قوبل عرض السلطات الهندية، السبت الماضي، بإطلاق حوار مكثف ومنتظم في القسم الخاضع لسيطرتها من إقليم كشمير لإنهاء المظاهرات التي تعم الإقليم، بالرفض من جانب قادة حركات المقاومة المطالبين بإنهاء الاحتلال. ورفض الزعيم الاستقلالي الكشميري سيد علي جيلاني، الذي نظم مظاهرات شبه يومية، في كشمير خلال الشهور الثلاث الأخيرة منذ مقتل صبي كشميري في السابعة عشر من عمره على يد الشرطة الهندية في يونيو الماضي. كما عرضت مراجعة الوجود الأمني في الإقليم، أول أمس، عرض الحكومة الهندية إجراء المحادثات، ومراجعة الإجراءات الأمنية في الإقليم الذي شهد مقتل أكثر من مائة شخص على مدار ثلاثة أشهر. وقال جيلاني في تصريحات للصحفيين إنها مبادرة غير واقعية تهدف إلى كسب الوقت وخداع الأسرة الدولية.. وإذا كان القادة في نيودلهي يتصورون أن الإفراج عن بعض الطلاب والتخفيف عن أسر بعض الشهداء سيخفف الشعور بالعزلة، فهم مخطئون، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. من جهتهم، قال قادة آخرون في الحركة الداعية لاستقلال كشمير إنهم سيجتمعون لمناقشة ردهم على المبادرة التي رأى جيلاني أنها ذر للرماد في العيون، وقال أحد قادتهم ياسين مالك سنناقش ذلك قبل أن نعطي ردنا. واشترط جيلاني (81 عامًا) في تصريحات سابقة قبل إجراء أي محادثات، اعتبار نزاع كشمير نزاعًا دوليًا، وطالب نيودلهي بسحب قواتها شبه العسكرية وإلغاء الصلاحيات الخاصة الممنوحة لقوى الأمن والإفراج عن السجناء السياسيين. وحذَّرت صحيفة (الغارديان) البريطانية من احتمال اتساع موجة العنف من قِبل الهند ضد الكشميريين، عقب إعلانهم رفض العرض على لسان سيد علي شاه جيلاني رئيس مؤتمر حريات الكشميري الذي يقود الانتفاضة ضد الاحتلال الهندي. وأشارت الصحيفة، في عدد السبت الماضي، إلى أن مسألة وقوع مزيد من الضحايا أصبح لا مفر منه، بعد دعوة جيلاني للمنتفضين بتنظيم إضراب شامل اليوم وغدًا؛ لإعلان رفضهم العرض الهندي الذي لم يتطرق إلى مسألة إجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم ذي الأغلبية المسلمة التي ترغب في الانفصال عن الهند. ونقلت الصحيفة تصريحات لمير واعظ عمر فاروق وهو أحد زعماء الانتفاضة الذي أكد أن رفض المبادرة الهندية جاء عقب امتناع وفد التفاوض الهندي عن لقاء قادة الانتفاضة، ولقائه فقط مع أحزاب لا تشارك في تلك الانتفاضة. وكان وزير الداخلية بي شيدامبارام ترأس وفدًا أرسله رئيس الوزراء مانموهان سينج إلى كشمير التي يشكل المسلمون غالبية سكانها، لكن القادة الكشميريين وصفوا الزيارة بأنها مهزلة، واعتبر عدد من الزعماء الاستقلاليين مثل مير واعظ عمر فاروق، ومالك ياسين زيارة الوفد مجرد خطوة دعائية لإخفاء عجز الحكومة لوضع حد لتصاعد الاضطرابات في كشمير. تفاصيل المبادرة وطرح الوزير الهندي خطة من ثمانية نقاط، من بينها إجراء محادثات مع القادة الداعين لاستقلال الإقليم ومراجعة الإجراءات الأمنية، وقال إن حكومة الهند ستعين مجموعة من المحادثين بإشراف شخصية كبيرة لبدء عملية حوار دائم مع شرائح واسعة من الكشميريين بما في ذلك المجموعات السياسية ومنظمات الشباب.ولم يكشف تشكيلة المجموعة التي ستسعى للوصول إلى الكشميريين على أمل تهدئة أكبر احتجاجات مدنية تشهدها البلاد منذ بدء حركة الاستقلال في ,1989 وهي أول مبادرة مهمة تطرحها الحكومة الهندية لإنهاء موجة الاحتجاجات. واتهمت وسائل الإعلام الحكومة التي يقودها حزب المؤتمر بالتساهل حيال دوامة العنف في كشمير. وأعلن شيدامبارام أنه سيعمل على الإفراج فورًا عن 255 شخصًا من الطلاب والشبان المعتقلين لرشقهم جنودًا بالحجارة. وأضاف أن الحكومة ستدرس أيضًا إمكانية خفض الوجود الأمني عبر نشر قوى الأمن في وادي كشمير خصوصا في مدينة سريناجار التي تشهد مقاومة مسلحة ضد نيودلهي منذ 1989 وينتشر فيها الجيش بكثافة. إجراءات أمنية وأوضح الوزير الهندي أن السلطات ستعيد النظر في تصنيف مناطق في كشمير على أنها قطاعات مضطربة، مما يمنح قوات الأمن بموجب قانون صلاحيات القوات الخاصة إمكانية إطلاق النار واعتقال مشبوهين ومصادرة ممتلكات. وكانت منظمات حقوق الإنسان دعت مرارًا إلى إلغاء القانون للتخفيف من قلق السكان، واعتبر الوزير الهندي أن هذه الخطوات سترد على قلق مختلف القطاعات في جامو وكشمير بما في ذلك المحتجين. ومن جانبه، رحب وزير الدفاع في حكومة كشمير عمر عبد الله بمقترحات شيدامبارام ووعد بالدعوة إلى اجتماع في الأيام المقبلة لمناقشة طرق خفض وجود القوات الأمنية في المدن. يذكر أن أكثر من 47 ألف قتيل سقطوا على مدار 20 عامًا في إقليم كشمير، حيث تتصاعد المطالب بالاستقلال عن الهند بين سكان هذه المنطقة ذات الأغلبية المسلمة، مما أدى إلى اندلاع حربين من ثلاث بين الهند وجارتها باكستان منذ القرار الذي بموجبه ضم كشمير إلى الهند في عام .1947 لكن حدة العنف تراجعت منذ بدء عملية سلام في 2007 بين الهند وباكستان التي تسيطر على قسم من كشمير.