هل أقترض من أجل صديقي؟ طلب مني صديق أن أساعده ماديا وذلك بأن أقترض مبلغا من المال من البنك على أن يقوم هو بدفع الأقساط والفوائد. فهل أعتبر شريكه في الإثم إذا فعلت ذلك؟ من بقايا الاستعمار وإرثه الذي لا زال أهل العلم والفضل ينادون بتصحيح الأوضاع المختلة بوجود المعاملات الربوية في اقتصاديات المسلمين. ولا نزال ننادي ونذكر بأن المغرب بلد مسلم تاريخا وواقعا، وأبناؤه مسلمون، لا ترتاح ضمائرهم إلا بوجود ما يقتنعون به من البنوك الإسلامية التي نعتقدها دينا، ونعتقد غيرها من المعاملات الربوية كبيرة من الكبائر لا نقبل الوقوع فيها أو من يريد منا الوقع فيها. والمعاملة التي وقع السؤال عنها، معاملة ربوية بالإجماع، وهي بتعبير الحديث النبوي الشريف: ربا الجاهلية. وهي التي شنع الله تعالى على كل من تعامل بها بالقول:''الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ'' وما تسأل عنه تجاه صديقك مما سميته مساعدة، تعد شريكا له في الإثم المنهي عن المشاركة فيه، في قوله عز من قائل:'' وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان''. فأكدت الآية التعاون على الخيرات ، ونهت عن التعاون عن الآثام والمحرمات. وعن عبد الله بن مسعود قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه''. فمن أراد إيصال النفع للغير، فنيته وإرادته حسنة متقبلة إن شاء الله تعالى، إن كان هذا النفع من الحلال المباح. أما إن كان ما ستنفع به الغير من جنس المحرمات فلا تقربه بحال ولا تعن أحدا عليه، فإنك شريك في الوزروليس لك من الأجر شيء. والذي ينصح به في هذا المقام أن يصرف المسلم نظره عن الاقتراض أصلا إن كانت الحاجة غير ماسة أو شديدة، فإن الدَّيْن هَمٌّ بالليل ومذلة بالنهار، ويتأكد وجوب صرف النظر عنه إن كان من سبيل الحرام. فإن كان لا بد من الاستدانة فليبحث المسلم عن أهل الأريحية من المعارف أو الأقارب أو الأصدقاء. فإذا انعدمت السبل فلا يكلف الله نفسا إلا ما وسعته، فإن المحرمات لا تجوز ولا تحل إلا عند الضرورات التي يقدرها أهل العلم ويحكمون بها، وليس أمر تقديرها موكول إلى أي كان من لا يتوفر على المؤهلات العلمية في التقدير. وقد أصبح اليوم بين أيدي الناس معاملات بديلة في إطار الحلال رغم ما تعرفه من غلاء بالمقارنة مع منتوجات تقليدية أفضل من الارتماء في أحضان الحرام. وأخيرا: لا يجوز المشاركة ولا المساعدة من طريق المحرمات، وإنما الواجب البحث عن الطرق الحلال والبعد عن الحرام. ''وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ''.