أجرى جلالة الملك محمد السادس أول أمس حركة تغييرات كبيرة شملت الولاة والعمال والإدارة المركزية للداخلية، همت 42 موقعا إداريا ودلت على الرغبة في إحداث تحول في العلاقة ين السلطة والمواطن لدى الدولة، خاصة وأنها تأتي خلال أسابيع فقط بعد طرح الملك محمد السادس لمبادرة التنمية البشرية الشاملة في الشهر الماضي. وتعد هذه التغييرات والتعيينات الأكبر من نوعها منذ تلك التي قام بها جلالة الملك محمد السادس في يناير من عام 2000 بعد عام من وصوله إلى الحكم، وجاءت تلك التعيينات في تلك الفترة مباشرة بعد إعفاء وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري وتعيين أحمد الميداوي مكانه، وفي إطار بلورة المفهوم الجديد للسلطة.
وقد هيمنت على حركة التعيينات الجديدة لأول أمس التوجهات التكنوقراطية لأصحاب المناصب الجديدة، إذ لوحظ أن هناك غيابا كليا للحساسيات السياسية والحزبية في المعايير التي اتبعت في تلك التعيينات، كما أن غالبية الذين تم تعيينهم على رأس الإدارة الترابية سبق لهم أن شغلوا مهام داخل الديوان الملكي أو في وزارة الداخلية، وفي نفس الوقت يلاحظ أن التغييرات شملت المناطق الجنوبية المغربية حيث تم تعيين ثلاثة ولاة جدد هم أحمد حميدي واليا على جهة كلميمالسمارة وعاملا على إقليمكلميم، والشرقي اضريس واليا على جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء وعاملا على إقليمالعيون، ومحمد صالح التامك واليا على جهة وادي الذهب الكويرة وعاملا على إقليم وادي الذهب، وهو منحدر من الأقاليم الجنوبية ومن أسرة علي سالم التامك المعروف بمواقفه الجديدة من الصحراء المغربية وتأييده لأطروحة البوليساريو، وكان قد أكد إثر أحداث مدينة العيون في نهاية ماي الماضي في تصريحات لإحدى الصحف الإسبانية أن البوليساريومستعد للعودة إلى حمل السلاح، ويؤشر هذا التعيين الذي يأتي في ظل تعقيدات ديبلوماسية وداخلية تمر منها قضية الصحراء إلى إدراك الدولة أهمية وضع أبناء المنطقة في مواقع المسؤولية بها.
ومن جانب آخر لوحظ تعيين المستشار الملكي محمد القباج واليا على جهة الدارالبيضاء الكبرى وعاملا على عمالة الدارالبيضاء خلفا لمحمد الظريف الذي أدخل إلى الإدارة المركزية كملحق، وتعيين الناطق الرسمي باسم القصر الملكي حسن أوريد واليا على جهة مكناس تافيلالت وعاملا على عمالة مكناس. وشكل تعيين أوريد في موقعه الجديد مسألة مثيرة بالنظر لموقعه كناطق رسمي باسم القصر الملكي.
وشكلت هذه التعيينات مؤشرا على بدء الاستعداد لاختبار إمكانية اعتماد جهوية موسعة تشمل مختلف المناطق.