أعلنت وزارتا العدل والداخلية أن الحكومة أمرت بمباشرة تحريات في ما أطلقته منظمات وطنية ودولية غير حكومية من اتهامات للسلطات الأمنية بممارسة التعذيب. وقد جاء ذكر بعض حالات التعذيب بالمغرب في عدد من التقارير، من بينها تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الأخير، وكذا تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي) حول الوضع الحقوقي بالمغرب. وأوضحت الوزارتان، في وثيقة حملت ملاحظاتهما حول تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عن وضعية حقوق الإنسان سنة 3002، أن النظام الداخلي ومناهج عمل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المعروفة اختصارا بديستي) «لا تختلف في شيء عن مثيلاتها في العالم»، و»أن إحداث هذا الجهاز أملته الحاجة إلى وضع مصلحة للاستعلامات مكلفة بالسهر على حماية وحفظ أمن الدولة ومؤسساتها». وزيادة في توضيح مهام الجهاز التابع إداريا لوزارة الداخلية، فقد جاء في الوثيقة أن المهام الموكولة له تتمثل في «البحث والوقاية في الأنشطة التي توحي بها أو تقوم بها، أو تساندها الحركات ذات الطبيعة التخريبية أو الإرهابية»، و»محاربة التجسس والتصدي لكل تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية». وفي ما يبدو ردا على ما رصدته الجمعيات الحقوقية ونشر في وسائل الإعلام بأن عناصر من جهاز مراقبة التراب باشروا عشرات من عمليات اعتقال واختطاف تلاهما تحقيق وتعذيب، ذكرت الوثيقة ذاتها أن ضباط الشرطة القضائية للإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي «هم الذين يقومون تحت مراقبة النيابة العامة بمباشرة التحريات والأبحاث وتقديم المشتبه فيهم إلى العدالة، وذلك اعتمادا على المعلومات المستقاة من الإدارة العامة للتراب الوطني». وشددت الوزارتان على أن موظفي المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني «لا يتوفرون على صفة ضباط الشرطة القضائية التي تسمح لهم بمباشرة عمليات إلقاء القبض، والتفتيش والحجز والاستنطاق»، بيد أنهما أي الوزارتان تركتا الباب مفتوحا على كل الاحتمالات، عندما أشارتا إلى عدم استبعاد وجود علاقة تعاون في ميدان الاستعلامات بين المديرية والشرطة القضائية، وعُلل الأمر بأنه «ممارسة سائدة في جميع أنحاء العالم». وتأتي هذه التوضيحات والشروح بعد تصريحات حكومية مقتضبة نافية وجود معتقل سري أو شيوع ممارسة التعذيب بالمغرب، كما أنها تأتي في سياق ما أعلن عنه رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ووزير العدل بأن مشروع قانون يتم إعداده، ويقضي بتجريم ممارسة التعذيب، وستكتمل به مجموعة القانون الجنائي. وحسب ما ذكرته وزارة العدل، فإن المشروع يتضمن مقتضيات تعرف التعذيب بما يتطابق والتعريف الوارد في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وتميزه عن الألم أو العناء الناتج أو المترتب أو الملازم لعقوبات قانونية، كما ينص المشروع على العقوبات المترتبة عن التعذيب والحالات المختلفة المرتبطة بها. محمد بنكاسم