ما كشفه نقاش لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي يوم الأربعاء 1 دجنبر 2010، حول قضية الصحراء المغربية وأحداث العيون يؤكد من جديد عمق التحديات التي تواجه المغرب في الساحة الأوربية، والتي تتجاوز أن تكون مجرد مشكلات عابرة أو سطحية، كما تفرض علينا اشتغالا هادئا ومكثفا حتى لا نجد أنفسنا أمام خيارات صعبة في المستقبل. لقد كان جليا أن الديبلوماسية المغربية خاضت معركة صعبة أثناء مناقشات اللجنة، ولم يقتصر الأمر على اليمين الإسباني بل تعداه ليشمل عموم المجموعات البرلمانية، سواء تعلق الأمر بالاشتراكيين الديموقراطيين أو باليسار الأوربي الموحد أو بالخضر أو بتحالف البيراليين الديموقراطيين، ويكفي هنا أن نذكر بأن أسوء التدخلات صدرت عن عضوين في مجموعة الاشتراكيين الديموقراطيين وهما ''بير أنتونيو بانزيري'' من إيطاليا والذي اقترح إرسال بعثة من البرلمان الأوربي إلى مدينة العيون، وللعلم فهو شخصية وازنة حيث يرأس بعثة البرلمان الخاصة بالعلاقات مع الدول المغاربية، ثم تدخل ''أنا غومس'' من البرتغال والتي قالت بأن ''عدد القتلى في أحداث العيون تراوح بين 500 و600 وذلك بحسب تقارير استخباراتية أوروبية'' أحالت عليها، وهو الرقم الذي لم تتجرأ دعاية البوليساريو على قوله لاستحالة تصديقه، أما مداخلات نواب المجموعات الأخرى فقد كانت أقل سوءا رغم حديثها عن توسيع صلاحيات المينورسو وتشديدها على احترام حقوق الإنسان. ينبغي الإقرار بوجود أزمة في علاقة المغرب بأقلية نافذة ومؤثرة في القرار في البرلمان الأوروبي، كما أن ردود الفعل التي صدرت عنهم أثناء المناقشة تدل على أن الاستراتيجية المتبعة لغاية اللحظة غير فعالة في تصحيح هذه الأزمة، وخاصة وأن المشكل قدم في المغرب على أنه مرتبط بالحزب الشعبي الإسباني، أما القدرة على إحداث فرز داخل البرلمان فقد ظهر أنها محدودة رغم أن المغرب يتوفر على إمكانات كثيرة للقيام بها، فضلا عن أنه من الخطأ اختزال القضية في مجرد ردود فعل بسبب دعاية الانفصاليين أو مواقف اليمين الإسباني، بل يبدو أن ما نجنيه اليوم هو نتاج سنوات من الغياب والفراغ أتاح للأطروحة المضادة الاشتغال بهدوء. ما شهده النقاش يكشف عن إرهاصات جنينية لتحول موضوع الصحراء إلى أحد المحددات المؤثرة على تطور علاقات بلادنا بالاتحاد الأوروبي، وأن القضية ستصبح موضوعا ثابتا وموجها لحوار المغرب مع الاتحاد عند تجديد اتفاقية الصيد البحري والتي من المقرر أن تتم في فبراير الماضي، فضلا عن احتمالات صدور توجيه يؤثر على الموقف الأوربي في مجلس الأمن في أبريل القادم أثناء مناقشة موضوع تمديد ولاية بعثة المينورسو واحتمالات توسيع صلاحيتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، هذا دون آثار الموقف على تطور مشروع إنجاح الوضع المتقدم. من الجلي أن البرلمان المغربي شبه غائب عن تشكيل قوة موازية ومضادة تستثمر ما يتيح الوضع المتقدم من علاقات مباشرة بين البرلمانين، والأكثر من ذلك فإن الخطاب الدفاعي غير صالح بالمرة في مواجهة الاستفزازات المتوالية، ومن ذلك القول في اجتماع اللجنة بأن الصحراء لا تمثل سوى 1 في المائة من الموارد الوطنية، وأن على أوروبا أن تحذر من معاقبة سكان الصحراء إذا ما ألغت اتفاقية الصيد البحري، وكأن المغرب هو من يسعى لتجديد الاتفاقية. بكلمة إن المغرب مدعو لتدشين تفكير هادئ وعميق فيما يجري في الساحة الأوربية، والقيام بالمراجعات اللازمة وذلك قبل فوات الأوان.