الاستحلاف الإلكتروني أنا موظفة بشركة خاصة، ومع توفر خدمة الأنترنت أتلقى رسائل عديدة مفيدة تذكرني بفضائل شرعية، وهناك رسائل تكون مفيدة في المناسبات مثل رمضان وشهر ذي الحجة وغيرها من المناسبات. ما ألاحظه هو أن عددا من الرسائل يكتب فيها أصحابها في الأخير: ''أستحلفك بالله أن لا تترك هذه الرسالة تقف عندك، أرسلها لغيرك لتعم الاستفادة''. ما رأيكم في هذه الطريقة، فأنا شخصيا لم ترقني لأن في بعض الأحيان متلقي الرسالة يكون مشغولا وقد ينسى أن يرسل الرسالة فيظن نفسه آثما. وقد يفكر في بعض الأحيان أن لا يفتح مثل هذه الرسائل تفاديا للحرج. الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد، بارك الله في الأخت الكريمة وزادها حرصا على طاعة الله عز وجل، وعلى نشر ما يحبه الله تعالى من العلم والمواعظ والفوائد. الشبكة العنكبوتية وما تتيحه من خدمات طيبة نافعة، من نعم الله ومن فضائله على أهل زماننا هذا. والواجب مقابلتها بشكر المنعم سبحانه، فذلك سبيل مباركتها. قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم). ومِن شُكر الله تعالى عليها تسخيرها في مرضاة وليها ومسديها ومعطيها. ومن أهم أوجه الشكر استعمالها في التواصل الفعال النظيف بين الناس قصد تعميم الفوائد والمنافع التربوية والعلمية وغيرها. بخصوص التعبير الذي ذكرته الأخت الكريمة والذي يلاحظ في الكثير من الرسائل من مثل: (أستحلفك بالله أن لا تترك هذه الرسالة تقف عندك...)، في نظري نسجل عليه ملاحظتين: الأولى: هذا طلب حلف وليس حلفا. بمعنى أن صاحب الرسالة يلتمس من المستقبل أن يتعهد ويقسم على نشرها. وهذا ما تفيده صيغة الاستفعال. والمستقبل له الاختيار في التعهد أو غيره. فالأمر في حد ذاته ليس ملزما للمتلقي، فلا حرج عليه من حيث الأصل إذا لم يستجب. الثانية: القصد من هذه الصيغة هو الإلحاح والحرص على نشر هذا الخير المرسل. وهذا مقصد محمود ما في ذلك من شك. إلا أنه في نظري لا يناسب المنهج التربوي والدعوي المؤسس على الحكمة وعلى الاحترام للمرسل إليه. وذلك لأنه يسبب حرجا للمتلقي وإلزاما له بشيء ما ألزمه الله به، إضافة إلى أمر آخر جدير بالتنبيه عليه هنا وهو أن عددا مما يرسل ويتداول بين الناس على الأنترنت يفتقر إلى التمحيص العلمي لما يحمله من نصوص غير موثقة ومعاني غير موفقة. وعليه نغتنم الفرصة للدعوة إلى تمحيص ما يرسل من النصوص والمضامين وإلى اختيار الأساليب المشوقة لا المحرجة. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.