعي حضاري دون التفكير في وضع الأمة الحالي، متسائلا عن هذا الوضع هل هو في أوجهه أم في بداية أفوله؟ أو بصيغة أدق، هل نحن في بداية التراجع والأفول أم في وضع المخاض والولادة لاستئناف الفعل الحضاري وإعادة الأمل في ظل نفحات التغيير التفاؤلية التي يعرفها العالم العربي والإسلامي في الظرف الراهن؟ وشدد الحمداوي، خلال محاضرة نظمها مكتب المنطقة للحركة بأكادير أول أمس السبت، على ضرورة التسلح بسلاح الأمل والإبقاء عليه، حتى في مرحلة الأفول بحكم وجود أمل الانطلاق مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة من يجدد لها أمر دينها''. وبخصوص الأسس العامة لإدراة عملية التدافع، أكد الحمداوي في محاضرة ''مركزية القيم في التدافع الحضاري'' التي بسط فيها عناصر الموضوع من خلال ثلاثة عناوين لخصها في الوعي باللحظة الحضارية، والأسس العامة لإدارة عملية التدافع، ومركزية القيم في خضم هذا التدافع، أن الغرب ما فتئ يؤكد على انتصار نظرية نهاية الدين والتاريخ، ويروج بالمقابل لمقولة لا فائدة من إعادة إحياء منظومة القيم الإسلامية مع انتصار المنظومة القيمية الغربية، وأن أية محاولة للمقاومة هي بمثابة جهد بائس، وهو ما يستدعي بكل بساطة ضرورة الانخراط في المنظومة القيمية للغرب، الأمر الذي يفسر عقلية الهيمنة والإزاحة الحضارية لدى الغرب. وفي مقابل هذه النظرية اعتبر الحمداوي أن في الدين الاسلامي، مصطلح ''التدافع'' مصداقا لقول الله تعالى: ''ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض..'' الآية. وهذا دليل على أنه ليس هناك فساد مطلق بل فساد وصلاح وبينهما عملية تدافع يقول رئيس الحركة، وبالتالي، نحن لا نؤمن بنهاية التاريخ والدين بل بالتدافع بين الصلاح والفساد على أسس من الحوار والسباق والمواجهة والمغالبة... وعدد الحمداوي أسس رؤية الحركة لإدارة التدافع القيمي والإصلاحي في أربعة أسس، وقال في الأول إن عملية المنازعة لا بد أن تكون عملية شاملة، موضحا أن الشمولية تقتضي العمل في مختلف الجبهات السياسية والنقابية والتنموية والجمعوية والاجتماعية وغيرها. وفي الأساس الثاني قال نفس المحاضر إن عملية التدافع والمنازعة يجب أن تعتمد على الخبرة الإستراتيجية وما يقتضيه ذلك من التتبع المستمر لعملية المنازعة والظروف والوسائل التي يوظفها العدو، وهو الأمر الذي يستلزم إعداد الأمة نساء ورجالا في مكاتب بحوث دراسات وغيرها ليكون لنا عمل استباقي في مجال المدافعة. وبخصوص الأساس الثالث أشار الحمدواي إلى أن عميلة المنازعة لا بد أن تكون عملية تشاركية مجتمعية وليست خاصة بهيئة أو منظمة ما، وشدد على أهمية إنتاج أفكار لها من القوة والتجديد ما يجعل الشباب يتفاعل معها بشكل ايجابي خصوصا عبر التواصل في الفايسبوك وغيرها من وسائل الاتصال المعاصرة. أما الأساس الرابع في عملية المدافعة، فهي عملية مستدامة كما هو الشأن بالنسبة للتنمية المستدامة، وهو ما يعني، حسب نفس المحاضر، الاستدامة والإبداع والتجديد وفق ما جاء في الحديث النبوي: ''إن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها''. يذكر أن رئيس الحركة سبق وأن أطر في نفس اليوم لقاء تواصليا داخليا مع عموم أعضاء الحركة بأكادير، في إطار سلسلة اللقاءات التواصلية التي يعقدها المكتب التنفيذي مع أعضاء الحركة.