تزوجت من ''لحسن.. منذ سنوات عديدة، ولدي منه 10 أبناء لازال سبعة منهم على قيد الحياة، في حين وافت المنية الثلاثة الآخرين منذ سنوات..وتوفي بعدهم زوجي سنة ,1975 إلا أني وأبنائي لا نتوفر على أي وثيقة تثبت هذا الزواج، ولا يتوفر أبنائي على الحالة المدنية..''. ''كلثومة'' امرأة مسنة تقول إنها لا تتوفر على الوثائق الرسمية التي تثبت علاقتها بزوجها، وعدم توفر أبنائها على وثائق تثبت هويتهم..وهي تقف أمام هيئة المحكمة التي عقدت الجلسة في خيمة بسوق أسبوعي بجماعة آيت اعزة الموجودة بإقليم تارودانت، لتتقرب أكثر من المواطنين في إطار مواصلة وزارة العدل للحملة توثيق عقود الزواج، بعد تمديد الفترة الانتقالية لسماع دعوى الزوجية من أجل تسوية كل زواج غير موثق من خلال تعديل المادة 16 من مدونة الأسرة تقنيا ليستمر العمل على استصدار أحكام تبوث الزوجية قبل انتهاء المدة المحددة قانونا والتي ستنتهي في الأسبوع الأول من شهر فبراير .2014 واختارت وزارة العدل السنة الجارية افتتاح حملة توثيق عقود الزواج بمنطقة تارودانت، حيث المسالك الطرقية وعرة، وقلة ذات اليد، مما يساهم في اختيار المواطنين خلال الزواج بالفاتحة، بقراءة أيات من القرآن الكريم عوض تحمل مشاق السفر لتوثيق العقد، إذ تساهم الإكراهات الاقتصادية والثقافية إلى إغفال توثيق الزيجات بالرغم من أن المبدأ هو الزواج يجب أن يكون موثقا. محكمة متنقلة كانت أسئلة رئيس المحكمة إلى كلثومة دقيقة وبالأمازيغية ، وكانت كلثومة واعية بما يستوجب إحضاره لتبيث عقد زواجها، كانت جاهزة للجواب على كل أسئلة الرئيس، حيث ترد بكل تلقائية وصراحة، موضحة أن زواجها بالمرحوم ''لحسن'' كان بالفاتحة بحضور والدها، وفقيهين عرفت باسمهما، مؤكدة أن العلاقة الزوجية استمرت إلى حين توفي زوجها. ولم يفت ''كلثومة'' أن تأتي بشاهدين، كانا شابين لكنها أقرا بأنهما يعرفان السيدة، وأعادا ذكر أسماء أبنائها بطلب من رئيس الجلسة بعد تأدية القسم، وبعد أن وضح لهما عقوبة الشهادة الزور. قرر رئيس الجلسة إدخال ملف ''كلثومة'' للمداولة محددا لها موعدا آخر للبت في الأمر، والواضح أن هذه السيدة المسنة ستتمكن خلال هذا الشهر من الحصول على شهادة تبوث الزوجية، وعلى الأبناء أن يتقدموا بعد ذلك بدعوى للحالة المدنية. انتقل رئيس الجلسة إلى حالة أخرى، ويتعلق الأمر بزوج تقدم بطلب توثيق عقد الزوجية، إلا أنه لم يحضر زوجته ، ولا الشهود وأقر أمام الرئيس أنه متزوج منذ 10 سنوات بالفاتحة، ولديه أربعة أبناء لا يتوفرون على الحالة المدنية. وصرح أمام الهيئة على أن المبلغ المتفق عليه كمهر منذ 10 سنوات هو 2000 درهم، لازال بذمته، حيث وضح له رئيس الجلسة أنه سيتم تدوين ذلك بالعقد، مطالبا إياه بإحضار الزوجة والشهود خلال الجلسة الثانية. كانت الأمور تمر بشكل سلس، حيث يطرح القاضي أسئلة دقيقة على الأشخاص الراغبين في توثيق عقد الزواج، ويحدد أجلا آخر لدراسة الملف، إلا أن أغلب الملفات تحظى بالقبول. وفي نفس المنطقة وصلت نسبة الملفات المقبولة فيما يتعلق بقضايا ثبوت الزوجية السنة الماضية 60,86 في المائة. تقريب القضاء من المواطن يهدف تعديل المادة 16 من قانون مدونة الأسرة، الذي سمح بتمديد مدة إقرار الزوجية وثبوتها، لأمر إلى تقليص حدة هذه الظاهرة من جهة، ولمواصلة توعية المواطنين بأهمية توثيق عقود الزواج. وفي هذا الإطار، أكد محمد الطيب الناصري خلال ندوة صحفية بمناسبة افتتاح الحملة التحسيسية بمدينة تارودانت حول تطبيق المادة 16 من مدونة الأسرة، أن اختيار الوزارة لعقد جلسات لسماع دعاوى الزوجيو بالأسواق وخلال المواسم هو تقريب القضاء من المواطنين، وجعل القضاء في خدمة هذا الأخير، ومن خلال الجلسات التي تجرى بشكل عمومي بأسواق عمومية سيتمكن المواطنون من التعرف على مضامين المادة 16 من مدونة الأسرة، مشددا أن نسبة القضايا التي كانت أحكامها إيجابية قاربت 100 في المائة. وأكد الناصري أن عدد الملفات المتعلقة بطلبات تبوث الزوجية بداية سنة 2010 قاربت 9000 ألف طلب، وكان المفروض أن يصرح المعنيون بعدم القبول، إلا أن القضاة تريثوا في الحكم إلى حين تمديد النص لسماع تبوث الزوجية بإجراء تعديل على المادة 16 من مدونة الأسرة التي كانت تحدد المدة في خمس سنوات..فتم إضافة خمس سنوات أخرى بالرغم من الصعوبات التي رافقت طلبات التمديد لتمنح الفرصة للمواطنين الذين لا يتوفرون على عقود الزواج بالإسراع لتقديم طلباتهم. وأوضح الناصري أن النص القانوني كان يريد القضاء على الزواج بدون عقود، للقضاء على الفترة التي كانت تحكمها الأعراف، مشيرا أنه لخلق مجتمع منظم نحتاج إلى معاملات منظمة وموثقة. وأردف الناصري قائلا، إن الكثير من الأزواج ينكرون أبناءهم وزوجاتهم، ومن شأن عقود الزواج أن تقدم الحماية القانونية، وتحفظ الحقوق للزوجات التي تكن ضحايا ضعف الوازع الديني و الأخلاقي، والأبناء الذين يصيرون عرضة للشارع.