يسافر بعض سائقي سيارات نقل البضائع أو الحافلات يوميا إلى مدن بعيدة، فهل يكون عليهم دائما تقصير الصلاة؟ قصر الصلاة في السفر صدقة تصدق الله بها علينا في قوله عز من قائل: ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: فاقبلوا صدقته رواه مسلم. فمادام العبد لم يدخل بيته، وما دام وصف السفر متلبس به، فلا يوجد في الشرع ما يفيد إلزامه بالإتمام. فهؤلاء الذين سفرهم مستمر معهم بحثا عن الرزق بالضرب في الأرض يجوز لهم قصر الرباعية: الظهر والعصر والعشاء. ويجوز لهم الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، في وقت إحداهما عند الحاجة. فالقصر رخصة السفر، والجمع لا يكون إلا عند الحاجة. لكن إن صلى المسافر خلف المقيم، لزمه إتمام الصلاة وليس يجوز القصر، فإنما جعل الإمام ليؤتم به. وقد كتب الحافظ ابن الصديق رسالته المشهورة:الرأي القويم في وجوب إتمام المسافر خلف المقيم. ويجوز للمسافر أيضا أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن، وإن احتاج إلى أكثر من ثلاثة مسح الأيام بعدد حاجته كما ثبت في السنة النبوية. ويجوز أيضا للمسافر الفطر في أيام الصوم التي يكون فيها مسافرا. ورأي أهل العلم فيمن سفره مستمر معه، إن أفطر أو بقي في ذمته أيام من الصوم، أن يصومها في الغنيمة الباردة، وهي فصل الشتاء حيث يقصر النهار وتخف المعاناة أو تنعدم. وهكذا فإن كل من أطلق عليه وصف المسافر، له أن يتمتع برخص السفر المبينة شرعا. ولسنا نعلم في نصوص الشريعة التفريق بين المستمر سفره والمحدد، حتى نفرق بينهما. وعليه: فإن سائقي سيارات نقل البضائع أو الحافلات المسافرين يوميا إلى مدن بعيدة، لهم أن يترخصوا بقصر الصلاة الرباعية، وإن طال زمن استمتاعهم بهذه الرخصة. فلا يتوقفون عن الاستمتاع بها إلا إن زال عنهم وصف السفر. فإن طال أمد استمتاعك بهذه الرخصة، وحاك في نفسك شيء، فقل: صدقة تصدق الله بها علينا، أفلا نقبل من الله صدقته. والله أعلم