نحن دائما نقول نعم لمقاومة الاحتلال الأجنبي أينما كان وممن كان. نعم لمقاومة الغاصبين المعتدين بجميع الوسائل الممكنة السلمية والحربية. فمقاومة المحتلين حق مشروع بل واجب لا غبار عليه. ومن لم يستطع القيام به فواجب عليه دعمه ومساندته ماديا ومعنويا. ولكننا دائما نقول لا للعنف والقتال داخل مجتمعات المسلمين، سواء كان ذلك ضد الحكام أو ضد الأفراد أو ضد المجتمع أو بعض فئاته... ونقول لا لكل اعتداء ضد الأجانب الآمنين الأبرياء، سواء كانوا في بلدانهم أو في بلدان المسلمين. ونقول لا لقتل مواطنين وأخذهم بجريرة دولهم وحكوماتهم، والله تعالى يقول (أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى). إذا كنا نقول لا ثم لا، لكل اعتداء وترويع وإفساد وتخريب في كل هذه الحالات وأمثالها، فإننا نقول لا وألف لا حينما يتعلق الأمر بمكةالمكرمة البلد الحرام والبلد الأمين. البلد الذي جاءت حرمته من الله وجاء تأمينه من الله (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما".وهذا حينما يكون سفك الدم في الأصل جائزا، فلا يجوز سفكه بمكة إلا عند الضرورة القصوى التي لا بديل عنها. أما سفك الدم ظلما فهذا لا يحل بمكة ولا بغيرها. وأكثر من هذا، فإن مجرد حمل السلاح بمكة منهي عنه. بل حتى نباتها والكائنات الحية التي تعيش في حرمها فهي آمنة لا تقتل ولا تؤذى إلا إذا كانت ذات ضرر وخطر كالعقارب والأفاعي. وحتى حينما كانت مكة المشرفة تحت سيطرة المشركين يمارسون وثنيتهم وجاهليتهم ويمنعون منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين، فإن النبي الكريم قد تحاشى القتال فيها والقتال لأجل حق الدخول إليها للحج والعمرة. وفي غزوة الحديبية قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما يمكن تقديمه من أجل تلافي الحرب بمكة أو حواليها. وقال عليه الصلاة والسلام >والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها<. أما حينما يأتي ناس فيسربون إلى مكةالمكرمة الأسلحة الحديثة التي لا تستعمل إلا للقتال والدمار ويكدسونها في أحيائها وبيوتها، فهذا لا يجعلنا نقف عند حد الاستنكار والإدانة وقول لا وألف لا، بل يجعلنا بكل جدية نشك ونتساءل: من يفعلون هذا؟ ومن يدبرون هذا؟ ومن يقفون وراء هذا؟ هل هم من أهل مكة وأحباب مكة، أم هم من أعدائها وأعداء حرمتها وأعداء أمنها وأعداء الآمنين بها؟