أقر الرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد بالخطأ في منع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة مطلع تسعينات القرن الماضي، بعد أن تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ نهاية عام ,1991 وعلى إثره قدم استقالته. وأضاف في تصريحات نادرة، ضمن كتاب تناول الوضع بالجزائر مطلع التسعينات من القرن الماضي، إن السلطات أخطأت عندما منعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الوصول إلى الحكم، وهي الخطوة التي أدت إلى دخول الجزائر في دوامة من العنف حصدت أراوح عشرات الآلاف إبان احتدام المواجهات بين الإسلاميين والجيش في التسعينات. ضغوط سياسية ونقلت صحيفة ليبرتي الجزائرية، الاثنين الماضي، عن بن جديد قوله في الكتاب الذي أعده الباحثان اليابانيان كيسايشي ماساتوشي، وواتانابي شوكو، إن الجزائر كانت ستتجنب الوضع الخطير الذي تعيشه اليوم لو قبلت نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في ,1991 ويعتقد على نطاق واسع أن منع وصول الإسلاميين إلى الحكم هو الذي فتح أبواب جهنم على البلاد. ويعد موقف بن جديد (80 سنة) الذي استمر في السلطة 13 عامًا، شهادة مهمة على الفترة العصيبة التي مرت بها الجزائر، حيث آثر عدم التعاطي مع موضوع الحكم والإسلاميين والعنف في عهده، منذ تنحيه عن الرئاسة قبل قرابة 20 سنة، وفضل العيش منعزلاً بين وهران (غرب الجزائر) والعاصمة. وقال بن جديد إن قيادات الحزب الحاكم آنذاك (جبهة التحرير الوطني)، مارست عليه ضغوطًا من أجل التدخل لإلغاء الانتخابات، لأنهم كانوا خائفين، لكني قلت لهم إن الشعب الجزائري اختار الطرف الآخر، وإنني أقسمت على احترام الدستور واختيار الشعب. ولو ألغيت الانتخابات وبقيت في الحكم لقيل عني إنني أردت البقاء في السلطة. استقالة.. لا انقلاب وفي أعقاب فوز جبهة الإنقاذ خرج بن جديد من السلطة، وهو يقول إن ذلك كان بمحض إرادته، وينفي تعرضه لانقلاب عسكري أفضى إلى رحيله عن الرئاسة بعد الإعلان عن فوز حزب جبهة الإنقاذ، الذي كان صدمة قوية بالنسبة للنخبة العلمانية الحاكمة ولجنرالات الجيش آنذاك، وأوضح قائلا: من يزعم أن ما حدث انقلاب عسكري فهو مخطئ.. لقد تنحيت بمحض إرادتي، ومن دون أي ضغط. لكن على النقيض من ذلك يؤكد وزير الدفاع الأسبق، خالد نزار أن مجموعة من كبار الضباط، وهو واحد منهم، اجتمعت، غداة الكشف عن نتائج الانتخابات البرلمانية، وهم من أجبروا بن جديد على الاستقالة، لتبرير إلغاء نتائج الانتخابات. ومعروف أن العنف اندلع مباشرة بعد ذلك. وأفاد بن جديد حول هذه الفترة الحاسمة من تاريخ البلاد، قائلاً: لقد كنت أريد أن يتحمل الجزائريون مسؤولية اختيار ممثليهم بكل حرية. كان لا بد أن نحترم اختيار الشعب، وأن نمنح لجبهة الإنقاذ فرصة لتشكيل حكومتها. وحصلت جبهة لإنقاذ في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 26 دجنبر 1991 على 188 مقعدًا من أصل ,230 وكانت متوجهة لا محالة لتحقيق فوز عريض في الجولة الثانية من الانتخابات. ويقول بن جديد، الذي يوصف بأب الديمقراطية: لقد منحت الديمقراطية الإسلاميين للشعب الجزائري، وهو بالضبط ما حدث في فلسطين عندما صوت الشعب الفلسطيني لحماس، مشيرًا إلى أن عدم احترام اختيار الشعب كان خطأ كبيرًا. يذكر أن السلطات الجزائرية حلت جبهة الإنقاذ بحكم قضائي، بعد أشهر قليلة من إلغاء نتائج الانتخابات، وذلك بتهمة التحريض على العنف، وتهديد أمن البلاد، لتدخل البلاد في دوامة من العنف استمرت لسنوات حتى الآن هزت الاستقرار في البلاد.