أكدت الأنباء الواردة من صخرة جبل طارق خلال بداية هذا الأسبوع، أن أكثر من ستة وعشرين ألفا من السكان المحليين انطلقوا في تظاهرة حاشدة كصيغة تعبيرية رافضة للمفاوضات الجارية بين إسبانيا وبريطانيا حول مستقبل الصخرة، في ظل ما راج حول مسألة السيادة المشتركة بالنسبة للبلدين، مؤكدين على أنه لا يمكن الموافقة على أي حل مقترح دون اللجوء إلى استفتاء شامل تعرض فيه جميع المشاريع من هذا النوع على السكان المحليين ليقولوا كلمتهم. هذا وقد أكدت بعض المصادر من داخل إسبانيا، أن الحكومة الإسبانية تنوي منع إجراء استفتاء لصالح البوليزاريو في مختلف المناطق الإسبانية، في محاولة منها لتحسين العلاقات الإسبانية المغربية التي تعرف تأزما ملحوظا. وتجري هذه التطورات في ظل ظروف صعبة يعيشها المغرب مع الجارة الجزائر بسبب قضية الصحراء المغربية، بعد مقترح ما سمي بالتقسيم الذي كانت الجزائر قد تقدمت به، والذي أظهر حقيقة الأطماع الجزائرية في الوصول إلى شواطئ الأطلسي، بخلق كيان وهمي يكون أداة لتحقيق مصالحها الضيقة على حساب مصالح دول المنطقة ذاتها وعلى حساب كل المؤسسات المغاربية القائمة. وتذكر بعض التحاليل أن بعض الأطراف في الحكومة الإسبانية تحاول استغلال هذه الوضعية القائمة، لتكريس مصالحها الضيقة خصوصا وأن عدة قضايا لا تزال عالقة بين البلدين والتي نجد ضمنها ملف المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، وملف الهجرة السرية، وملف الصيد البحري، وغيرها من الملفات التي تقف العديد من الجهات داخل التراب الإسباني والمعادية للمغرب حاجز عثرة أمام إيجاد مخرج لها. وكانت بعض التحاليل قد أوضحت على أن تصاعد نبرة العداء الإسباني تجاه المغرب راجع إلى التعبئة الواسعة التي يقوم بها خصوم وحدتنا الترابية في صفوف الهيئات السياسية الإسبانية، مستغلين في ذلك الغياب التام لتحرك الديبلوماسية المغربية للقيام بدور أكثر فاعلية لإيضاح حقيقة الوضع القائم للشعب الإسباني الذي أكدت هذه المصادر بأنه شعب صديق للمغرب، ويمكن تحقيق نتائج طيبة في هذا الإطار إذا تجاوزت الديبلوماسية المغربية حدود الأعمال المكتبية والأدوار الاحتفالية. والشيء الأكيد هو أن تأزيم العلاقات الثنائية بين المغرب والجارة والشمالية لا يستطيع أحد أن يدعي أنه في مصلحة البلدين، لذلك فليس هناك من حل أمام الجارة الشمالية سوى تجاوز النظرة الاستعمارية والسعي نحو أفق تشاركي تعاوني مع المغرب بما يضمن ويحقق مصالح البلدين. أحمد الوجدي