عجرم آه.. الغيوان .لا.. هكذا كان القرار في مراكش، وهكذا صدقت تنبؤات العديد من المهتمين في المجال الفني حين قالوا إن السلطات المحلية لن ترحب بإقامة مهرجان الظاهرة الغيوانية بالمدينة الحمراء بعيدا عن هيمنة وزارة الثقافة ومصالح الولاية وفي غياب رجل موزون يحمل المهرجان على أكتافه ويسير به إلى الأمام. وهكذا علق أحد الظرفاء قائلا إنه في زمن مغربي يعج صيفه وشتاؤه بالمهرجانات يمينا وشمالا جنوبا وشرقا لم يعد يهم سلطات مراكش أن يلتقي شباب المدينة بفنانيهم المغاربة ضمن مهرجان ملتزم يبوح بالكلمة الخالدة واللحن الأصيل،بالقدر الذي يهمها نجاح حفل غنائي لمطربة هيفاء أو عجرمية مستقدمة من الشرق ومؤدى عنها زبابل ديال الفلوس، ولا تحسن غير إبراز مفاتنها.. تلك هي إذن أصداء تأجيل المهرجان الظاهرة الغيوانية الذي كان مقررا انعقاده أيام 16 إلى 18 يونيو بمراكش ، وذلك بعد تعنت المجلس البلدي ورفضه تقديم أية مساعدة مالية أو لوجستيكية مقتديا بما فعلته الولاية والوزارة، وقد حدث ذلك بالرغم من أن فرقة ألوان المنظمة للمهرجان، وفي شخص رئيسها تنازلت عن حقوقها في وضع اسمها ضمن المنظمين وغيرها من الحقوق. كان من المقرر أن تقوم فرقة ألوان ومحبيها بمعية جمعيات حقوقية ومدنية بوقفة احتجاجية أما بناية المجلس الجماعي بمراكش واحتجاجا على نسف المهرجان يوم الخميس 16 يونيو إلا أنه تم إرجاؤها على وقت لاحق، والتركيز على المضي نحو إنجاح المهرجان بجهود ذاتية وبتعاون مع مختلف الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . عبد الحفيظ البناوي رئيس فرقة ألوان قال بمرارة واضحة إن عقدة الأجنبي مستحكمة في ولاة الأمور بمراكش، وليس لدينا إلا حل تأجيل المهرجان ليعقد في مدينة أخرى ربما تكون أكادير، مشيرا أنه صمد من أجل إقامة المهرجان ملبيا كل شروط المجلس البلدي المجحفة، كان آخرها عدم إدراج اسم فرقته ضمن لائحة المنظمين ، بل لجأ وباتصالات فردية إلى محسنين من أجل إطعام ستينا مسكينا، عقوا فنانا، بعدما رفضت سلطات الولاية تقديم الدعم بالإطعام بحجة أنها لم يبق لديها مال تنفقه على المهرجان. الجميل أن البناوي لم يبق مكتوف الأيدي بل وزع على الصحافة بيانا يحمل المجلس الجماعي مسؤوليته في عملية نسف المهرجان وستحتفظ الذاكرة المراكشية بهذه الممارسات المسؤولة للمهتمين بالشأن المحلي بمراكش والمنافية لكل مقتضيات تدبير الشأن الثقافي والفني في مدينة الرجال السبعة. البناوي كان محقا حيت أخبر الرأي العام الوطني والمحلي بكل مكوناته وأطيافه من أوساط ثقافية ودوائر سياسية وفعاليات ثقافية ومجتمعية، بالقول إن مهرجاننا المنبثق من القواعد الشعبية العريضة وامتدادات الشارع المغربي محليا وجهويا ووطنيا والمساهمة في التفاعل مع الشباب والتعبير عن واقعه وآفاقه والمشاركة في تأطيره فنيا وإخراجه من بوثقة الانحلال والتطرف وتأسيس نمط جديد لديه للتعامل مع الثقافة الفنية الإبداعية المغربي لا بد من دعم مادي ومعنوي وإعلامي مادام يصب في اتجاه تحديث المجتمع وعصرنة الثقافة الوطنية. نشاطر البناوي الرأي كما شاطره الكثير من المهتمين والإعلاميين الذين أهابوا بكل الضمائر الحية التي يزخر بها الوطن الحبيب في آن واحد تتوحد من أجل إنجاح هذه التظاهرة الفنية التي تسعى في أن تكون رائدة ومنتجة وان تؤسس تقليدا راسخا من اجل تنمية الثقافة الوطنية وتعزيزها وتحصينها ضد كل أشكال العولمة الشرسة والاستهلاك المجاني. خلاصة القول إن جمهور مراكش لن يستمتع ب ما يدوم حال يا مجدوب الغيوان..روحنا يا العريس لأمك حادا ومن عندو محبوبو عازوو يا سيدي والناس راكدة ركدها برد الليالي .. ما يدوم حال لا تبكي يا لالا .. لي ضاع يخلفوه الرجالة .. لي ضاع يخلفو مولانا... والحقيقة كما قال صاحبنا الظريف أنه لن يدوم الحال القائمين على الشأن الثقافي في مجلسنا الموقر الذي يتمنى الكثيرون رحيله. عبد الغني بلوط