في غمرة المصاعب التي تعرفها القوات الأطلسية بأفغانستان بفعل تصعيد حركة طالبان من عملياتها القتالية، سربت دوائر حكومية أمريكية خبرا عن اكتشاف الولاياتالمتحدة مخزوناً هائلاً من المعادن في باطن الأراضي الأفغانية تقدر قيمته بحوالي تريليون دولار، وهو كاف ليغير جذرياً الاقتصاد الأفغاني وربما الحرب الأفغانية عينها!.. ومن شأن هذا الخبر وبغض النظر عن صحته أن يصور لدافع الضرائب الأمريكي، المستاء من إهدار الأموال في حروب عبثية، عملية غزو افغانستان على أنها مجزية وتستحق ثمن مواصلتها رغم الخسائر المتزايدة في الأرواح والأموال. وطرح في غمرة الضربات الموجعة التي وجهتها طالبان لأمريكا وحلفائها بأفغانستان، بقوة خيار الانسحاب، الامر الذي أثار تساؤلات محرجة في الشارع الغربي حول جدوى تلك الحرب إذا لم تنجح واشنطن حتى في القضاء على طالبان وتركيز حكومة قوية موالية لها. ويقول ملاحظون إن لبطء التقدم العسكري الأمريكي في قندهار معقل طالبان الافغانية تأثيرا كبيرا على جهود الرئيس الامريكي باراك أوباما للحفاظ على دعم الرأي العام الامريكي للحرب في أفغانستان. ويبدو التلويح بالمغريات الاقتصادية أمرا مناسبا للتغطية عن الفشل الأمريكي العام بأفغانستان. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن المخزون المعدني الافغاني غير المعروف سابقاً هائل وضخم جداً، ويتضمن الحديد والنحاس، والكوبالت، والذهب، ومعادن حساسة مثل الليثيوم، وكثيراً من المعادن المهمة في الصناعة الحديثة ما قد يحوّل أفغانستان إلى واحدة من أهم مراكز التعدين في العالم. ويلاحظ هنا التركيز على المعادن الداخلة في الصناعات الحديثة مثل الحواسيب والهواتف النقالة وهي معادن محل تكالب دولي في ظل ازدياد الطلب العالمي على المنتجات التي تصنع منها. وأضاف هؤلاء المسؤولون إنه تم مؤخراً تقديم إيجاز للحكومة الأفغانية والرئيس حامد كرزاي عما اكتشفه فريق صغير من مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون ومن الجيولوجيين الأمريكيين. ولفتت الصحيفة إلى أن مذكرة داخلية للبنتاغون وصفت أفغانستان بأنها قد تصبح في مجال الليثيوم كالسعودية في مجال النفط. ويعد الليثيوم معدنا أساسيا في صناعة بطاريات الحواسيب والهواتف النقالة. وأشارت إلى أنه على الرغم من أن تطوير صناعة التعدين في أفغانستان يستغرق أعواما غير أن المسؤولين والمديرين في هذا المجال يعتقدون ان من شأنها أن تجذب استثمارات ضخمة إلى هذا البلد وستخلق فرص عمل في البلاد تبعد أجيالا عن الحرب. ونقلت الصحيفة عن قائد القيادة الأمريكية الوسطى الجنرال ديفيد بترايوس قوله إن هناك إمكانيات مذهلة، لكنه أضاف هناك بالتأكيد شروط كثيرة، لكنني أظن بقوة أنها هامة جداً. وقال المستشار في وزارة المناجم الأفغانية جليل جمرياني، هذا سيصبح العمود الفقري للاقتصاد الأفغاني. وتخوّف نائب وكيل وزارة الدفاع للأعمال والمسؤول عن فريق البنتاغون الذي اكتشف المخزون من المعادن، بول برينكلي من خلاف بين الحكومة الأفغانية والزعماء القبليين للمقاطعات التي اكتشفت فيها المعادن. وكان فريق من الجيولوجيين الأمريكيين أرسل إلى أفغانستان للعمل وفقاً لمعطيات وخرائط قديمة جمعها خبراء سوفيات في قطاع المناجم خلال احتلال الاتحاد السوفياتي لهذا البلد في ثمانينات القرن الماضي وخبّئت بعد انسحاب السوفيات في العام 1989 لدى جيولوجيين أفغان أعادوها في التسعينيات إلى المكتبة الجيولوجية في العام .2001 وقال أحمد هوجابري المهندس الأفغاني الذي كان يعمل في وزارة المناجم في السبعينيات كانت الخرائط موجودة لكن لم يحدث أي تطور في هذا المجال، بسبب 30 أو 35 سنة من الحرب.