قال عبد القادر برادة الخبير المالي والاقتصادي إنه نظرا لأهمية التدابير الحكومية الأخيرة، من الضروري أن يكون هناك قانون مالي تعديلي، وأكد على ضرورة اعتماد قانون تنظيمي جديد للقانون المالي لأن ذلك سيسمح بالشفافية والمحاسبة، لأن هذا الإجراء يعتبر أولوية قبل المجلس الاجتماعي والاقتصادي. ودعا إلى وضع حد للاحتكار إذا أردنا إصلاح صندوق المقاصة، وتنقية الأجواء على المستوى الحزبي والسياسي وإعمال آلية المحاسبة المشكل الأساسي هو المشكل السياسي، فيجب تعديل دستور ,96 وبناء مؤسسات تمثيلية حقيقية، حسب برادة الذي أكد أن مطالب شباب 20 فبراير معقولة، ويجب أخذها بعين الاعتبار. اتخذت الحكومة مؤخرا مجموعة من التدابير، مثل توظيف حوالي 4300 إطار عالي، وتخصيص 15 مليار درهم إضافية إلى صندوق المقاصة، ومجموعة من الإجراءات الأخرى، ما هو رأيك في هذه الإجراءات؟ نظرا لأهمية التدابير، من الضروري أن يكون هناك قانون مالي تعديلي، وهي مسألة منصوص عليها في القانون التنظيم. فمنذ 1990 لم يكن هناك قانون تعديلي، من ثم يجب العودة إلى البرلمان من أجل مناقشة ذلك. أولا هذه التدابير مرتجلة بما فيها توظيف 4300 منصب، فهذا المشكل مطروح منذ سنوات، وماذا سيفعلون من خلال توظيفهم في الإدارة . فإذا كان التدبير ذا طابع اجتماعي، سيكون هناك راتب شهري. وما هي المردودية للسير العادي للإدارة؟ وما هي النجاعة من هذه التدابير. فهل سيتم التوظيف لأن هناك ظرفية وأحداث في كل من تونس ومصر، وفرضت من أجل تجنب ضغط الأحداث؟. تم خلق مناصب، ولكن لأي غرض، وهل ستكون هناك نفقات، وما هو الهدف من هذا الحل الترقيعي؟ هل ذلك خوفا من المظاهرات. يجب أن تكون هناك أولويات، أولا يجب أن يكون هناك قانون تنظيمي للقانون المالي لأن ذلك سيسمح بالشفافية والمحاسبة، لأن هذا الإجراء يعتبر أولية قبل المجلس الاجتماعي والاقتصادي. هل بإمكان تخصيص 15 مليار درهم لصندوق المقاصة أن يعطي نتائج على مستوى دعم القدرة الشرائية. بخصوص الاعتمادات الجديدة لصندوق المقاصة، هناك 3 مشاكل في وظيفة صندوق المقاصة، فهو مهمش نظرا للأطر غير الكافية، والمشكل الثاني يتعلق بنفقات المقاصة، فهو مرتبط بدرجة كبيرة بالسلطة الاحتكارية لشركتي كوزمار التي تصنع السكر ولاسمير للمواد البترولية، حيث إن ثمن التكلفة لا تحدده المقاصة، ولكن تحدده هتان الشركتان دون أن تتأكد الدولة من ذلك. إذن المواطنون لن يستفيدون من 15 مليار درهم. ففي غياب المنافسة وتحديد الكلفة لا يمكن أن تكون هناك نتائج على مستوى هذا الصندوق. ويجب طرح سؤال، هو من أين ستأتي الحكومة ب 15 مليار درهم، ويجب الإشارة إلى أنه غير معروف لدى الرأي العام الهبات التي تقدمها السعودية إلى المغرب، ومنذ 20 سنة كانت هناك مؤشرات على ذلك، ولكن الآن السعودية تدعم ولكن دون أن نعرف هذا المال، وذلك مرتبط إما لكي لا يعرف المواطن هشاشة المالية لديه. وأن المالية ليست بصفة جيدة، والعامل الثاني مرتبط بالجزائر وهو مشكل سياسي. إذن يجب أن نضع حدا للاحتكار إذا أردنا أن يعمل صندوق المقاصة بشكل جيد. إزاء الظرفية الصعبة التي يمر بها الوطن العربي، ما هي البدائل المطروحة على المستوى المغربي؟ بخصوص البدائل، هناك خصاص في الأطر العليا التي لها شواهد عليا في الإدارة، من ثم فإن هذه الأطر تذهب للعمل مع مراكز البحث الدولية، إذ يمكن توظيف حتى 10 آلاف من الأطر العليا وخريجي مدارس التجارة في فرنسا البالغين ما بين 5000 و6000 إطار عالي في كل الوزارات خصوصا في وزارة المالية والتعليم. الأطر العليا بالإدارات المغربية قليلة، مما يجعلها تلجأ إلى مراكز الدراسات الدولية. إن كان الإنسان مهندس أو طبيب أو دكتور.. فالجودة قليلة. إذن إذا أردنا توظيف هؤلاء فيجب أن تكون هناك دورات تأهيلية، يعني تكوينهم. فإذا ذهب أي منهم إلى وزارة المالية أو وزارة الفلاحة فيجب أن ينظموا لهم دورات لتأهيلهم لتحمل المسؤولية. الأرقام الرسمية تؤكد أن هناك حوالي 127 ألف عاطل عن العمل من أصحاب الشواهد العليا، وكل عام ينضاف سنويا إلي سوق الشغل حوالي 45 ألف عاطل من حاملي الشهادات. أمام هذا الكم الهائل من الأفواج المعطلة، هل هناك بدائل من أجل التوظيف، وما هي تلك البدائل المطروحة حاليا؟ لا يجب الاعتماد على المؤسسات الدولية، ومكاتب الدراسات الدولية لنقوم بهذا العمل، فيجب على الإدارة أن تكون مؤهلة للقيام بهذا العمل، لكن في حدود معقولة. فالمشكل المطروح في المغرب هو مشكل جودة التعليم. فشهادات التكوين في المغرب سواء المحصل عليها لا في الجامعات ولا في مدارس المهندسين تكوينها لا يرضي، مقارنة مع تونس ذات تكوين أعلى بكثير مما هو عليه الحال في المغرب فلا يكفي أن يحصل شخص ما على شهادة لنقول إنه مكون تكوينا جيدا. هناك مطالب كبيرة في المغرب سواء المطالب الاقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، فلأي المطالب تكون الأولوية؟ الذين سيتم توظيفهم تنقصهم دورات تكوينية وميزانية التأهيل. فالذي عنده دكتوراه في الكيمياء قد يرسل إلى جماعة محلية فماذا سيفعل؟ أو يرسل إلى وزارة المالية فماذا سيفعل؟ طبعا لن ينفع الإدارة. وإنما سيتوصل براتبه في آخر الشهر، هذه التوظيفات فقط لربح الوقت. المشكل الأساسي هو المشكل السياسي، فيجب تعديل دستور ,96 وأن نبني مؤسسات تمثيلية حقيقية. فالبرلمان يجب أن يكون برلمانا حقيقيا. والحكومة يجب أن تكون حكومة حقيقية. ولا أعني بهذا أن لا دور للبرلمان في الوقت الراهن، لكن المؤسسة ككل لا تؤدي وظيفتها وهذا راجع إلى الانتخابات وثقة المواطنين في السياسة فعندنا برلمان الأقلية وحكومة الأقلية باعتبار المشاركة المتدنية. الحكومة اتضح أنها لا تقوم بوظيفتها وهذا راجع إلى عدم فصل السلط. فإذا أردنا ملكية دستورية والمشي في هذا الاتجاه، لا يمكن البقاء على هذه الحال التي نحن عليها. الملكية الدستورية تعني أن تكون للحكومة والبرلمان السلط لتحاسب عليها، ودستور 96 يجب إعادة النظر فيه بخصوص السلط. أشرت إلى وجوب تكوين الأطر المدمجين في الوظيفة العمومية، وإعادة النظر في المنظومة التعليمية ونظام قانون المالية وتعديل دستوري. كيف يمكن للمغرب أن يضع قطار التنمية على سكته الصحيحة، وما هي الإجراءات الواجب اتخاذها؟ يجب أن تكون الانتخابات على أساس جديد، وآليات سياسية ضرورية من أجل مؤسسات يضع فيها المواطن الثقة وتمثله تمثيلا حقيقيا. كما يجب تنقية الأجواء على المستوى الحزبي والسياسي، وإعمال آلية المحاسبة . ويجب محاسبة كل الوزراء الذين تحملوا المسؤولية، فهناك وزراء قاموا بمهامهم، وهناك آخرون عتوا في الأرض فسادا. كما أن تعيين الموظفين الكبار يتم حسب المحسوبية وليس على أساس النزاهة والكفاءة فمجموعة من المؤسسات في المغرب على رأسها أشخاص يتحملون المسؤولية عن هذا الوضع. فلا يجب صرف النظر عن هذه المسائل فهم لا يستحقون المناصب التي يتواجدون فيها. هناك أشخاص أتى بهم إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق، وما يزالون يعينون في وظائف مهمة وحساسة. كما أن الزبونية لا يجب إبقاء العمل بها، ولا يجب أن يفهم من كلامي أني ضد هذا أو ذاك لكن هذا هو الواقع. وهناك موظفون يعينون بطرق لا علاقة لها مع مصلحة المغرب والصالح العام، فبعض المدراء يوجدون على رأس بعض المؤسسات الاستراتيجة لأزيد من 10 سنوات. يجب أن تكون هناك شجاعة من أجل التسريع من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، فمطالب شباب 20 فبراير معقولة، ويجب أخذها بعين الاعتبار.