كشف الجدل الدائر حول استراتيجية الحرب الامريكية في افغانستان عما اعتبره البعض خلافات في وزارة الدفاع الامريكية البنتاغون حول إدارة المعركة في قندهار وحجم وسرعة التقدم الواجب إظهاره. وتجيء هذه الرسائل المتضاربة في وقت يرسم فيه تقرير أصدرته الأممالمتحدة صورة متشائمة عن الوضع في أفغانستان بسبب تردي الوضع الأمني بشكل يهدد أي خطوات نحو استقرار الدولة التي مزقها الاحتلال الأطلسي، كما يأتي في وقت حساس بالنسبة للبنتاغون، حيث يشعر البعض بالقلق من ان شعورا سلبيا بدأ يقلص تأييد الرأي العام الامريكي لاستراتيجية الرئيس باراك أوباما قبل ان تأخذ زخمها الحقيقي. وفي مؤتمر صحفي عقد الخميس الماضي رفض جيف مولر المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية تلميحات بوجود انقسامات داخل الجيش حول الاستراتيجية. وقال مولر إن أي فجوة بين وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ورئيس هيئة الاركان المشتركة مايك مولن حول الاهمية الاستراتيجية لتأمين قندهار هي في الاساس لغوية لا جوهرية. وقرر أوباما في دجنبر إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان في إطار استراتيجية معدلة تركز على تأمين قندهار الإقليم الذي شهد نشأة حركة طالبان الافغانية في مسعى لقلب موازين الحرب المندلعة منذ نحو تسع سنوات. وقال رئيس هيئة الاركان للكونغرس الامريكي الأسبوع الماضي إن الحملة العسكرية على مدينة قندهار الجنوبية ستكون حاسمة بالنسبة للحرب كلها، واستطرد كيفما تسير الامور في قندهار ستسير في أفغانستان. وأثارت تصريحات مماثلة لمولن أدلى بها في مارس الماضي دهشة بعض مسؤولي البنتاغون الذين يرون أنه يبالغ قليلا بتصوير قندهار على أنها العنصر الحاسم لتغيير قواعد اللعبة. وفي المقابل، حاول وزير الدفاع الامريكي في تصريحاته الاخيرة التهوين من الرأي القائل بأن كل جهود الحرب تعتمد على قندهار وقال للصحفيين في بروكسل الأسبوع الماضي أعتقد أنه من المهم أن نتذكر أن قندهار ليست أفغانستان. وقال جيتس إن قندهار وإقليم هلمند المجاور لهما أهميتهما، لكنهما ليسا الإقليمين الوحيدين اللذين لهما أهمية فيما يتعلق بتحديد نتيجة الصراع. وركز جيتس على ضرورة تحقيق تقدم بحلول نهاية العام حين يراجع البيت الابيض جهود الحرب وصرح بأن هذا الهدف قابل للتحقيق. وخلال شهادته امام الكونغرس الأسبوع الماضي قال مولن إنه سيتضح بحلول نهاية العام أين نقف من مسعى قلب موازين الحرب. لكن بعض المسؤولين العسكريين ذكروا في أحاديث خاصة انهم يشكون في إمكانية الحكم على مدى نجاح الاستراتيجية قبل حلول الصيف القادم وهو الموعد الذي حدده تقريبا أوباما لبدء سحب القوات الامريكية من أفغانستان اذا سمحت الظروف بذلك. وصرح مولر المتحدث باسم البنتاغون بأن جيتس لا يحاول التقليل من أهمية قندهار في تحقيق نجاح نهائي في العملية الافغانية، لكنه أراد أن يضعها في السياق. وحين سئل عما اذا كانت الولاياتالمتحدة يمكنها أن تنجح في أفغانستان بدون أن تنجح في قندهار، قال مولر أعتقد أن قندهار ضرورية للنجاح النهائي للعمليات في أفغانستان. العنف يزداد في سياق متصل، رسم تقرير أصدرته الأممالمتحدة، أول أمس، صورة متشائمة عن الوضع في أفغانستان، ولفت إلى تردي الوضع الأمني وازدياد مطرد في هجمات المقاومة الأفغانية بشكل يهدد أي خطوات نحو استقرار الدولة التي مزقها الاحتلال الأطلسي. وقال الأمين العام للمنظمة الأممية، بان كي مون، في أحدث تقاريره إلى مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي: الهجمات العشوائية للعناصر المناهضة للحكومة ضد الأهداف المدنية، وممثلي الحكومة وقوات الاحتلال الأجنبية، مستمرة. وتحدث التقرير عن عدم استقرار الأوضاع في أفغانستان، مشيرًا إلى الاتجاه نحو استخدام العبوات الناسفة في تزايد مثير للقلق، إلى جانب عمليات الهجمات المعقدة الأخرى. وأشار التقرير إلى تزايد حاد في التفجيرات باستخدام العبوات الناسفة، بواقع 94 في المائة، خلال الربع الأول من العام، مقارنة بذات الفترة العام الماضي، كما شهد اغتيال المسؤولين الحكوميين قفزة كبيرة خلال الفترة، بلغت 45 في المائة. وتطرق التقرير كذلك إلى مؤشرات إيجابية؛ كمد الحكومة الأفغانية الموالية للاحتلال يدها للمسلحين، وعرض حوافز اقتصادية لإلقاء السلاح ونبذ العنف. وفي هذا الصدد، قال الأمين العام للأمم المتحدة: نتائج اللويا جيركا للسلام، خطوة نحو الوصول إلى كافة الأفغان للدعوة لحوار شامل يهدف لتحقيق الاستقرار والسلام في أفغانستان. وأكّد المسئول الأممي أنّ الانتخابات البرلمانية ستجرى في موعدها المحدد في 18 شتنبر، كما أشار إلى مؤتمر دولي حول أفغانستان يُعقد في العاصمة كابول في 20 يوليوز المقبل، في متابعة لمؤتمر لندن الذي عقد في يناير الماضي، لمناقشة التطورات السياسية والاقتصادية في ذلك البلد. ويأتي التقرير الأممي مخالفًا لتقديرات وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون، الّذي أشار إلى تقدم ثابت لكن ببطئ في أفغانستان. كما أبدى وزير الدفاع الأمريكي، روبرت جيتس، قلقه حيال نبرة التشاؤم والسخرية إزاء نتائج العمليات العسكرية الّتي يقودها جيش الاحتلال الأمريكي في أفغانستان. كما يأتي هذا التقرير في وقت ارتفعت فيه عمليات المقاومة الأفغانية ومقاتلي طالبان، ضد قوات الاحتلال الأمريكية وأعوانها واستعادتها السيطرة على عدد من قرى ومدن الجنوب.